استحدث دستور 2014، نصوصا بشأن تنظيم عمل مجلس النواب، تستهدف ضمان استقامة الأداء التشريعيه واستقلالية أعضائه، فى مسعى لتوفير بنية مواتية، تعين المجلس على الاضطلاع بدوره فى هذه اللحظة الفارقة من عمر الوطن، على صعيد إعادة بناء النظام القانونى بما يتواءم مع نصوص الدستور وروحه، ويخلق قوة دفع تسهم فى تحقيق حلم المصريين فى دولة ديمقراطية، حديثة. وتطرح «الأهرام» فى هذا الملف أسئلة ذات دلالة فى السياق السياسى الراهن، عن المواصفات المطلوبة لعضو مجلس النواب المقبل، وهل يكون نائبا للرقابة والتشريع، أم نائبا للخدمات، وماهى الطبيعة الخاصة لدوره فى وضع حزمة تشريعات تكون بمثابة البنية الأساسية للانطلاق نحو المستقبل. نواب تحت الطلب ينتظرون أن يطلب منهم أبناء دوائرهم التقدم للانتخابات .. فهم يقدمون كل ما يرضى ناخبيهم ويعرضون أنفسهم للمخاطر والمواقف المحرجة حين يذهبون لانهاء بعض خدمات مواطنيهم فى المصالح الحكومية المختلفة، خاصة حين يسألهم المسئول عن هويتهم فتكون اجابتهم «نائب الدائرة بأذن الله»!! مثل هؤلاء دخلوا البرلمان من قبل وكانت احوالهم وهيئتهم تدل عليهم .. فمنهم من دخل البرلمان راكبا دراجته البخارية وكان حريصا على ربطها بأحد أعمدة الانارة فى ساحة المجلس بالجنزير خوفا من سرقتها!! ومنهم من طلب بالحاح من رئيس المجلس أن يخصص له سيارة لانهاء مصالح أبناء دائرته اسوة برؤساء اللجان والوكلاء وكبار الموظفين فى البرلمان ، فيوافق رئيس المجلس ويمنحه حق استخدام سيارة سوزوكى ميكروباص كانت مخصصة لنقل البريد!! وآخر ابدى رغبته لبعض زملائه من النواب فى شراء سيارة «نصف عمر» بالتقسيط وحين تم له المراد كان وجوده الدائم فى ساحة المجلس يحمل فوطه صفراء يلمع بها سيارته القديمة ويدور حولها وهو معجب بها من كل الاتجاهات !! وبالرغم من ذلك كانت مثل هذه النماذج رقيقة الحال صادقة مع نفسها ومع غيرها وكانوا من أكثر نواب البرلمان حضورا والتزاما ومشاركة ولم يلقب أى منهم ب «ابو الهول» طوال فترة وجوده بالبرلمان. كل هذا فى الوقت الذى كانت تعج فيه قاعة المجلس بأصحاب الياقات البيضاء الذين تخطف سياراتهم أنظار النواب قبل الحرس والعمال ، ويتنازلون طواعية عن كل المكافآت التى تصرف لهم للسعاة والمعاونين فهم فى حقيقة الأمر ليسوا فى حاجة الى مثل هذه المكآفأت .. وعلى الرغم من ذلك كان حضورهم للمجلس على شكل زيارات بين الحين والآخر .. فقد حصلوا على ما يبغون «الحصانة» وما ادراك ما الحصانة والتى فتحت أمامهم الأبواب المغلقة لانهاء مصالحهم الخاصة وتنمية استثماراتهم فهم يحملون فى حقائبهم كل أنواع المفاتيح المطلوبة لذلك. والغريب أن كلا النوعين ينتظران أن يطلب منهم ناخبوهم تمثيلهم فى البرلمان فمثل هؤلاء جميعا «نواب تحت الطلب».