افتتح د. محمد صابر عرب وزير الثقافة، والفنان د. صلاح المليجي رئيس قطاع الفنون التشكيلية متحف "عفت ناجي وسعد الخادم" بسرايا القبة، بعد تطويرة بتكلفة إجمالية تبلغ 80 ألف جنية على مساحة تبلغ 512 متر مربع بعد اغلاق دام لمدة عام تقريبا. حضر الافتتاح الفنان أحمد عبد الفتاح رئيس الإدارة المركزية لشئون المتاحف والمعارض، الفنان محمد دياب رئيس الإدارة المركزية لمراكز الفنون بالجزيرة، هشام فرج وكيل وزارة الثقافة للأمن، الفنانة سلوى حمدي مدير عام المتاحف النوعية، د. طارق سليم مدير المتحف، الفنان طارق مأمون مدير عام المتحف القومية، ولفيف من الإعلاميين والصحفيين. أكد عرب خلال الافتتاح على ضرورة التواصل الثقافي مع الفئات المجتمعية المختلفة والفئات المحرومة ثقافياً، وذلك من خلال إقامة ورش عمل وتدريب وندوات للأطفال والكبار وطلاب الجامعات لتنمية مهارة التذوق الفني، والوصول بالشكل الذي يرسخ لديهم أهمية الدور الثقافي في نهضة الأمم والشعوب ليصبح المتحف مركز إشعاع حقيقي، ومنارة ثقافية لأهالي المنطقة وما حولها. كما طالب عرب أن يكون عدد العاملين بالمتحف مناسبا مع متطلبات كل وظيفة. وقال عرب إن ما نشهده اليوم من مظاهر للعنف لم يعهدها المجتمع المصري من قبل كان نتاجاً طبيعياً لتفريغ المدرسة من دورها في تعليم الطلاب كيفية تذوق الفن بمختلف مجالاته ودوره فى تزكية النفس البشرية، والإرتقاء بها من مرتبة الجمود الذي يؤدي للعنف، وبين مرتبة الإحساس الذي يكسب النفس التسامح والوئام وتقبل الآخر، فلا سبيل لمناهضة العنف سوى بالفن والإبداع. مناشداً أن تظل المدرسة أكثر حرصاً على تشجيع الطلاب على التآخي والحب والمودة وترسيخ هذه المفاهيم بين المسلم والمسيحي. كما أوضحت الفنانة سلوى حمدي ل"محيط" أن المتحف مغلق منذ ثلاث سنوات بعد سرقة لوحة "زهرة الخشخاش" من متحف "محمد محمود خليل وحرمه"؛ حيث تفقدت لجنة وزارية وقتها جميع المتاحف، ووجدت أن هذا المتحف وسط منطقة سكنية كان لابد من تأمينة جيدا، وبخاصة أنه من الزجاج، وكانت كاميراته لم يجرى لها صيانة، فأغلق لهذه الأسباب، وتم إعادة صياغة النظم الأمنية فيه؛ حيث تم تركيب حديد داخلي، كاميرات، ونظم أطفاء وحريق، وكان الدور الأخير هو إعادة صياغة العرض بعد الانتهاء من كل النظم الأمنية، وعمل بعض التشطيبات البسيطة كإعادة الدهانات وإصلاح الكهرباء. أما عن ترميم الأعمال الفنية فقد بذلت الإدارة العامة لبحوث الترميم مجهودا كبيرا في ذلك؛ لأن الأعمال كانت مخزنة عدة سنوات وتحتاج للترميم. واصلت: كان الهدف من إنشاء هذه المتاحف هو تحسين الحالة المتردية التي وصل لها المجتمع نتيجة أننا لم نبذل مجهود حقيقي في تفعيل دور المتاحف، فنحن لا نفتتح المتاحف لاستقبال زوار المنطقة أو الباحثين أو طلبة الفنون، لكنني سأفتش يوميا على المتاحف من حيث الكفاءة والنظافة وأقامة الورش والمؤتمرات والندوات؛ لأن هذا الفراغ هو الذي خلق هذه الحالة التي نعيشها في الشارع المصري، ودورنا هو تثقيف المجتمع بشكل حقيقي، وكل متحف بحسب طبيعته، فالمتحف القومي له رسالة، والمتحف الفني له رسال أخرى، وكل منطقة لها رسال. ونحن عندنا حوالي ثلاثين متحفا لا يجب إهمالهم، ومن حظنا أنهم موزعين على كافة أنحاء الجمهورية، ومنذ توليت إدارة المتاحف أوجه رسالة لكل مدير متحف بأن دوره في متحفه هو ما يبذله وليست أنتظاره للزوار، ففي متحف "عفت ناجي وسعد الخادم" يجب الأستفادة من وجوده في منطقة سكنية ودعوة المدراس لزيارته، وهذا يختلف مثلا عن متحف "زكريا الخناني"، الذي أكدت على مديرته القيام بعمل برنامج سياحي بمجرد افتتاحه؛ لأن حوله كم كبير من الفنادق، فيجب إذا أن ننقل فن النحت الزجاجي عالميا من متحف ليس له مثيل في العالم؛ ولذلك فكل متحف يجب أن ينفذ دوره حسب مكانه ليعكس رؤية. وأشارت الفنانة سلوى إلى أن مدير متحف "عفت ناجي وسعد الخادم" يعمل حاليا على عقد مؤتمر حول فن المرأة، بمناسبة أن رائدة المتحف هي عفت ناجي؛ وذلك كي يخرج من الإطار التقليدي للمتحف. كما يوجد في المتحف قاعة عروض متغيرة، لا تستهدف فئة عمرية معينة من الفناين، بل ستعرض للفنانين الكبار والشباب ونتاج الورش المقامة في المتحف. يتكون المتحف من ثلاث طوابق، يشتمل الطابق الأول على أعمال الفنانة عفت ناجي، كما يضم الطابق الثاني أعمال الفنان سعد الخادم، بالإضافة إلى مقتنياتهم، وعدد أعمال المتحف 80 لوحة فنية. أما الطابق الثالث فيشتمل علي مكاتب إدارية ومكتبة بها 1155 كتاب ومجلات وكتالوجات عن الفن التشكيلي، بالإضافة ل 40 رسالة دكتوراة وماجستير. ويعد هذا المتحف إهداء من الفنانة عفت ناجي لوزارة الثقافة، وترجع أهميته لقيمته كمتحف مصري أصيل؛ حيث استلهم الفنانين عفت وسعد التراث المصري من الفن القبطي والإسلامي والفرعوني والشعبي، وكان التركيز الأكثر علي الاستلهام من التراث الشعبي، وتم تقديم الخلطة الثقافية التراثية بأسلوب فني معاصر وبذلك أصبح المتحف يجمع بين الأصالة والمعاصرة في آن واحد، كما تبني الفنانان بعض القضايا الهامة مثل المشروع القومي لبناء السد العالي وملحمة أكتوبر العظيمة.
أما بالنسبة لقيمته في الحركة التشكيلية المصرية فيعد الفنان سعد الخادم أحد رواد الفنانين الذين استلهموا وكتبوا وحافظوا علي التراث الشعبي المصري، وأثر بدوره على الفنانة عفت ناجي بعد زواجهما في عام 1954 مما جعلها تتبني فكره وتحذو حذوه. ولدت الفنانة عفت ناجي في عام 1905، وهي زوجة الفنان سعد الخادم، وشقيقة الفنان محمد ناجي. شاركت في معارض جماعية داخل وخارج مصر، ومعارض دولية كبينالي الإسكندرية، بينالي فينسيا، بينالي ساوباولو، كما شاركت في عام 1928 في صالون "القاهرة" بجمعية الفنون الجميلة، وفي عام 1954 تزوجت الفنان سعد االخادم رائد الفنون الشعبية، وانجزت في عام 1965 لوحة "بر ج الحمل" بالتعاون مع زوجها، و هو أول عمل مجسم لها ذي الأسطح المتعددة، وفي عام 1969 أهدت لوحة "برج الثور" إلى المنظمة الدولية لرعاية الطفولة "اليونيسيف" بنيويورك لتطبع كارت الطفولة. ومن عام 1928 وحتى 1993 شاركت في عدة معارض بأمريكا، أسبانيا، سويسرا، روما، إيطاليا. وتم تكريمها من أتيلية الإسكندرية، والمركز القومي للفنون التشكيلية، وهيئة الآداب والفنون. وتوفيت في أكتوبر عام 1994 بعد أن أوصت بتحويل منزل زوجها سعد الخادم إلى متحف يضم أعماله وأعمالها. أما الفنان سعد الخادم فولد في القاهرة في 22 مارس عاك 1913، وسافر في بعثة إلى إنجلترا في الأربعينيات لدراسة الفن. اشتغل في التعليم، ثم بالمعهد العالي للتربية الفنية. وفي عام 1968 نال الجائزة الثانية في بينالي الإسكندرية في فن التصوير. ومن عام 1940 وحتى 1970 شارك في معارض محلية ودولية بلوحات تصوير زيتية وأزياء شعبية. له أيضا مؤلفات كثيرة في الفن والتربية الفنية والفنون الشعبية، وأشرف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه جميعها حول الحرف الشعبية المصرية. وتوفى في 29 سبتمبر عام 1987 بعد أن أثرى الفن بالعديد من الدراسات الفنية عن الفن الشعبي بمصر.