السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى هذه اللحظة الدقيقة من تاريخ أمة بحجم مصر، وفى اللحظة التى تؤدون فيها اليمين الدستورية لحماية الوطن ربما كان لزاما على المرء أن يصمت، ولربما كان تأمل المشهد أجدي، إلا أن حجم المسئولية التى ألقيت على كاهلكم، وحجم «التوقعات الأسطورية» المنتظرة منكم تستدعى «المصارحة» بأكبر ما يمكن للمرء أن يذهب، وبقدر ما سوف تسمح به أو تتحمله قلوب غفيرة أعطتكم ثقتها، وتراهن على وطنيتكم ونزاهتكم وإخلاصكم لهذا الشعب العظيم. . ومن هنا فإن مصر بحاجة ل «حزمة كبيرة من الأمل»، فلقد عاش المصريون سنوات طويلة يكابدون قسوة الحياة، وغياب الضوء فى نهاية الأمل، بل لم يكن لديهم أمل فى أن ينتهى كابوس سنوات مبارك الطويلة سوى «بتوريث» يسخر من «النظام الجمهوري» ويعبث بكل ما ناضل من أجله الشعب والجيش، ويقوض حلم «الدولة الوطنية الحديثة» . ويبدو أن الزمن اختار لهذا الشعب أن يقاوم دوما، فبالرغم من تخلصه من استبداد مبارك، إلا أنه كان على موعد مع «فاشية الإخوان»، واختطافهم لحلمه فى دولة ديمقراطية حديثة، وبتلاحم رائع ما بين الشعب وقواته المسلحة فى ظل قيادتكم تمكن المصريون من ازاحة الغمة واستعادة الوطن من «طيور الظلام»، إلا أن المسيرة التى بدأناها معا لم تزل فى بدايتها ومازال أناس كثيرون يشعرون بأن مصر ليست لنا جميعا، وأنها مازالت تعانى تشوهات حادة ومؤلمة.. فمازال هناك «أغلبية محرومة» مقابل «أقلية محظوظة»، وواحة من الغنى وسط «محيط من الفقر» والعشوائيات، ولم تزل هناك «أبواق النفاق» زاعقة تمارس الاقصاء والتخوين بلا حسيب أو رقيب، ومازال هناك «تسوية للحسابات القديمة» على حساب هذا الوطن ومستقبل شعبه، فالبعض يريد تصفية الحساب ما بين الناصرية والساداتية، وآخرون يذهبون بالحاضر إلى سنوات بعيدة لتسوية حساب النزاع ما بين على ومعاوية، فى حين يرغب أنصار المحظورة إما أن يحكومنا أو يقتلونا، و فى كل الأوقات فان الإرهابيين أنصارهم وصنائعهم يريدون دمنا طوال الوقت.. ولم لا مادمنا مجتمعا جاهليا.. كافرين وخارجين عن الدين كما يتراءى لهم هم وحدهم؟! . السيد الرئيس.. لقد حان دوركم ومهمتكم فى أن تحافظوا على كرامة هذا الشعب وحريته ضد الفساد والاستبداد والإرهاب والفاشية الدينية، ومثلما قال الرئيس السابق عدلى منصور: «لن يساوم أحد الشعب مرة أخرى على الخبز مقابل الكرامة، ولا على الأمن مقابل الحرية». وأحسب أن هذا عهدكم وواجبكم، بل وشرفكم العسكري، بل وشرف المؤسسة العسكرية المصرية على مدى تاريخها الطويل. وهذا سر انحيازها الدائم لشعبها العظيم، بل هذا واجبها المقدس أن تحمى «حرية الشعب» فى أن يكون دوما وبحق «السيد على هذه الأرض المباركة». . ومن هنا فإن تحذير الرئيس منصور من «جماعات المصالح» يأتى فى وقته تماما، فلم يغب عن فطنة هذا الشعب «حالة التململ» من قبل بعض الذين صنعوا ثرواتهم من هذا الوطن ازاء «سياسات اقتصادية» تحاول بخجل أن «توزع الاعباء» فى هذا الوطن. وهذه معركة نتمنى الا يذهب إليها «أصحاب المصالح الضيقة» و«العقول البائسة»، فلا أحد يمكنه أن يصطدم «بالأمن القومي» لمصر، ولا أحد يمكن أن يفرض إرادته غير النزيهة على الدولة المصرية، أو الشعب المصري. ولا أحد يمكنه أن يلوى ذراع رئيس منتخب بأكثر من 96% فى انتخابات حرة نزيهة، ومثلما قال المرشح عبدالفتاح السيسى «لست مدينا لأحد بأى فواتير. . ولذلك.. لا مكان لجماعة المصالح التى تريد أن تستغل المناخ السياسى الجديد لطمس الحقائق.. وغسل السمعة.. وخلق عالم من الاستفادة الجشعة.. يمكن هذه الفئات من استعادة أيام مضت.. يود الشعب ألا تعود أبدا. وهذه لعمرى ليست وصية عدلى منصور، بل ضمير هذا الشعب، وأعلم يا سيادة الرئيس أن «الرأسمالية المتوحشة» و«ضمير المصريين» «لا يلتقيان أبدا»، فالشعب المصرى العظيم أهم ما يميزه «الرحمة» و«التسامح» والرفق بالضعفاء والمحتاجين. . . ويبقى أن الأمة العربية من المحيط إلى الخليج تتطلع إلى مصر وهى تخطو خطواتها الدؤوبه نحو استعادة «الأمن والحرية» و«الخبز والكرامة» معا، وهنا فإن الشعوب العربية فى القرن الخادى والعشرين لا تريد «وصفات الستينيات» بل «وصفة عصرية» تنتمى لزمانها. لا أزمنة الآخرين، ويتطلع المصريون ومعهم إخوتهم فى العالم العربى إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى ، ولا أحد غيره. فالماضى لا يعود، والاسماء الكبيرة والأخرى المثيرة للجدل يظل مكانها «صفحات التاريخ»، وتبقى شغلا شاغلا لأساتذة التاريخ، وللشعوب فى لحظات ضعفها وحيرتها إلا أنها فى لحظات البناء والعمل تتطلع إلى قائدها فى سدة الحكم، ترنو إليه بقلوبها، وتتابع كل همساته وخلجاته. تريده هو بشحمه ولحمه، وتدرك أن ظلا من الماضى مهما علا قدره لن يعينها على ما هى بصدده ومن هنا فإن الشعب سوف يتجاوب معكم ومع صدق مقولتكم «العمل هو كل ما أملك.. والعمل هو كل ما أطلبه منكم». . سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي.. إذا كان العمل هو كل ما تملك، فان الأمل هو كل ما يرجوه شعبكم، وهذا الأمل لن يتحقق إلا بإصلاح البيت من الداخل، وبحسن اختيار معاونيك، وبالالتزام دوما بنبض الشعب وتطلعاته المشروعة، وبالثقة دائما أن المصريين هم من يحمون قائدهم، وهم من يصنعون المستحيل لو صدقوا زعيمهم وآمنوا بأن «الحلم العظيم» هو «حلمهم هم» و«لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها ولكن أخلاق الرجال تضيق».. ونحن نعلم أن صدرك يتسع لأحلام مواطنيك، لأنك حليم كريم. ولا يتبقى سوى مقولة «أخيرة» إن المهارة لا القوة هى التى تحكم السفينة وتقودها إلى بر الأمان، ومما لا شك فيه أن شعبكم اختاركم لما لمسه فيكم من حكمة ودهاء لا يخفى على أحد. ولكن قبل ذلك وبعده أحسب أن بداية الحب كانت مع الجملة «الكاشفة» «إن هذا الشعب لم يجد من يحنو عليه»، وتلك أسرار المحبين وأحوالهم التى تدهش البعض وتحير آخرين وتجعل الغرب والشرق فى حيرة لتفسير السؤال الصعب «لم يحب المصريون السيسي.. كل هذا الحب». وبقدر الحب تكون المسئولية. لمزيد من مقالات محمد صابرين