الصناديق الخاصة العصا السحرية التي يحلم كل رئيس حكومة بضمها للموازنة العامة للدولة لتساعده في حل الأزمة المالية التي تواجه الدولة وخاصة في ما يتعلق بعجز الموازنة وتزايده المتوالي إلا أن هذا الملف يعد من الملفات الشائكة التي يصعب فتحها بالرغم من وعود كل المسئولين السابقين بذلك ،بداية من حكومة الدكتورعصام شرف حتى المهندس إبراهيم محلب الذي أكد في تصريحاته خلال زيارته السويس أنه سيقوم بفتح هذا الملف وتطبيقه القانوني بكل حسم.خاصة وأن عدد الصناديق الخاصة المسجلة بالهيئة يبلغ نحو 660 صندوقا بإجمالي 42 مليار جنيه والجدير بالذكر أن 90% من الصناديق تتبع وزارات وهيئات حكومية. فكيف نشأت هذه الصناديق؟ ومن يديرها؟ ومن أين جمعت المليارات التي تتحكم فيها؟ وفي أي مجالات تصرفها؟
وفي تصريحات لمصدر مسئول في الجهاز المركزي للمحاسبات قال إن أرصدة الحسابات والصناديق الخاصة بلغت 40.8 مليار جنيه بنهاية يونيو 2013، وإن ما يخص منها أجهزة الموازنة العامة يبلغ 32.1 مليار جنيه، وما يخص جهات خارج الموازنة العامة يمثل 8.7 مليار جنيه ومن جانبه أوضح الخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق أن فكرة الصناديق الخاصة نشأت بعد نكسة 1967 ،كمحاولة من الحكومة لتخفيف العبء نتيجة عدم القدرة على سد بعض الاحتياجات في الموازنة العامة للدولة، إذ كانت أول سابقة في هذا المجال هي إصدار القانون رقم (38) لعام 1967 الذي أقر إنشاء صندوق للنظافة في المحليات تم تمويله من خلال فرض رسوم نظافة محلية. واستطرد لكن النشأة الرسمية ل«الصناديق الخاصة» أو «الحسابات الخاصة» كانت في عهد الرئيس الأسبق أنور السادات من خلال القانون رقم (53) لسنة 1973 بشأن الموازنة العامة للدولة. فقد أباح هذا القانون إنشاء«صناديق خاصة» و«وحدات ذات طابع خاص» في المادة (20) منه . ويقول إن الرئيس المخلوع سمح بإنشاء أكثر من ستة حسابات خاصة في رئاسة الجمهورية بلغ ما تحتويه من أموال حتى ليلة التنحي عن الحكم نحو 3 مليارات دولار لا أحد يعرف عنها شيئًا حتى الآن. وفي هذا السياق، يقول مدير مركز الدراسات الاقتصادية الدكتور صلاح جودة أن موارد الصناديق الخاصة التابعة لوحدات الجهاز الإداري للدولة تأتي من الرسوم التي تفرضها وتحصلها تلك الوحدات من المواطنين. وتتنوع الرسوم بحسب الجهة صاحبة الصندوق. فهناك الرسوم الدراسية بالكليات والمعاهد، ورسوم تأمين استخراج اللوحات المعدنية للسيارات، ورسوم شهادات البيانات للسيارات، وهناك المصاريف الإدارية والدمغة المدفوعة للحصول على ترخيص سيارة أو رخصة قيادة و البطاقة الشخصية، وكذلك هناك تذاكر زيارة المرضى بالمستشفيات وتذاكر الانتظار بمواقف السيارات ورسوم الطريق «الكارتة»، بالإضافة إلى المصاريف الإدارية والتمغات المدفوعة للحصول على رخصة بناء أو القيام بنشاط تجاري ، موضحا إنه لا يوجد حصر أو إحصائيات موثوق بها لعدد الصناديق الخاصة وما بها من أموال، والسبب هو عدم وجود رقابة على التحصيل وكيفية الإنفاق، وهو ما ظهر جليًا في تضارب التصريحات حول قيمة هذه الصناديق بين الجهات المختلفة مثل الجهاز المركزي للمحاسبات أو وزارة المالية أو مجلس الوزراء. وأضاف أن عدم وجود ضوابط في القانون المنظم للصناديق يجعل الرقابة عليها غير ذات جدوى. فعلى سبيل المثال، قيام المسئول عن الصندوق بإنفاق جميع موارده علي المكافآت والحوافز والبدلات لا يعد مخالفة، ببساطة، لأنه لا توجد قواعد محددة تحكم إدارة الأموال. ومن ناحية أخري أكد الدكتور محمد معيط نائب رئيس هيئة الرقابة المالية أن صندوق التأمين التعاوني علي الصيادين يخضع لإشراف الرقابة المالية ويعمل منذ سنوات طويلة وكاشفا عن رفض الرقابة المالية صرف تعويض لبعض الصيادين الذين توفوا علي احد المراكب لعمل المركب بأنشطة غير شرعية كتهريب السولار وتورطها في قضايا هجرة غير شرعية للعمالة. واستكمل معيط تم رفض صرف التعويض للصيادين المتوفين لمخالفة أنشطة المركب مع النظام الأساسي للصندوق الذي يشمل تعويض الصيادين الذين يعملون في أنشطة مشروعة بمبلغ 20 ألف جنيه كحد أقصي لحالة وفاة العامل علي المركب. وأضاف أن إجمالي حجم الأموال داخل صندوق التأمين التعاوني علي مراكب الصيد الآلية والعاملين عليها تصل إلي 15 مليون جنيه منها 13 مليونا مخصصات ويتم استثمار جميع الأموال في إيداعات بنكية ومشيرا إلي أن تعويض الصندوق يكون في حالات الإهلاك غير المتعمد للمركب علي أن يصرف كامل قيمة المركب حتى لو وصلت مليون جنيه دون وجود حد أقصي لتعويض المركب وفي حالة الإتلاف الجزئي يؤخذ جزء من التعويض ويتم تعويض العاملين عليها بحد أقصي 20 ألف جنيه. وأوضح أن رفض الهيئة جاء بعد التأكد من عمل المركب والصيادين في نشاط غير شرعي بناء علي حكم المحكمة وتقرير جهة أمنية كبري. وقال معيط أن هناك حرصا علي حماية حقوق المواطنين ومشيرا إلي أن الرقابة المالية اكتشفت نحو 50 صندوق تأمين خاصا ومخالفا لصرف المعاشات والمكافآت منذ بداية العام الحالي وحتى الآن ، مؤكدا أن هناك معلومات بوجود صناديق تأمين أخري ومطالبا البنوك بمزيد من التعاون وإبلاغ الرقابة المالية عن حسابات الصناديق لخطورة عملها دون رقابة علي حقوق المواطنين المالية وعدم قدرتها علي الوفاء بالتزاماتها تجاه الأعضاء ، مشيرا إلي أن الرقابة المالية أوقفت التعامل علي حسابات بنكية لخمسة صناديق خاصة لحين توفيق أوضاعها بعد تلقي شكاوي عديدة من المواطنين.