بطرس حرب وزير الاتصالات اللبنانى، سياسى مخضرم، يُطلق عليه لقب الشيخ بطرس، رجل قانون ونائب ووزير لمرات عديدة فى حكومات كثيرة منذ عام 1972 وحتى الآن. هو رقم فى المعادلة السياسية فى لبنان، يُطرح اسمه كثيرا كلما جاءت فترة رئاسية جديدة، وكان أول من طرح برنامجا رئاسيا برغم أن ذلك غير معمول به فى لبنان هدف من خلاله أن يكون نموذجا لما يجب أن يكون عليه المرشح للانتخابات الرئاسية فى لبنان. فى ضاحية الحازمية بلبنان، وفى مكتب المحاماة الخاص به، تحدد اللقاء بينى وبينه، قابلنى مهنئا باختيارنا للمشير السيسى رئيسا للبلاد، وكان هذا الحوار : شارل ديجول، نقل فرنسا من الجمهورية الرابعة إلى الخامسة، واستبدل انتخاب البرلمان لرئيس الجمهورية، بالاقتراع الشعبى المباشر، متى نرى ذلك فى لبنان؟ صراحة، لا أعلم هل يتحمل الجسد اللبنانى نظاما رئاسيا، أو نصف رئاسى، فالوجود السياسى والطائفى فى لبنان، وإن كان من العناصر الجيدة فى لبنان، فهو من العناصر المعطلة لهذا النوع من الخطوات، ولكن إذا أردنا أن تتقدم لبنان حقا، فإن النظام الرئاسى أو نصف الرئاسى يحول الحياة السياسية بعد إلغاء الطائفية فى لبنان بكل أشكالها ، إلى دولة قادرة على اتخاذ قرارات دون الخضوع لاعتبارات نعرفها، لكننا ندرك أن ذلك الأمر فيه صعوبات، خاصة فى عالم يرجع إلى الوراء، فى عالم تغلب عليه عناصر التعصب والانغلاق والعنف والطائفية، وبالتالى لن يكون لبنان جزيرة معزولة عن العالم، وأن يتطور نحو اللا طائفى. قلت إن لبنان فى امتحان صعب، وإذا فشل فسيظهر أمام العالم بشكل سيىء، لماذا فشل؟ هو لم يفشل، ولكن ما زال الفشل واردا والنجاح أيضا. كيف؟ من أسف القول، أننى كلبنانى مؤمن بالصيغة السياسية اللبنانية، وصيغة الحياة المشتركة، ولكن التوافقية اللبنانية الآن تحولت من توافقية ديمقراطية إلى تعسف واستبداد، ناتج عن الخروج عن الروح الميثاقية القائمة على المحبة وقبول الآخر، وما حدث حقيقة بعد خروج حزب الله إلى الساحة السياسية اللبنانية وتحالفه مع بعض الفرقاء الآخرين، حول هذا الفريق المسلح والموجه للخارج، إلى فريق كاسر للتناغم اللبنانى، وضرب مبادىء وقواعد الحياة الديمقراطية، وسأضرب مثلا على ذلك، نحن فى هذه الفترة يفترض حسب الدستور انتخاب رئيس جمهورية، من خلال مجلس النواب، وقد قرر حزب الله وميشال عون تعطيل مجلس النواب وليس الخضوع للعبة الديمقراطية، فعطلوا عمل المؤسسة الدستورية الأولى الأم فى لبنان مجلس النواب فى أهم عمل تقوم به وهو انتخاب رئيس جمهورية. وما الهدف من التعطيل ؟ يريد العماد ميشال عون أن يكون رئيسا للجمهورية، فهو يقول: « أنا أو لا أحد» أنا أو لا جمهورية، أنا أو لا نظام، فهو أمن هو وحزب الله الأكثرية المعطلة، وبالتالى عطل انتخاب رئيس جمهورية. التقى العماد عون بسعد الحريرى فى فرنسا مؤخرا، فما كان الهدف من اللقاء؟ ما حدث فى مجمل اللقاء، أن العماد عون بعث برسالة أننى قادر على تعطيل الانتخابات، وإذا أردتم ترشيح أحد فليكن أنا. هل تشعر بمخاوف على لبنان فى الفترة المقبلة؟ نعم، فحين يسقط النظام الديمقراطى، فإن طرفا من اللبنانيين أيا كان هذا الطرف يبتز اللبنانيين الآخرين، من أجل تسليم السلطة ولكن بدلا من تسلمها بالسلاح يتسلمها بتعطيل البلد، وهذا اسميه انقلابا، ولكنه انقلاب من نوع آخر بوسيلة حديثة على الطريقة اللبنانية، فإما أن تسلمونى البلد بالانتخاب أو لن تجرى الانتخابات، وهذا ما يجعل لبنان فى خطر، ونظامه أيضا فى خطر، وهو ما يتحمل مسئوليته العماد ميشال عون وحزب الله. هل تتخوف أن تنتهى مهمة حزب الله فى سوريا، فيرتد ينتقم من مهاجميه فى لبنان؟ حقيقة حزب الله فى ممارساته فى لبنان، يختلف عن ممارساته خارج لبنان، فالتركيبة الاجتماعية والسياسية والدينية والمذهبية فى لبنان، تجعل حزب الله يدرك تماما أين حدود اللعبة، ولا اعتقد أن لديه القدرة فى أن يتمادى فى الانتقام ممن يعتبرهم خصومه. عودة للانتخابات الرئاسية مرة أخرى، البعض يتخوف من تكرار أحداث 7 آيار 2008 وحدوث عنف حتى يأتى رئيس للبنان، ما رأيك فى ذلك؟ «إن شاالله لأ» ولكن لا معنى للرئيس الذى يصل إلى القصر على حساب دم وأبرياء يموتون، وباختصار أنا عندى شعور أن الدولة اللبنانية والنظام الديمقراطى ينهار، وهناك عملية إنقاذ لهذا الانهيار، إذا ما تمت الانتخابات الرئاسية. بعد الخلاف على اسم الدكتور سمير جعجع والعماد ميشال عون، ثمة من طرح اسم العماد جان قهوجى وحاكم المصرف المركزى رياض سلامة؟ كلاهما يحتاج تعديلا دستوريا. ولكن فى 2008 تم اختيار الرئيس السابق ميشال سليمان، فهل كان ذلك خلافا للدستور؟ نعم، ما تم وقت اختيار ميشال سليمان كان مخالفة أساسية للدستور، ولكن ما حدث قبلها وما شهدته لبنان من أحداث تم التغاضى عن ذلك، ومع ذلك لا أريد أن تكون المخالفة سابقة يُبنى عليها، كما أننى ضد أن تصير عادة بأن يأتى عماد الجيش رئيسا للجمهورية.. الانقسام الحادث فى لبنان، خاصة فى الطائفة المارونية، ألا يهدد ذلك وحدة الصف المسيحى خاصة مع ما رأيناه فى العراقوسوريا ؟ وضع المسيحيين فى لبنان يختلف عن وضع كل المسيحيين فى كل الدول العربية، فهم لهم دور تاريخى، وأتفق معك فى أن ما يحدث فى العالم العربى يؤثر فى معنويات المسيحيين فى لبنان، وهم ليسوا خائفين، هم قلقون. والنزاعات المارونية- المارونية، نزاعات تاريخية وليست جديدة، واعتبر أن الوضع المارونى وتنوع الآراء والأفكار فيه، هو مظهر صحى وليس مرضيا، بينما توحيد القرار فى الطوائف الأخرى هو المرض، فنحن نرى الآن أن حسن نصر الله هو الناطق الوحيد باسم الشيعة، ولا أحد يعترض على أى قرار يتخذه، وكذلك فى الطائفة السنية فإن الشيخ سعد الحريرى هو الناطق باسم السنة، إذن ذلك مظهر مرضى، ونحن من دعاة أن يكون فى الشيعة والسنة تعدد للآراء والقيادات مثل الموارنة، فحقيقة إذا اصطفت كل طائفة وراء زعيم، أصبح لدينا ثلاثة لبنانات، وانعدمت وقتها الأحزاب السياسية ، ومن ثمّ فإن الوضع المارونى على الصعيد الديمقراطى أسلم الأوضاع.