طوابير أمام اللجان الانتخابية في أبوزنيمة والطور وأبورديس بجنوب سيناء    ضبط شخصين بالقاهرة يحملان مبالغ مالية لتوزيعها على ناخبين مقابل التصويت    بعد تصديق السيسي عليها، النص الكامل لاتفاقية التنقيب عن البترول في الصحراء الشرقية    البورصة تواصل ارتفاعها بمنتصف التعاملات بتداولات تتجاوز 3 مليارات جنيه    رئيس الوزراء يستقبل نظيره الجزائري بمطار القاهرة الدولي (صور)    الأمم المتحدة: مقتل 127 مدنيا في هجمات إسرائيلية في لبنان منذ وقف إطلاق النار    قطر تعلن بيع 500 ألف تذكرة لمباريات كأس العرب 2025    4 غيابات مؤثرة في مران ريال مدريد.. وتوضيح موقف كورتوا    لاعب إيفرتون: مشادة جانا جاي مع كين كانت لحظة جنون.. وهذا ما حدث في الاستراحة    الاتحاد الإفريقي لكرة القدم يحدد الموعد النهائي لإرسال قوائم أمم إفريقيا    الداخلية تضبط متهماً تخصص في تزوير المستندات والاستيلاء على أموال المواطنين    ضبط 4 أشخاص يستقطبون الرجال عبر تطبيق هاتفي لممارسة الأعمال المنافية للآداب بالإسكندرية    رحلت منذ قليل، من هي الفنانة بيونة التي نعاها الرئيس الجزائري؟    تكريم عمار الشريعي بلمسة أوركسترا بريطانية    «هي.. أصل الحكاية».. حوار حول مناهضة العنف ضد المرأة بملتقى الهناجر الثقافي غدا    تعرف على صحة كبدك من لون البول    رئيس بحوث الصحراء: الزراعة أكثر القطاعات الإنسانية ارتباطًا بالبيئة    كامل الوزير يدعو المصانع والشركات لتوطين تكنولوجيا الصناعات الخضراء والاستثمار في تطبيقات الجودة    "القومي للمرأة" يطلق غرفة عمليات متابعة سير العملية الانتخابية    مصر وإيطاليا توقعان عددا من بروتوكولات التعاون لإنشاء 89 مدرسة تكنولوجيا تطبيقية    تعزيز التعاون بين "سلامة الغذاء وجايكا" لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة    حالة الطقس في السعودية اليوم الثلاثاء    توافد الناخبين بالأزبكية والتجمع الخامس للإدلاء بأصواتهم في انتخابات مجلس النواب    وزير التعليم: أتوجه بالشكر للرئيس السيسى تقديرا على اهتمامه البالغ بالتعليم    تأجيل محاكمة المتهم بقتل زميله وتقطيع جثته بالإسماعيلية    بعد تصنيف «كارتل الشمس» إرهابية.. أمريكا تستعرض قواتها قرب فنزويلا    وزارة الدفاع الروسية تعلن تنفيذ ضربة واسعة خلال الليل استهدفت منشآت أوكرانيا العسكرية والصناعية ومنشآت الطاقة    ماكرون: خطة ترامب للسلام في أوكرانيا بحاجة لتحسينات    الوفد الثالث من الملحقين الدبلوماسيين يزور ستديوهات ماسبيرو    وفاة الفنانة الجزائرية الكبيرة بيونة عن عمر ناهز 73 عاما    مغادرة مئات شاحنات المساعدات معبر رفح البري إلى كرم أبو سالم لدعم أهالي غزة    وزير الاتصالات يبحث التعاون الرقمي مع وزير التنمية الرقمية الأذربيجاني    ظهر اليوم.. هدوء بلجان القصر العيني ووسط البلد وتسهيلات لذوي الاحتياجات الخاصة    الموضوع انتهى.. خالد الغندور يكشف تفاصيل مشادة تريزيجيه وبن شرقي    الصين: أجواء المكالمة الهاتفية بين شي وترامب كانت "إيجابية وودية وبناءة"    مصر تستضيف أكبر منتدي اقتصادي لاتحاد برلمانات المتوسط برئاسة أبو العينين    استقبال 2245 حالة بعيادات طب الأسنان بجامعة بني سويف خلال الشهر الجاري    القبض على المتهم بإنهاء حياة والدته بعد دفعها من الطابق الثاني أمام مجمع الهيئات ببورسعيد    غرفة عمليات التنسيقية: إقبال جماهيرى مكثف على مدرسة التونسى الابتدائية بالقاهرة    محاكمة فضل شاكر أمام المحكمة العسكرية اليوم    الافتاء توضح حكم الامتناع عن المشاركة في الانتخابات    الهيئة الوطنية تعلن انتظام التصويت فى اليوم الأخير من المرحلة الثانية لانتخابات النواب    المستشار أحمد بنداري يُدلي بصوته في المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    شريف إكرامى يؤازر رمضان صبحى فى جلسة محاكمته بتهمة التزوير    تشكيل الهلال المتوقع أمام الشرطة في دوري أبطال آسيا    وزيرة التضامن توجه فريق التدخل السريع بالتعامل مع حالات كبار بلا مأوى    وزير الصحة يلتقي وفد اتحاد الغرف التركية لبحث التعاون الصحي والاستثمار المشترك    الزراعة تطلق حملة لمواجهة مقاومة المضادات الحيوية في الثروة الحيوانية    «الصحة»: تقديم 21.9 ألف خدمة في طب نفس المسنين خلال 2025    وكيلهما: الجزار كان قريبا من الأهلي.. وتوروب لم يطلب رحيل أحمد رضا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في محافظة قنا    عزيز الشافعي يخطف الأنظار بلحن استثنائي في "ماليش غيرك"... والجمهور يشيد بأداء رامي جمال وروعة كلمات تامر حسين وتوزيع أمين نبيل    دعاء وبركة | أدعية ما قبل النوم    محافظ قنا يعلن رفع درجة الاستعداد القصوى لمواجهة حالة عدم الاستقرار الجوي    أول تعليق من رئيس الاتحاد السكندري بعد أحداث نهائي المرتبط    البيان الختامي لعملية التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025.. المرحلة الثانية    هل يجوز للزوج الانتفاع بمال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    وزارة الأوقاف الفلسطينية تُشيد ببرنامج "دولة التلاوة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الألفة المحيرة بين السلطة ومثقفيها
نشر في الأهرام اليومي يوم 18 - 05 - 2014

ثمة مسافة حقيقية يجب أن يبقى المثقف عليها فى علاقته بالسلطة، مسافة تقربه أكثر من الجماهير، بوصفه حاملا أشواقهم الإنسانية فى عالم أكثر حرية وجمالا وعدلا، وبما يعنى أن حركة المثقف فى مجتمعه ليست منشأة فى الفراغ، أو حرثا فى الماء، بل إنها بنت سياقها السياسي/ الاجتماعي، معنية به، ومشغولة بواقع ناسه؛ بغية تبصيرهم بعالمهم، وتثوير وعيهم، وتنويره، وصولا إلى ذلك الوعى الممكن، القادر دوما على الاستشراف والتخطي، لا السكونية والثبات.
من هنا يمكننا أن نرى تلك الفجوة المتسعة بين كثير من النخب الثقافية وجماهير شعبها من ناحية، وبين الأداءات المهترئة للنخب الثقافية وقناعاتها التى ترطن بها دائما من ناحية ثانية. وتكتمل دائرة البؤس السياسي/ الثقافى حين تكرس السلطة بعمد أو بجهالة- لمشهد قديم، مغرق فى فشله وفساده وماضويته فى آن، ربما انطلاقا من خيال تقليدى لا يزال يتعاطى مع الثقافة من منظور استهلاكى «ساداتي/ مباركي» الطابع، وبما يشعرك بأن السلطة أى سلطة- تحيا علاقة ألفة مع مثقفيها، وتتعامل معهم وفق صيغة سرمدية، وبما لا يليق بأمة ناهضة صنعت ثورتين مجيدتين فى غضون ثلاث سنوات وشهدت زخما سياسيا/ ثقافيا هائلا.
السلطة تريد مثقفها مستأنسا، تدجنه وقتما تشاء، وكيفما تريد، ومثقفها يحيا بوجهين، وجه معها، ووجه مع جماهيره، فهو بإزائها تابع، وبإزاء جماهيره قائد رأى رطانه منذور فقط لخدمتها، ولمصالحه الخاصة، يقدمه وقت الطلب وحسب الحاجة، وهذا الصنف من المثقفين تراهم دائما مع كل رئيس وخلف أى زعيم رافعين رايات الثورة بيد، بينما يغتالون باليد الأخرى مستقبل وطن.
ثمة صنف آخر يلعب فى الاتجاه المعاكس، هؤلاء يمتهنون النضال، ويتعاملون معه بوصفه حرفة، فابتذلوه ابتذالا، هؤلاء يزايدون على كل شيء، وأى شيء، على الماء البارد حتى، لم هو بارد هكذا؟!، لكنهم من جانب آخر لا يتورعون عن التكريس للفساد الثقافي، الذى زكمت رائحته الأنوف، ولا يتوقفون عن تلقى الهبات من وزارة الثقافة ويقفون بتطاول يليق بمرتزقة أمام أى محاولة حقيقية لتغييرها، ودفعها صوب امتلاك مشروع ثقافى وطنى الهوى والملامح، يعبر عن ناسنا وبيئاتنا، وثقافتنا الطليعية.
إن الثورات فعل استثنائى فى حياة الأمم، لا تصنعه على سبيل الترف، أو كسر الملل، لكنها تصنعه لغاية، وتنجزه لهدف، وتبذل فى سبيله الدماء، فتبكى الأمهات جراء الفقد، ويحيا الشباب فاقدا بصره طيلة عمره، لا لشيء إلا لأن هذه الأمة حينما خرجت على نظامى مبارك ومرسي، كانت قد قررت أن تحوز إنسانيتها من جديد، لكن الثورات السليبة سرعان ما يسطو عليها جماعة إرهابية كما حدث من قبل الإخوان الفاشيين حين سطوا على ثورة يناير، أو أن يحاول نظام قديم أن يسطو عليها كما يحدث من جماعات الفلول المباركية مع ثورة الثلاثين من يونيو، ولعل ما تداولته الصحف بشأن الحوار العاصف بين المشير السيسى وعدد من رجال الأعمال جراء تأكيده لهم حتمية قيامهم بدور اجتماعى تجاه الفقراء والمهمشين، ينبئ عن أن ثمة واقعا مباركيا قديما يريد بعض رأسماليى عصر مبارك الإبقاء عليه.
وعلى الدولة المصرية أن تعيد صياغة العقل العام، بما يتواءم مع اللحظة الراهنة، ويفى بمنطقها بالغ التعقد والتشابك، الذى يستدعى خيالا جديدا للتعاطى مع كل شيء، فالتصورات القديمة تكرس لواقع قديم، وفى دولة الثلاثين من يونيو من العيب أن تعود النخب الثقافية التى تمترست فى عهد الموات السياسى والثقافى المباركى لتطل علينا من جديد بوصفها معبرة عن المثقف المصرى اليوم، وممثلة لذلك «الآن/ وهنا» ، وبما يعنى أن الثورة حقا لم تصل إلى الثقافة ولم تقرب بابها قط.
وعلى السلطة الجديدة التى ستتشكل بعد انتخابات الرئاسة والبرلمان أن تدرك أن نجاحها فى ولائها للناس، وفى انتصارها لهم، وفى محاولتها إيجاد آلية جديدة للفرز، بعيدا عن التفكير القديم بآلياته التى لم تغلب طيلة الوقت سوى معيار أهل الثقة على معيار أهل الكفاءة، فانتهى الأمر بنا إلى معدلات فقر وبطالة وفساد وظلم اجتماعي، وتراجع مخزٍ للدور الثقافى المصري.
كما يجب على السلطة التى تتشكل الآن أن ترى فى الثقافة آلية واعدة للنهوض بالمجتمع، وألا تتعامل معها من منظور أنها ملك لمجموعة مثقفين يرطنون أكثر مما يخلقون إبداعا، وأن تضع فى حسبانها حتمية امتلاك مشروع ثقافى كبير يعد تعبيرا عن آمال الثورة المصرية وتطلعاتها وأمانيها صوب عالم حر وتقدمى ونبيل، يؤمن بكل قيم التقدم والاستنارة والحداثة والإبداع، ابن أوانه وخياله الخصب الجديد،بما يوجب حضورا بارزا ومختلفا للمنظور الثقافى فى التعاطى مع مشكلات الواقع المصرى وقضاياه، بدءا من سعى الثقافة لايجاد بنية ذهنية اكثر حداثة، مرورا بتخليق سياق تنويرى قادر على مواجهة قوى التخلف والرجعية، وصولا إلى استعادة الثقافة لدورها المركزى بوصفها القوة الناعمة للدولة المصرية الجديدة.
لمزيد من مقالات د.يسرى عبد الله


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.