«المسئولية الاجتماعية للشركات» أو رجال الأعمال .. مصطلح بات يعرف اختصارا فى الإنجليزية باسم CSR ، أى Corporation Social Responsibility ، وأحيانا يسمى «مواطنة الشركات». المصطلح لم نعتد عليه كثيرا فى مجتمعنا المصري، ولكنه تحول إلى ما يشبه الواجب الوطنى فى المجتمعات الغربية والمتقدمة بشكل عام، فهو بمثابة استحقاق تسدده الشركات والمؤسسات الضخمة للمجتمع الذى تنتمى إليه وتعتبر جزءا منه. فقوة مثل هذه الشركات الاقتصادية تعتمد بشكل مباشر على المجتمع، فكلما زادت رفاهية هذا المجتمع واكتملت احتياجاته الأساسية اتسعت أعمال هذه الشركات وتصاعدت أرباحها. ولم يعد هذا الواجب اختياريا بالنسبة لأغلب الشركات الكبرى التى تسعى لتوسيع أسواقها وتحقيق أرباح حقيقية، ففى ظل القفزة المذهلة فى عالم التواصل الاجتماعى أصبح هناك ما يشبه المنافسة فى سوق المشاركة المجتمعية للمؤسسات الضخمة، والتى تتبارى من أجل إرضاء المستهلك على جميع الأصعدة. وتشير الأبحاث الاقتصادية الحديثة إلى أن 88% من الشركات تسعى لخدمة المجتمع بهدف تحسين سمعتها، بينما 71% منها تؤدى هذا الدور المجتمعى بدافع التنافس واحتلال مركز متقدم فى السوق، و56% منها فقط تقوم بهذا الدور من أجل الربح. وبغض النظر عن مدى مصداقية هذه النسب، فإن الواقع يؤكد أن سمعة أى شركة فى السوق تلعب دورا أساسيا فى إقبال المواطنين فى أى مجتمع - على شراء منتجاتها، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على أرباحها وريادتها فى الأسواق المحلية والعالمية. وفى هذا الملف نقدم تجارب دول ورجال أعمال سددوا الفواتير المستحقة عليهم تجاه المجتمع ونماذج لرجال أعمال تهربوا من السداد وموقف الدولة منهم.
يونس .. الرجل الذى هزم الفقر! هانى عسل تعد تجربة خبير الاقتصاد البنجلاديشى الشهير محمد يونس من التجارب المرموقة على مستوى آسيا والعالم فى مجال تقديم الخدمات المفيدة للمجتمع، خاصة مجتمع الفقراء فى بنجلاديش، وهى التجربة التى باتت نموذجا يحتذى به فى جميع دول العالم تقريبا. ولد محمد يونس عام 1940 فى مدينة شيتاجونج لأسرة غير فقيرة ، حيث كان والده يعمل صانعا للمجوهرات، وكان معروفا عن أسرته أنها تقدم الكثير من التبرعات للفقراء . وبعد أن أنفق والده الكثير على ابنه «محمد» ليلتحق بجامعة فاندربيلت بولاية تينيسى الأمريكية حتى حصوله على الدكتوراه من هناك ، عاد إلى بنجلاديش بعد الاستقلال عام 1972 ليعمل فى جامعة شيتاجونج ويدرس الاقتصاد ، ووقتها كان الفقر فى بنجلاديش قد زاد بدرجة مستعصية على الحل، لدرجة أنه عاش بنفسه أجواء مجاعة حصدت أرواح 1٫5 مليون فرد. وفى لقاء سابق مع «الأهرام» فى ماليزيا جرى قبل سنوات، يروى يونس عن تلك الفترة كيف أنه كان يشعر بالغضب الشديد عندما كان يحاول مساعدة الفقراء فى مدينته على الاقتراض من البنوك لبدء مشروعات صغيرة يتعيشون من ربحها ، وكانت تلك البنوك ترفض طلبات هؤلاء، لأنهم غير قادرين على سداد فوائد القروض. ومن هنا طرأت على ذهنه فكرة إنشاء بنك يقرض الفقراء فقط ، ويساعدهم على إقامة مشروعات يستطيعون بها وضع قدمهم على بداية الطريق الصحيح ، فأنشأ عام 1979 بنك «جرامين» أو بنك الفقراء ، الذى نال يونس عنه جائزة نوبل للسلام عام 2006. وكانت فكرة بنك الفقراء تقوم على أساس تقديم قروض متناهية الصغر للفقراء القادرين على بدء مشروعات أفكارها ناجحة وتدر عليهم دخلا. وبعد نجاح تنفيذ الفكرة فى بنجلاديش ، امتد نشاط بنك الفقراء إلى دول مجاورة ، بل لم يقف الأمر عند هذا الحد ، ولكن بدأت زيارات يونس المتتالية لعدد كبير من الدول النامية ومن بينها مصر. مو إبراهيم السودانى
صاحب جائزة الحكم الرشيد أسماء الحسينى لفتت جائزة الحكم الرشيد فى أفريقيا التى تبلغ قيمتها 50 مليون دولار الأنظار إلى صاحبها الملياردير السودانى محمد فتحى إبراهيم أو مو إبراهيم كما يلقبه الإعلام الغربى ، الذى ولد بالسودان ونشأ وتلقى تعليمه فى المراحل المختلفة بمصر حتى تخرج فى كلية الهندسة بجامعة الاسكندرية. أكمل إبراهيم الماجستير والدكتوراه فى الجامعات البريطانية وعمل كباحث فى مجال الدراسات التى مهدت لعمل الهاتف المحمول ومنها انتقل للعمل بشركات المحمول البريطانية ثم اسس شركاته الخاصة التى عملت فى الدول الأوروبية ثم اقتحمت السوق الإفريقية . وأهم إنجازاته هى إنشاء مؤسسة خيرية باسمه تمول الجائزة وعدد آخر من المشروعات الخيرية فى أفريقيا وفى بلده السودان ، قال لى عندما التقيته قبل بضع سنوات إن رسالته الأساسية هى إعادة الأمل والثقة للأفارقة بأنفسهم وبقارتهم وتسليط الضوء على المخطئين والمقصرين وأيضا على من أصابوا وأحسنوا ، فنحن لسنا قارة مظلمة ، ولدينا حضارات قديمة ، ونملك مقومات النهوض والتقدم ، ولكن أهم شىء هو الرأس لأن الدولة كما السمكة تفسد من رأسها . ولما سألته، لماذا لم يوجه أمواله لإنقاذ أعداد كبيرة من أبناء القارة يواجهون ظروفا مأساوية بدلا من منحها لرجل واحد أو بضع رجال فى إطار فكرة قد تصيب أو تفشل ؟ قال لى :الأموال التى خصصناها للجائزة 50مليون دولار هى قطرة فى محيط الأموال التى تتدفق على أفريقيا والتى بلغت قيمتها كمنح ومعونات فى العام الماضى فقط نحو 80 مليار دولار .
ثوابت الدولة والمسئولية الاجتماعية للأغنياء الجدد موسكو د.سامى عمارة الفساد ورجال الاعمال مشكلتان «ازليتان» شخصتا بكل القوة امام الرئيس فلاديمير بوتين مع اولى سنوات تقلده السلطة فى الكرملين فى عام 2000 . ورغم كل ما تمتع ويتمتع به بوتين من صلابة فى اتخاذ القرار، وحدة فى التعامل مع الخصوم والاصدقاء، فانه لم يستطع بعد القضاء على ظاهرة الفساد، وهو الذى اعترف فى نهاية ولايته الثانية فى عام 2008 ، بانها المشكلة التى استعصت على الحل. لكنه استطاع مع رجال الاعمال من المليارديرات ممن «نهبوا» ثروات الوطن، ان يجد «الحلول الوسط»التى ناسبت البعض، فيما اعتبرها آخرون غير قابلة «للاستهلاك الآدمي«.. فماذا فعل بوتين مع اثرياء روسيا الجدد؟ .. استهل بوتين فترة ولايته الثالثة فى عام 2012 بسلسلة من المقالات اوجز فيها برنامج عمله خلال الفترة المقبلة، وكان منها ما تناول مشكلة الفساد التى وضعها فى صدارة المهام الرئيسية للمرحلة. قال بحاجة روسيا الى اقتصاد جديد يقوم على المعرفة، والتكنولوجيا الحديثة، مشيرا الى اهمية تحسين المناخ اللازم لرجال الاعمال والاستثمارات. انتقد بوتين عملية الخصخصة فى روسيا فى تسعينات القرن الماضي. وفيما وصفها ب»غير النزيهة»، اكد انه يستبعد احتمالات إعادة النظر فى نتائجها خشية تعطيل الاقتصاد وشلل مؤسساته وارتفاع نسبة البطالة على حد تعبيره. ونذكر ما سبق وحذر منه الرئيس الروسى فى اول اجتماع له فى الكرملين مع «طواغيت المال» من مليارديرات تسعينيات القرن الماضي، ممن راكموا ثرواتهم بفضل قوانين الخصخصة «سيئة الصيت» . قال بوتين باستعداده للتعامل معهم دون اللجوء الى التاميم او المصادرة شريطة التزامهم بعدد من الشروط اهمها، تطوير هذه القطاعات وكانت فى معظمها مصادر الطاقة من النفط والغاز، الى جانب الثروات المعدنية ومنها الحديد والالومنيوم. اشار الى ضرورة التزامهم بتعمير المناطق المجاورة لهذه القطاعات، وبناء ما تتطلبه من شبكات البنية التحتية، والمدارس والمستشفيات. قال ايضا بضرورة الانتظام فى سداد الضرائب وعدم تهريب الاموال الى الخارج، ورفع رواتب العاملين فى هذه القطاعات، بما يكفل بناء طبقة متوسطة على اساس سليم. اما أهم مطالبه وتحذيراته فقد اوجزها فى ختام حديثه: «حذار من التدخل فى السياسة!!!». أدرك بوتين مبكرا خطر «تزاوج السلطة والمال»، فيما حذّر من مغبة السماح لامثال هؤلاء بالمشاركة فى سن القوانين، من خلال تسللهم وممثليهم الى السلطتين التنفيذية والتشريعية، ومحاولات تسخير ما يملكونه من قنوات تليفزيونية أوصحف تسمى نفسها ب»المستقلة» من اجل تمرير افكار او مخططات بعينها. ونذكر ان بوتين واجه مقاومة ضارية سافرة فى معظمها، وإن سرعان ما خبا لهيبها لتتحول الى درب الدسائس والمؤامرات، التى فطن اليها فى حينه من خلال اعضاء فريقه الضارب ممن استدعاهم من مدينته الام «سان بطرسبورج»، وكانوا فى معظمهم من رفاق الماضى الذين سبق وعملوا معه فى اجهزة الامن والمخابرات. ولذا فلم يمض من الزمن الكثير حتى تصدع «حائط الصد» وتداعت «قلاع المقاومة» وانفرط عقد من كانوا يتصورون انهم «استأجروا» رئيسا جديدا يسد فراغ سلفه المريض بوريس يلتسين الذى كان قد اختار التقاعد مبكرا. ففيما لاذ البعض بالفرار الى خارج الحدود بما استطاع تهريبه من اموال وثروات، أو بدونها، قبل آخرون الامتثال لشروط الزعيم، فيما تصور فريق ثالث انه وبما يملكه من سطوة ونفوذ بالداخل ودعم من الخارج ولا سيما من الاوساط الغربية واليهودية ، قادر على كبح جماح الفارس الذى اعتلى جواده وامتشق سيفه استعدادا لمعركة قالوا انها فوق طاقته. ومن هؤلاء فلاديمير جوسينسكى اول رئيس للمؤتمر اليهودى الروسى وصاحب اكبر امبراطورية اعلامية، ورفيقه بوريس بيريزوفسكي، الى جانب ميخائيل خودوركوفسكى صاحب امبراطورية «يوكوس» النفطية. وكانت النتيجة التى يذكرها الجميع .. فقد وجد جوسينسكى نفسه وراء القضبان فى قضية «اختلاس المال العام» وعدم سداد ما حصل عليه من قروض بنكية، ليقبل بالمصالحة التى سرعان ما لاذ بعدها بالفرار الى اسرائيل حيث يعيش حتى اليوم، وهو مصير مشابه لذلك الذى واجهه بيريزوفسكى الذى هرب بليل الى لندن التى منحته اللجوء السياسى والى ان قضى نحبه منتحرا فى ظروف غامضة. اما خودوركوفسكى فقد قضى اكثر من عشر سنوات فى غياهب سجون سيبيريا وحتى استجاب بوتين لطلب العفو عنه فى نهاية العام الماضى قبيل اوليمبياد سوتشى بوساطة من المستشارة الألمانية ميركل وآخرين. غير انه بقى هناك فى روسيا ايضا من قبل العيش فى كنف السلطة متدثرا بدفئها، وما اغدقت عليه من امتيازات مقابل «اشياء ثمة من يقول انها لا تباع ولا تشترى». ومن هؤلاء الملياردير اوليج ديريباسكا ملك الالومنيوم الذى تصور انه صار بمنأى عن الحساب حتى جاء «اليوم المشهود»، وصار فى مواجهة مباشرة مع «الزعيم» الذى سارع الى الاستجابة الى مطالب من تجاسروا على الاضراب عن العمل بسبب عدم وفائه بمستحقاتهم. كان ذلك فى يونيو 2009. جلس بوتين الى عمال مصانع الاسمنت فى بلدة «بيكاليوفو» بضواحى سان بطرسبورج، ممن كانوا شهودا على محاسبة صاحب العمل، على مرأى ومسمع من الملايين من مشاهدى التليفزيون الروسي. قال بوتين:» لقد جعلتم آلاف الاشخاص رهينة لطموحاتكم وافتقاركم الى المهنية، بل وربما جشعكم التافه». ومضى بوتين ليتساءل:»أين اذن هى المسئولية الاجتماعية لرجال الأعمال؟.» وطالب بوتين الملياردير الروسى بسرعة الاستجابة لمطالب العمال، بينما امره بالتقدم الى حيث يجلس فى صدارة القاعة للتوقيع على التزامه بصرف مستحقاتهم، وهو ما كان آنذاك حديث الداخل والخارج على حد سواء. اما عن الفساد فثمة بوادر تشير الى ان بوتين يتقدم ، وإن كان بخطوات بطيئة صوب العثور على الحلول المناسبة، متكئا على ما اكتسبه من دروس وعبر الماضى القريب. قال بضرورة «تسمية الاشياء بمسمياتها»، ليطلق على الفساد الذى استشرى فى روسيا بانه «الفساد الممنهج»، بكل ما يعنى ذلك من غياب للشفافية وعدم وجود الرقابة المجتمعية على عمل وانشطة رجال الدولة، بداية من مؤسسات الضرائب والجمارك، ونهاية بمنظومة القضاء واجهزة الامن. وقال بوتين بضرورة اجراء تغييرات جذرية فى جهاز الدولة ولا سيما فى قوام السلطتين التنفيذية والقضائية، مشيرا الى وجوب »فك الارتباط« بين النيابة العامة واجهزة الامن والتحقيقات والنيابة والهيئات القضائية، فى محاولة من جانبه لفك الارتباط »سيئ السمعة«.
فرنسا تتأرجح بين الرأسمالية والاشتراكية باريس - نجاة عبد النعيم رغم ما يثار حول الازمات الاقتصادية إلا ان فرنسا إحدى اهم الدول الكبرى فى العالم وهى من المؤسسين للمؤتمر الاقتصادى المعروف بالثمانى الكبار(G8)وقد اتضح على مدى خمس حقب رئاسية بان النظام الرأسمالى هو الاكثر تناسبا معها مع اختلاف اليات التطبيق ايا كان تحت قبعة اليمين الديجولى المعروف بحزب «الاتحاد من اجل حركة شعبية»او حتى مع الحزب المتزعم شعار»الاشتراكية»ولكنه غالبا ما يخفق فى تطبيقها نظرا لآليات السوق ومتطلباته. ويعتمد الاقتصاد بفرنسا على رجال الاعمال الى حد كبير ودائما ما يتشاور اى رئيس -الحالى او سالف- مع ارباب الاعمال باعتبارهم محرك الحياة الاقتصادية بفرنسا. وبالرغم من ما يعرف عن فرنسا من قواعد صارمة فى اطار فرض الضرائب فهى تحاول الحفاظ على شعرة معاوية مع رجال الاعمال حتى لا تهرب رؤوس الاموال وتغلق المصانع والشركات كما يحدث اليوم.. فبعد ان حاول الرئيس الاشتراكى الحالى فرانسوا اولاند بان يزيد تكبيل رجال الاعمال بوابل من الضرائب قيل انها قد تصل الى 75% على من يزيد دخله مليون يورو كمبادرة اشتراكية يدفع بريعها لمساعدات اجتماعية.. إلا انه ايقن بعد مرور عامين ان هذا النظام قد يقحم البلاد فى المزيد من الازمات بعد ان بدأت الشركات تعلن عن إفلاسها او اعتزام بعض رجال الاعمال الفرار للخارج. لذلك تراجع اولاند بعد عامين من حقبته الرئاسية بتخفيض الضرائب على رجال الاعمال وفى المقابل يقومون بدورهم بتشغيل العمال ودفع عجلة الانتاج. ونذكر ببعض التسهيلات التى كان يقدمها زعماء اليمين الشعبوى الديجولي- فاليرى جيسكار ديستان،جاك شيراك،نيكولا ساكوزي-لطبقة المبتدئين من اصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة من رجال الاعمال وتتمثل فى مهلة سماح ضريبى..عام او عامين تقريبا. بالإضافة الى ان فرنسا غالبا ما تنتهج نظام السماح من الضرائب لفترة ما على كل عاطل يقوم المستثمر او رجل الاعمال بانتشاله من البطالة علما بان فرنسا بها هيئة خاصة يتوجه اليها العاطلين للتسجيل حتى يتسنى للحكومة مساعدتهم فى البحث عن العمل من ناحية..وحصر نسبة العاطلين من ناحية اخرى بالإضافة الى ان العاطلين الذين كانوا يعملون سالفا وتم اخراجهم من عملهم تحت اى ظروف تقوم الدولة بمساعدتهم ماديا حسب الاجر الذى سبق لهم وتقاضوه فيما قبل على ان يكون بطريقة رسمية بمعنى ان يكون من دافعى الضرائب والتأمينات والمنظومة الكاملة فى هذا الاطار. وربما قبيل ان تختتم نشير الى ان معظم الشركات الفرنسية تذهب للتصنيع فى الخارج بدول فى منطقة آسيا كا لصين وبنجلادش وبعض دول المغرب العربى وغيرها..ذلك للهروب من الايدى العاملة الفرنسية باهظة الاجر من ناحية والهروب من الضرائب التى تثقلهم بها الدولة من ناحية اخري.
بافيت .. الأكثر كرما مروى محمد إبراهيم يعتبر الملياردير الأمريكى الشهير وارين بافيت رئيس مجلس إدارة مجموعة «بركشاير هاثاوي» التجارية الأمريكية العملاقة أكبر مستثمر فى العالم يقوم بنشاط خيرى ومجتمعى واسع، فهو لم يكتف بعمل «نافورة» أو تمهيد طريق، وإنما تعهد بالتبرع ب99% من ثروته للأعمال الخيرية والإنسانية من خلال مؤسسة «جيتس»الخيرية. وبلغ تأثير بافيت فى المجتمع الأمريكى أنه تحول إلى بطل لمسلسل كارتونى باسم »نادى المليونيرات السري» وتعرضه إحدى القنوات التليفزيونية المهتمة بالأسرة. واستغل المليونير الأمريكى هذا المسلسل فى دعم المشاريع الصغيرة من خلال مسابقة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و14 عاما يتبارون خلالها فى طرح أفكار بسيطة يمكن أن تكون بداية لمشروع صغير ومربح. وحرص بافيت على دعم هذه المسابقة من خلال موقع إلكترونى إرشادى للأطفال وأولياء أمورهم ومعلميهم لمساعدتهم على الإبداع والابتكار. ولم يقف نشاط بافيت الخيرى عند هذا الحد، بل أطلق هو وجيتس حملة »العطاء« التى شجعوا من خلالها أكثر من 92 مليارديرا أمريكيا على التبرع بنصف ثرواتهم أو أكثر للأعمال الخيرية وعلى رأسهم تيد ترنر مؤسس شبكة «سى إن إن» الإخبارية، ومارك زوكربيرج مؤسس موقع فيسبوك، ومايكل بلومبيرج عمدة نيويورك السابق، وجوردون مور مؤسس شركة »إنتل« العالمية لتكنولوجيا المعلومات وغيرهم الكثيرون. والمعروف أن بافيت - 84 عاما - هو أغنى رجل فى العالم فى عام 2009 ، ورابع أغنى رجل فى العالم لعام 2013 حسب مجلة فوربس الأمريكية ، وثروته تزيد على 53 مليار دولار جناها كلها من كونه أشهر مستثمر فى البورصة الأمريكية.
القاسمى .. دور تنموى عابر لحدود «الشارقة» أحمد هوارى حاكم إمارة الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد بن صقر القاسمى أحد الشخصيات العربية البارزة التى أسهمت بدور تنموى تجاوز حدود إمارة الشارقة ودولة الإمارات العربية ، عرف عنه تعلقه بالعلم والبحث العلمى والأدب والثقافة والفن. امتدت إسهامات عضو المجلس الأعلى لاتحاد دولة الإمارات الشيخ القاسمى التنموية للعديد من الدول العربية فى مقدمتها مصر ، وتواصل على مدى الأعوام الأخيرة دعمه لمختلف الأنشطة الاجتماعية والثقافية والخدمية لمصر ، وكان فى مقدمة الداعمين لصندوق أسر الشهداء بمليونى دولار, كما قدم مبادرة لتطوير المناطق العشوائية بالجيزة بإنشاء 10 عمارات لسكان عزبة حرب الشرقيةوالغربية التى تعانى العشوائية. كما أهدى للجمعية المصرية للدراسات التاريخية المقر الحالى بمدينة نصر . كما قدم الشيخ القاسمى مجموعة كبيرة نادرة من المخطوطات الأصلية والمجلدات والكتب والموسوعات النادرة والخرائط التى يزيد عدد عناوينها عن 4 آلاف عنوان من المقتنيات الشخصية النادرة والنفيسة لسموه إهداء للمجمع العلمى المصرى لإعادة تعمير مكتبة المجمع التى احترقت خلال الأحداث المؤسفة التى شهدتها مصر عقب ثورة 25 يناير . وتبرع الشيخ القاسمى كذلك بمبلغ مليونى دولار لترميم مبنى كلية الهندسة فى جامعة القاهرة وتزويده بالمعدات اللازمة كافة وذلك بعد الحريق والدمار والضرر الكبير الذى لحق بالمبنى خلال فض اعتصام النهضة .
الأمير طلال مبادرة لإنشاء بنوك الفقراء فى العالم العربي فى مارس 1996 أطلق الأمير طلال بن عبد العزيز عبر مقال فى صحيفة الأهرام مبادرة لتأسيس بنوك الفقراء فى دول العالم العربي، وذلك لتخفيف الصعوبات التى تواجهها هذه الشريحة، وتحسين ظروفهم المعيشية، وتحويلهم إلى قوة منتجة تعتمد على ذاتها وتسهم فى دعم مجتمعاتها ، وذلك بعد تعرفه على فكر البروفيسور محمد يونس، مؤسس بنك جرامين فى بنجلاديش ورائد التمويل الأصغر فى العالم فى منتصف تسعينيات القرن الماضي، وبدآ فى تنفيذ هذه الفكرة من خلال برنامج الخليج العربى للتنمية ( أجفند ) بدءاً بنشر ثقافة التمويل الأصغر، وتقديم الدعم الفنى لمشروعات التمويل الأصغر، وتمهيد الأرضية القانونية والتشريعية، وتحقيق الاندماج المالى للفقراء، واستيعابهم فى العملية الاقتصادية، وتحويلهم إلى عناصر منتجة تفتح فرص العمل لغيرهم (خاصة شريحة الشباب). من خلال مشروع بنوك الفقراء أجاب (أجفند) عن سؤال مهم، وهو كيف لنا أن نوجد نموذجاً تنموياً يحقق الاستدامة؟ فكانت الإجابة لصالح «العمل مع رجال الأعمال المؤمنين بالأعمال الاجتماعية»، كونها مجدية وتخدم الفقراء، وكذلك فى الوقت نفسه تشبع رغبة الشركاء الذين يريدون خدمة مجتمعهم. فما تحققه بنوك الفقراء من عوائد تتم إعادة رسملتها للتوسع فى تنفيذ مشاريع تخدم الشريحة المستهدفة. والمؤسسون (الذين جمعهم الهدف الإنسانى لحل مشاكل اجتماعية) لا ينتظرون أرباحاً عن مساهماتهم، بل تعود الأرباح للبنك لتحقيق المزيد من التطوير والتوسع والانتشار .. وتكللت هذه الجهود بافتتاح أول بنك للفقراء فى العالم العربى فى الأردن، الذى باشر عملياته فى عام 2006، وتبعه بنك الأمل للتمويل الأصغر، فى اليمن 2007، ثم بنك الإبداع للتمويل الأصغر فى البحرين 2009، وفى سوريا 2011، وسيراليون 2011، ولبنان 2012 والسودان 2013، والفلبين 2014، كما يجرى الآن استكمال متطلبات إنشاء بنوك فلسطين والفلبين وموريتانيا. كانت الآمال أن يتم تأسيس أول بنك للفقراء فى المنطقة العربية فى مصر ، ومن هناك تنتشر الفكرة إلى بقية الدول العربية... ولكن تعثرث جهود إطلاق البنك فى مصر، نظراً لعدم وجود تشريعات تشجع هذا النوع من التمويل..وقد أكد الأمير طلال أن مصر فى حاجة لأكثر من بنك واحد للفقراء للإسهام فى تصحيح الخلل الاجتماعى والاقتصادي.
الحريرى.. إعمار لبنان ودعم التعليم قضية حياته شريف جوهر رفيق الحريرى رئيس وزراء لبنان سابقا ورجل أعمال ، لعب دوراً مهماً فى إعمار لبنان بعد فترة الحرب الأهلية اللبنانية وتم اغتياله فى بيروت فى 14 فبراير 2005 بسيارة مفخخة. ولد رفيق الحريرى فى صيدا بلبنان وهو ابن لمزارع . وعقب اتمامه تعليمه الثانوى عام 1964 التحق بالجامعة ببيروت حيث درس المحاسبة. وكان خلال تلك الفترة عضواً نشيطاً فى حركة القوميين العرب الجناح السياسى للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بقيادة جورج حبش. وقطع الحريرى دراسته سنة 1965 وهاجر إلى السعودية حيث عمل كمدرس للرياضيات فى جدة ، ثم كمحاسب فى شركة هندسية ، ثم انشأ شركته الخاصة للمقاولات عام 1969. و برز دور شركة الحريرى كمشارك رئيسى فى عمليات الاعمار التى كانت المملكة العربية السعودية تشهدها فى تلك الفترة. ونمت شركته بسرعة خلال السبعينيات حيث نفذت عددا من التعاقدات الحكومية لبناء المكاتب والمستشفيات والفنادق والقصور الملكية. وحظى الحريرى باحترام وثقة الأسرة الحاكمة السعودية ومنح الجنسية السعودية عام 1978.. وأسهم الحريرى فى جهود إعادة اعمار لبنان وضخ أموالاً ضخمة فى مشروعات إعادة إعمار البلد بعد الحرب الأهلية التى عاشتها . ومن أهم ما قام به المساهمة فى تحقيق مشاركة كل الأطراف المتنازعة فى مؤتمر الحوار الوطنى فى جنيف عام 1983، وكذلك المؤتمر الثانى الذى انعقد فى لوزان بسويسرا فى العام نفسه.. وأصبح الحريرى فى مطلع الثمانينيات واحداً من مائة أغنى رجل فى العالم واتسع نطاق إمبراطوريته لتضم شبكة من البنوك والشركات فى لبنان والسعودية وفرنسا، إضافة إلى شركات للتأمين والنشر ، والصناعات الخفيفة وغيرها.. وأسس عام 1979 المعهد الإسلامى للدراسات العليا فى مسقط رأسه فى مدينة صيدا بلبنان، كما أسس فى العام نفسه مؤسسة الحريرى للثقافة والتعليم العالى التى قامت بسداد تكاليف ومصاريف التعليم والدراسة لآلاف الطلاب اللبنانيين فى الجامعات اللبنانية والأوروبية والأمريكية. وفى عام 1983 بنى مستشفى ومدرسة ثانوية وجامعة ومركز رياضى كبير فى كفرفالوس قرب صيدا فى لبنان. وقوبل تعيين الحريرى رئيسا للوزراء بحماس كبير من غالبية اللبنانيين. وخلال أيام ارتفعت قيمة العملة اللبنانية بنسبة 15% . وقام باقتراض مليارات الدولارات لإعادة تأهيل البنية التحتية والمرافق اللبنانية، وتركزت خطته التى عرفت باسم «هورايزون 2000 «على إعادة بناء بيروت أولاً. وخلال فترة رئاسته الأولى ارتفعت نسبة النمو فى لبنان إلى 8% عام 1994 وانخفض التضخم من 131% إلى 29% واستقرت أسعار صرف الليرة اللبنانية.