بعض السطحيين ينظرون الي كتابات الاستاذ الكبير أحمد رجب بوصفها ساحة للضحك والهزر والاستلقاء علي القفا من فرط القهقهة، وهم مخطئون علي الجملة وبالتفصيل، اذ لم ار كاتبا مصريا- علي امتداد عمري- فيه هذا القدر من الفلسفة التي تعددت مداخلها علي نحو لا يدركه الا اصحاب العقول الكبيرة.. وفلسفة الضحك هي باب في علم النفس وعلم الاجتماع، وما من عالم معتبر في اي المجالين الا وتجد له مؤلفا في الموضوع كما رأينا هنري برجسون، او تجد له فصلا في كتاب او بعض الكراسات، كما قرأنا لسيجموند فرويد، لا بل- وعلي امتداد التاريخ المصري- اختلط الضحك بالفلسفة علي نحو ثري جدا كوننا شعبا فيلسوفا منتجا للفكاهة ومستهلكا لها، ولذلك اثار في برديات ولخاف فخارية (اوستراكا) ونسيج قباطي ورسوم كاريكاتورية صاخبة.. نهايته.. في ابريل1989 حاورت الاستاذ الكبير أحمد رجب عن النساء فيما عنونته: (كيدهن عظيم)، وما زلت بعد ربع قرن أتامل سطور ذلك الحوار بدهشة، واكتشف- كل مرة أعاود فيها مطالعته- تجليات اخري لقدرة الرجل علي التفلسف وعلي الفكاهة معا.. قال لي: (المرأة لا تملك العضلات ولكنها تملك الافظع وهو الضعف الانثوي) و(الرجل لا يتعلق بامرأة مفكرة) و(المرأة المناضلة التي تبحث عن المواقف والقضايا لابد ان تفاجأ يوما بان زوجها قد تزوج عليها) و(كل زعيمة نسائية كانت تتمني ان تصبح رجلا)!!، ولطالما تمنيت ان يعزز الاستاذ أحمد رجب مؤلفاته عن المرأة مثل (الحب وسنينه) بالمزيد مما يحمل تلك النوعية من الافكار والمقولات الضاحكة اولا والفلسفية ثانيا.. ومنذ ايام اصدر الكاتب العتيد مؤلفه الجديد (يخرب بيت الحب) الذي قدم لنا فيه باقة من تجلياته الساخرة عن المرأة، وعلاقات الحب والزواج، وعن الغيرة والخيانة، والتفسير الاقتصادي للخلافات الزوجية، وموقف الزوج من حماته، وثقافة القبلات وترشيدها، فضلا عن التجويع العاطفي.. في هذا النص نحن امام حديقة من حدائق الضحك والتفكير معا من رجل ينتج سخريته ويمشي كأن لا علاقة له بما كتب، او كأن شيئا لم يكن. وقد تأكدت من ذلك حين جمعني به عشاء منذ سنوات مع زاهي حواس وأنيس منصور ومصطفي حسين، ونبهته الي مشهد في فيلم (شنبو في المصيدة) المأخوذ عن روايته، وفوجئت بانه لم ير الفيلم وطلب مني شريط فيديو له، وغرقنا في ضحكاتنا الدهشة من ذلك الساخر العظيم الذي لا ير اعماله. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع