قد يظن البعض أن الحرب الباردة انتهت إلا أن الواقع هو أنها لم ولن تنته طالما أن قطبيها «أمريكاوروسيا» باقيان، بل إن شراستها تزداد يوما بعد يوم, وكلما انطفأ مصدر للنزاع يشتعل آخر .. فبعد أن هدأت وتيرة النزاع حول الموقف من سوريا فقد تجددت مرة أخرى عقب تدخل بوتين فى الأزمة الأوكرانية غير مبال برد فعل المجتمع الدولى على تدخله، وكانت النتيجة فرض الولاياتالمتحدة عقوبات على روسيا، ولكنها لم تكتف بذلك بل تسعى الادارة للبحث عن طرق بديلة تكون بمثابة كروت إرهاب من أجل الضغط على بوتين، بدأتها بالبحث عن الثروة الحقيقية التى يمتلكها لعلها تكون ورقة رابحة لتهديد بوتين وإجباره على التراجع عن موقفه تجاه الأزمة الأوكرانية . وعلى مدى ال 15 عاما الماضية كانت الشكوك حول امتلاك بوتين لثروة طائلة لا يعلم أحد عنها هو ما يشغل بال رموز المعارضة والصحفيين والمحللين الاقتصاديين واعدائه فى الخارج، لكن بالرغم من كل ما بذلوه من جهود للوصول لحقيقة ثروته وما يمتلكه فى الخفاء والعلن، إلا أنه لم يعد بالنتائج المرجوة لكن الولاياتالمتحدة جددت البحث مرة أخرى وذلك طبقا للتقرير الذى أصدرته صحيفة ال «نيويورك تايمز» الأمريكية والذى أفاد بأن المخابرات المركزية الأمريكية «سى .أى.ايه» تقدمت بتقرير سرى عام 2007 أفاد بأن بوتين يملك حصصاً فى ثلاث شركات للنفط والغاز وهى شركة »جونفر« التى يمتلك نسبة كبيرة من أصولها قد نصل إلى 75 %، والتى تعد رابع أكبر شركة لتجارة النفط فى العالم حيث تحقق عائدات تتعدى ال 91 مليار دولار سنويا, كما ذكر التقرير أن بوتين يمتلك أيضا أسهما فى شركة الطاقة الشهيرة «جازبروم» التى تمتلك أكبر مخزون من الغاز الطبيعى فى العالم، كما يملك 37 % من أسهم شركة »سورجوتنفت جاز« لتكون نتيجة التقرير أن ثروة بوتين منذ 7 سنوات تجاوزت ال 40 مليار دولار، وهو ما أكده ستانيسلاف بلكوفسكى - المحلل السياسى وأحد أكثر المعارضين لبوتين والذى دافع كثيرا عن المعارض خوردوكوفسكى وهاجم الكرملين بعد اعتقاله ومحاكمته - الذى خرج ليؤكد أن قيمة ثروة بوتين لا تقل عن 70 مليار دولار مما يعنى انه ليس فقط أغنى رئيس فى العالم بل أغنى رئيس فى التاريخ ، لكن لم يثبت بلكوفسكى لا هو ولا غيره تلك الاستنتاجات بالمستندات التى تثبت امتلاك بوتين لأى من حصص أو أصول فى تلك الشركات. بينما خرج ديمترى بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، ليدافع باستماتة عن بوتين و يؤكد أنه منذ عمله فى ال «كى جى البيى» يعشق العمل والزعامة و الامساك بمقاليد الحكم ولكنه لم يكن مطلقا من هؤلاء الشغوفين بجمع المال ، بل وصرح بأن بوتين يعد أفقر سياسى فى الكرملين خاصة بعد التقرير الذى أصدره الكرملين والذى أفاد بأن دخل بوتين السنوى لا يتجاوز ال 102 ألف دولار فقط، ويملك 3 سيارات صناعة روسية، وشقة مساحتها 77 مترا مربعا، وقطعة أرض، وجراج. فى حين أن ما ذكره موقع «بلومبرج» مسبقا أن بوتين يمتلك ساعات قيمتها وحدها 700 ألف دولار . وفى 2012 كتب بوريس نيمتسوف أحد أبرز المعارضين تقرير ذكر من خلاله أن ما يمتلكه بوتين يتعدى ال 20 مسكنا و 15 طائرة هليكوبتر و4 يخوت .وجاء ذلك بعد أن ذكر رجل الأعمال سيرجى كولينيكوف فى 2010 أنه ساعد بوتين سرا فى بناء قصر يطل على البحر الميت بلغت تكلفته مليار دولار. ولكن الكرملين نفى كل ما ذكره كولينيكوف ووصفه بالهراء وغير المنطقى مطلقا. وطبقا لتقرير ال »نيويورك تايمز« ، فإن إدارة أوباما تريد إرسال رسالة لبوتين بشكل غير مباشر بأن الولاياتالمتحدة تعرف أين يخفى ثروته، وذلك بفرض عقوبات بحق 7 شخصيات رسمية روسية، بينها اثنتان مقربتان من الرئيس بوتين، و تجميد أصول هذه الشخصيات وحرمانها من تأشيرات الدخول إلى الولاياتالمتحدة كذلك سيتم تجميد أصول 17 شركة روسية مما اعتبرها من الدائرة المقربة لبوتين لتأتى تلك المرحلة الثانية من العقوبات استكمالا للضربات التى تم توجيهها لبوتين تبعا لعقوبات المرحلة الأولى التى كانت فى مارس الماضى والتى طالت رجل الأعمال جينادى تيمشنكو، أحد مالكى شركة «جينفور» التى يشاع أن بوتين يملك حصة كبيرة منها بل وجاءت العقوبات للانتقام ممن ساعدوا بوتين من قبل.. فمن بين الذين طالتهم العقوبات، رئيس شركة «روزنفط» ايجور سيخين الذى عمل مع بوتين فى تسعينات القرن الماضى وهو من سعى من اجل هجوم «قانونى» على شركة «يوكوس» النفطية الخاصة ومؤسسها ميخائيل خودوركوفسكى الذى كان حينها من آثرى أثرياء روسيا واستولت «روزنفط» على الجزء الأكثر ربحاً من «يوكوس» قبل آن يتم أعتقاله. تتجه الأنظار حاليا إلى الصراع الروسى الأمريكى وما إذا سيستطيع أوباما النيل من بوتين بعد العقوبات التى فرضها أم أن دهاء سيد الكرملين وثباته على موقفه سيجعل هذه الجهود تذهب أدراج الرياح؟.