أصدرت الهيئة المصرية للكتاب مؤخرا «الإعمال العربية للدكتور منصور فهمي» في ثلاثة أجزاء.وهذا الأمر يجب أن يحتفي به لان الدكتور منصور فهمي من ابرز مفكري النصف الأول من القرن العشرين في مصر ومن الرعيل الأول للبعثات التي ذهبت إلى باريس لتلقى تعليمها ما بعد الجامعي . وهو يعبر عن مأساة مثقف اشتبك مع الفكر الديني التقليدي حيث كان موضوع أطروحته للدكتوراه هو «أحوال المرأة في الإسلام» وظلت حبيسة لغتها الفرنسية حتى نشرت في بدايات هذا القرن وبالتحديد سنة 2001 عن منشورات الجمل التي كان مقرها آنذاك كولونيا في ألمانيا . ومنصور فهمي فعل ما فعله معظم المفكرين الذين اصطدموا بالمؤسسة الدينية فى بدايات القرن الماضي فلكي يثبتوا إيمانهم كتبوا كتابات دينية وتصالحوا بذلك مع هذه المؤسسة. والكتاب بذل فيه محققه حسن خضر جهدا كبيرا في تجميع مادته من مقالات وكتب متفرقة للمفكر المصري الكبير ، لكنه يفتح مجالا لحدث آخر عن سياسة النشر في وزارة الثقافة، فقبل أسابيع من صدور كتاب الهيئة أصدرت دار الكتب كتابا آخر بعنوان «من تراث الدكتور منصور فهمي». بذل فيه الدكتور احمد زكريا الشلق مجهودا كبيرا ليخرجه على هذه الصورة . ويحق لي أن أتسأل لو كان هناك تنسيق بين مؤسسات وزارة الثقافة ألم يكن من الممكن أن يصدر كتاب واحد لأعمال منصور فهمي خاصة، وان مادة الكتابين تكاد كون متشابهة ، ويوفر الجهد الذي بذل فى احد الكتابين لإصدار كتاب آخر تحتاجه المكتبة المصرية . وهناك عشرات الأمثلة للتداخل بين ما تنشره هيئة الكتاب والهيئة العامة لقصور الثقافة وما تنشره دار الكتب والمجلس الأعلى للثقافة والمركز القومي للترجمة. وهذا التنسيق يمكن أن يكون عبر آليتين، الأولى ان تحدد لكل من هيئات الوزارة نوعية من الكتب هي التي تنشرها فقط أو أن تكون لدى الوزارة لجنة عليا للنشر تنسق بين الهيئات المختلفة . فقد كان يمكن في وجود هذه اللجنة أن ينشر الكتاب نشرا مشتركا بين هيئة الكتاب ودار الكتب بما يوفر مصاريف الطباعة لواحد منها وتستخدم هذه المصاريف فى نشر كتاب من تلك المكدسة في مطابع اى من الهيئتين التابعتين لوزارة واحدة.