حظيت الثقافة والفنون بجانب من اهتمام رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي، فى خطابه الذى ألقاه فى احتفالية قصر القبة بتوليه مقاليد الحكم، وما تضمنه من رؤية لتحقيق طموحات المصريين، مما منح الفنانين الأمل فى استعادة مصر لدورها الريادي، واستعادة الهوية المصرية بعد الخروج من النفق المظلم، وبقى السؤال: ماهو السبيل لاتخاذ خطوات إيجابية نحو التنمية الثقافية والفنية. عبر الدكتور صلاح المليجى رئيس قطاع الفنون التشكيلية عن طموحاته بربط العملية التعليمية بالثقافة، وتنظيم زيارات للمتاحف بغرض تنمية الوعى الثقافى وتهذيب السلوك، وأن ترصد ميزانية كافية لتطوير المتاحف المغلقة منذ سنوات طويلة، لأنها تمثل ثروة قومية، ويعد متحف راتب صديق نموذجا لذلك، الذى افتتح بعد أن ظل 20 عاماً مغلقا، ويخدم حاليا أطفال المنيب بدورات تدريبية وورش عمل، وقد تفاعل معه أهل المنطقة بصورة ايجابية وعن متطلبات الجمعيات الأهلية الفنية والثقافية. أكد الفنان والناقد عز الدين نجيب رئيس جمعية أصالة على ضرورة دعمها للنهوض بالحركة الفنية، لأن المؤسسات الرسمية تقع عليها أعباء عديدة، فعلى سبيل المثال الحِرَف البيئية التى تمثل جزءا من الهوية المصرية تفتقد الدعم اللازم لحماية التراث والحفاظ عليه من الاندثار، وتتحقق التنمية الثقافية والفنية عن طريق عدة أهداف، اولا فتح مجالات واسعة للعمل أمام الشباب بعد تدريبهم على إتقان الحرف التقليدية وتسويق المنتجات، ثانيا عودة اللوحات الجدارية إلى محطات القطار والميادين والشوارع الرئيسية والمؤسسات المختلفة كما كان الحال فى فترة الستينيات والسبعينيات، وهذه هى المدرسة الحقيقية للارتقاء بالذوق العام، ثالثا إعادة تدريس الرسم وجماعات التربية الفنية الى المدارس. من جانبه يرصد الدكتور سعيد بدر أستاذ مساعد بقسم النحت بكلية الفنون الجميلة بجامعة الإسكندرية، ثلاثة محاور يمكن تبنيها الفترة المقبلة من قبل القائمين على تفعيل الأنشطة الفنية، هي: تفعيل ورش العمل والملتقيات الدولية فى مجال النحت وإقامة أكثر من ملتقى دولي، ثانيا: تنشيط البيناليات الدولية من حيث نسبة المشاركة وأماكن العرض وإقامة ورش عمل مصاحبة للشباب مع كبار الفنانين المصريين والأجانب، وذلك بتغيير مفهوم إدارة البيناليات بتخصيص أرض معارض للبينالى على غرار بينالى فينسيا وبناء صالات جاهزة للدول العارضة وإعطاء الفرصة لتنفيذ بعض أعمال الورش المصاحبة، وأن يكون البينالى متخصصا وليس شاملا كل أنواع الفنون، وأخيرا تنشيط المعارض المحلية بعمل رؤية سنوية قائمة على دراسة ورصد لاتجاهات الفنانين فى كل التخصصات، ومن ثم تنشيط البعد التسويقى للأعمال سواء للدولة أو للقطاع الخاص. ويرى الدكتور محمد إسحاق عميد كلية التربية الفنية جامعة حلوان، أن الكلية كمؤسسة تعليمية لها دور كبير فى تقديم حلول لمشكلات المجتمع المصري، من أبرزها مشكلة إعادة إدارة الطاقة البشرية التى ظلت تنظر اليها الحكومات المتعاقبة على إنها أكبر المشكلات والتحديات أمام التنمية، وفشلت فى إدارتها لتحويلها إلى طاقة ايجابية منتجة من خلال إعادة اكتشافها وتوجيهها بالتدريب وتنمية المهارات وتطوير الحرف اليدوية الشعبية، وإقامة المشروعات الفنية الصغيرة، وقد رصدت الكلية هذا ووضعته ضمن أهدافها ومناهجها ورسالتها المجتمعية. ويؤكد الفنان أحمد شيحا، أنه يقع على عاتق فئة المثقفين والفنانين جزء كبير من المسئولية، فيجب الإسراع بتدشين أضخم مشروع وطنى يضم كل المهمومين بقضايا بلادنا والباحثين عن هويته المتفردة بتراث وجماليات لا تنضب، نحن لم نستسلم لمحاولات التشويه والتدمير لطبائعنا وأسس تعليم صغارنا على مدار سنة من حكم تهاوى أمام جذورنا الأصيلة. علينا تصحيح المسار، ونبدأ بالمراحل التعليمية بتوزيع الكتيبات والرسوم للأطفال فى مخاطبة بصرية وتوجه نحو تربية جمالية ملموسة ترتقى بالأذواق، وللفنانين دور أساسى فى هذا البناء بنشر لغة الجمال والإبداع، كما أن هناك حاجة مُلحة لرفع ميزانية وزارة الثقافة لأهمية دورها المرتقب، فهى تعد الآن حائط الدفاع الأول ضد تخريب العقول وهدم الوعي. ويطالب الفنان د.أحمد عبد الكريم بخطوات تنفيذية لإعادة هيكلة قوام العملية التعليمية، بتغيير المناهج، وتفعيل الدور المهمل الذى من أجله توظفت إدارة كاملة داخل الجامعات تحت مسمى رعاية شئون الشباب، والتى تضر بشباب الدارسين وتتعنت معهم ليفروا نحو الطرق الملتوية فى أسوأ الأدوار السلبية، أما أبسط أسس العطاء للمجتمع فتتلخص بضرورة تفعيل دور الطلاب والدارسين ودمجهم أكثر بالجمهور والشارع، وليكن دورا خدميا بتجميل شوارع المحروسة بكافة الأقاليم والقرى برسومات تعيد وجه مصر المشرق، وأخيراً تفاعل دور النقابة مع البيئة المحيطة والعمل على أرض الواقع. ويقول الفنان السكندرى محمد شاكر: إذا كان الجمال هو تاج القيم والمثل العليا.. فإن الفنون هى الطاقة الفاعلة لذلك الجمال, وإذا كانت الإدارة البليدة قد استباحت الفن, وتباعدت قيم التربية الجمالية عن صناعة الأنفس من سنوات عديدة, فاعتقد أن القدر قد أتاح للوطن عصرا جديدا من التحضر والازدهار, وسوف تتبوأ الفنون مكانتها فى إدارة هذا التحضر وذلك الازدهار، ومعذرة اذا كنت تجاوزت حدود الأمل إلى يقين التفاؤل. وعن آراء الشباب تقول د.سالى الزينى المدرس بقسم الرسوم المتحركة بكلية الفنون الجميلة جامعة حلوان: يجب مد يد العون لطلاب ودارسى الفنون وإنقاذهم من الصدام بين ما درسوه وما يتطلبه سوق العمل وضرورة إلحاقهم بتعليم يزودهم بالمهارات اللازمة ويسد الفجوات المتزايدة بين الطفرات العالمية المتحققة حولنا وبين منظومتنا الخاضعة لبراثن اللوائح والقوانين المتجمدة، أما عن متابعة النشاط الفنى بين لوحاتها فترى الفنانة أن خلال السنوات الأخيرة تكونت العديد من دوائر المصالح المغلقة فى إشارة منها إلى ظلال الفساد التى طالت أرقى الفنون، وتأمل فى عدالة وحقوق متساوية للجميع. اما الفنان الشاب عادل مصطفى مدرس مساعد بكلية الفنون الجميلة جامعة الإسكندرية فيتبع مقولة "ابدأ بنفسك" بالسعى بصفته معيدا بالكلية على تشجيع الطلاب لإقامة أعمال فنية تهدف إلى الرقى بالذوق العام وبث الروح الإيجابية لدى المجتمع والوطن بصفة عامة, ويتمنى فى المرحلة المقبلة اهتماما أكثر بالفن والفنانين, لان دورهم يتخطى بكثير دور الترفيه والتزيين, فالفن له دور تربوى فى غرس قيم مجيدة فى المجتمع ورفع الذوق العام وتعظيم قيم الجمال والأخلاق.