قتل عشرات من المدنيين وعناصر القوات العراقية ومسلحون، خلال اشتباكات فى تلعفر بشمال العراق، حيث تمكنت مجموعات مسلحة تنتمى إلى تنظيم »داعش« وتنظيمات مسلحة أخرى بعد قتال استمر منذ السبت الماضى، من السيطرة على معظم أجزاء القضاء، الذى يقع فى منطقة استراتيجية قريبة من الحدود مع سوريا وتركيا، وسط نزوح آلاف العائلات. وقال نائب رئيس مجلس محافظة نينوى نور الدين قبلان:«هناك 50 شهيدا من المدنيين الذين سقطوا جراء الاشتباكات والقصف، وهناك أيضا عشرات القتلى من المسلحين والقوات الأمنية«. وأضاف أن المسلحين يسيطرون على معظم أجزاء القضاء، لكن لاتزال هناك بعض جيوب المقاومة من قبل القوات الأمنية والأهالى وبينها أجزاء من المطار. وفى بعقوبة، قتل 44 شخصا بالرصاص داخل مقر للشرطة فى وسط المدينة، بشمال شرق بغداد، خلال تعرضه لاقتحام استمر عدة ساعات من قبل مسلحين. وأوضحت مصادر أمنية وطبية أنه عثر على 44 جثة لرجال مقتولين بالرصاص داخل مركز شرطة المفرق، وسط مدينة بعقوبة. وفى الوقت نفسه، قال مسئولون بمصفاة بيجى أكبر مصافى النفط العراقية أمس، إن المصفاة أغلقت الليلة قبل الماضية، وتم إجلاء العمال الأجانب بها، وإن العمال المحليين باقون فى مواقعهم وإن الجيش مازال يسيطر على المنشأة، وذلك بعد دخول مسلحين من تنظيم »داعش« بيجى وحصارهم المصفاة بعد أن سيطروا الأسبوع الماضى على الموصل ثانى أكبر مدن العراق. وفى غضون ذلك، أعلن رئيس وزراء كردستان العراق نيجيرفان بارزانى، أمس أنه »من شبه المستحيل« أن يعود العراق كما كان عليه قبل احتلال جهاديين سنة للموصل، ثانى أكبر مدن العراق، قبل أسبوع، واعتبر أن السنة يجب أن يكون لهم الحق فى أن يقرروا إقامة منطقة خاصة بهم مثل كردستان. وقال إذا اعتقدنا أن العراق يمكن أن يعود كما كان عليه قبل الموصل، لا أظن أن ذلك سيحصل، هذا شبه مستحيل. وأضاف بارزانى علينا أن نجلس جميعا معا ونجد حلا ونعرف كيف يمكن العيش معا، مؤكدا أنه »سيكون من الصعب التوصل إلى حل مع رئيس الوزراء نورى المالكي. وقال الحل ليس عسكريا. يجب فتح عملية سياسية. ان الطائفة السنية تشعر بأنها متروكة، ويجب أن تشمل العملية مختلف العشائر والمجموعات. وأضاف أنه يجب أن نترك المناطق السنية تقرر لكننى اعتقد ان النموذج الافضل لها هو ان تقيم منطقة سنية كما فعلنا فى كردستان. وعلى المستوى الدولى، اعتبر مبعوث الأممالمتحدة فى العراق نيكولاى ملادينوف أن الهجوم الذى يشنه المقاتلون منذ أسبوع يشكل «تهديدا لبقاء» هذا البلد وأكبر خطر على سيادته منذ عدة سنوات. وقال ملادينوف متحدثا عن الأزمة التى يمر بها العراق: إنه تهديد لبقاء العراق لكنه يشكل أيضا خطرا جديا على المنطقة. وفى الوقت نفسه، تباحثت الولاياتالمتحدة مع إيران »باقتضاب« فى الأزمة العراقية، وذلك على هامش المفاوضات النووية التى استضافتها فيينا أمس الأول، محذرة من أن حل مشاكل هذا البلد ليس بأيدى أى دولة من الخارج. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية مارى هارف الموجودة بالعاصمة النمساوية لشبكة »سى إن إن: «جرت مباحثات مقتضبة فى مجموعة 5+5 حول العراق، مباحثات جد مقتضبة، وأضافت أن المستقبل سيحدد ما إذا كنا نريد أن نستمر فى الحديث مع إيران بشأن العراق. وذكرت هارف بأن الولاياتالمتحدةوإيران لديهما «مصلحة مشتركة» ضد تنظيم (داعش)، لكنها شددت على أنه لا دولة خارجية يمكنها أن تحل مشاكل العراق. نحن بحاجة لتدخل قادة سياسيين عراقيين من مختلف الاتجاهات. جاء ذلك فى الوقت الذى أعلن فيه الرئيس الامريكى باراك أوباما أن 275 جنديا أمريكيا بصدد الانتشار فى العراق لحماية سفارة الولاياتالمتحدة فى بغداد والمواطنين الأمريكيين الموجودين فيها. وفى لندن، قال وزير الخارجية البريطانية وليام هيج أمام مجلس العموم (البرلمان) إن هناك 400 بريطانى تقريبا يقاتلون فى سوريا وبعض هؤلاء »يقاتل حتما مع تنظيم داعش«. وأضاف هيج، فى تصريحاته التى نقلتها صحيفة »ديلى تليجراف« البريطانية: »فى الوقت الذى يعد فيه معظم أفراد التنظيم عراقيين وسوريين، فإنهم يشملون أيضا عددا كبيرا من المقاتلين الأجانب بين صفوفهم. فى غضون ذلك، رأت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أنه ينبغى لسياسة الولاياتالمتحدة فى العراق أن تستهدف أولا دفع البلاد باتجاه تكوين حكومة وحدة وطنية يشكلها السنة والشيعة والأكراد. وذكرت الصحيفة - فى مقال افتتاحى أمس - أن المكاسب التى يحققها تنظيم »داعش«، والخطر الذى يمكن أن تشكله للغرب جعل إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما تفكر بجدية فيما يمكنها القيام به من أجل منع تكوين دويلة جهادية تمتد من العراق عبر الحدود إلى داخل سوريا.