المصريون فى الخارج قوة ضاربة لابد من استغلالها وعدم الاستهانة بها ، وعلى الدولة أن تستغل إمكاناتهم الفكرية والعلمية والاقتصادية بشكل مؤسسى وفعال لخدمة مصر واقتصادها ، حيث إن عدد المصريين فى الخارج يتعدى 10 ملايين مغترب ،وهذا يمثل طاقة هائلة، ليس فى تحويلاتهم السنوية فقط والتى تتجاوز العشرين مليار دولار، ولكن فيما يمكن أن يعملوه من أجل مصر وتقدمها، ولقد عانى المصريون بالخارج من عدم الاستفادة منهم فى تسهيل إقامة المشروعات الاستثمارية فى مصر أو الاستفادة من خبراتهم خاصة من العلماء، ولقد حاول الكثير منهم النهوض بالاقتصاد المصرى . تحقيقات الأهرام تناقش هذه القضية الخطيرة وتقف على أهم المشروعات القومية الكبرى التى سيسهم المصريون بالخارج فيها وأهم العقبات أمامها. الدكتور محمد الجمل المنسق العام للمصريين فى الخارج ورئيس مؤسسة مصر الأمل يقول: إن المصريين ثروة قومية لابد من الاستفادة منها لدعم الاقتصاد المصري، خاصة بعد الانتخابات الرئاسية , بالإضافة إلى ما يمكن أن يعملوه ك»لوبي» لمصر والدفاع عنها فى الخارج ، وشرح الموقف المصري، والعمل على ترسيخ التعاون بين مصر والبلاد التى يعيشون فيها, ولاستغلال هذه الطاقات الهائلة يجب على الدولة أن تساعد فى خلق المناخ الأمنى والاستقرار السياسى اللازمين لجذب المصريين فى الخارج وغيرهم من المستثمرين, لذلك أقوم حاليا بالتعاون والتنسيق والمشاركة مع جامعة القاهرة لتفعيل بيت خبرة مصرى يضم الخبرات العلمية من أبناء مصر فى الخارج وعمل قاعدة بيانات لهم بما فيها تخصصاتهم ومجال أعمالهم، لتمكين المؤسسات المصرية الخاصة والعامة من حسن استخدام هذه الخبرات، ومن ناحية المشروعات القومية نأخذ تنمية محور قناة السويس كمثال ، فيمكن عمل هذه التنمية بشكل أفضل وبتكاليف اقل وبعائد أكثر ، ويتلخص ذلك فى البدء بتحديد موقع التنمية ونقترح عمل منطقة بعرض 20 كم غرب وشرق القناة وبطول القناة الذى يبلغ حوالى 94 كم مع اتخاذ الأمور الأمنية فى الاعتبار, ويمكن إنشاء منطقة لوجستية شرق القناة مثل مدينة جبل على فى الإمارات ، وهذا يشمل الكثير من الخدمات للسفن العابرة وتخزين ونقل البضائع, وفى غرب القناة يمكن عمل مدينة تجارية صناعية وتشمل مراكز مالية وخدمية, مشيرا إلى أن نجاح هذا المشروع القومى يكمن فى إدارته وسبل تنفيذه وتحرير القوانين واللوائح ويجب أن تكون هناك مؤسسة لإدارة المحور ، ومؤسسة أخرى للتسويق وجذب الشركات للمنطقة ، ومؤسسة ثالثة لجذب الاستثمارات اللازمة ولبناء البنية التحتية وغيرها. ويضيف إن مصر تحتاج إلى سياسة جديدة للطاقة، صارمة ومستدامة للتغلب على تحديات العصر، لذا يجب أن نستخدم ممتلكات الحكومة فى تحفيز إنتاج الطاقة النظيفة والمتجددة محليا ، إضافة إلى استخدام تكنولوجيا تخزين الطاقة عن طريق البطاريات المتطورة وسندعو أصحاب المشاريع والمصريين فى الخارج والداخل بأن يجعلوا مصر موفرة للطاقة بمعدل 50% بحلول عام 2030 لأننا نعلم أن أكثر اقتصاد موفر للطاقة سيفوز بالمنافسة فى الصناعات الحديثة والوظائف كما يجب أن نستخدم تدابير مبتكرة لتحسين توفير طاقة المبانى بصورة جذرية. توليد الكهرباء ومن جهته يقول اللواء ياسين سند عضو الاتحاد العام للمصريين فى الخارج إن هناك العديد من المشروعات التنموية التى سيجرى تنفيذها فى مصر بعد الانتخابات الرئاسية ، منها المشروع العملاق لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وتصديرها لأوروبا بمساهمة عدد من المصريين فى الخارج , وهذا النظام يمكن إنتاجه محليا بمكوناته ، وايجاد فرص عمل كثيرة مما يساعد فى القضاء على البطالة ، وسيتم تأسيس شركة للمصريين فى الخارج لتنفيذ هذا المشروع العملاق ،وسنبدأ فى إقامة محطة بمدينة أسوان الجديدة بعد الانتخابات الرئاسية ،ويستمر العمل بها عامين , ونعرض حاليا على شركات الأسمنت أن تمول مثل هذه المحطات لاستهلاكها الخاص ، وتبيع الفائض منه إلى شبكة كهرباء الدولة ،حيث إن هذه الشركات لديها سيولة مالية كبيرة, وسيتم بناء محطات كل 6 أشهر نظرا لأننا نستهلك 30 جيجا وات ، ومع وصولنا لعام 2050 سنحتاج إلى 120 جيجا وات أى أربعة أضعاف ما نستهلكه حاليا. ويمكن نشر هذه المنظومة فى بقاع مصر ، فإقامة 50 محطة من هذا النوع تعطينا 1 جيجا وات ، وهو ما يعادل إنتاج المحطة النووية , ولكن ميزة هذا النظام أنه سيكون قريبا من أماكن الاستهلاك ، ويسهل إدخال الكهرباء منه على شبكات الكهرباء فى بقاع الجمهورية كلها, وانه فى حالة وجود بعض المحطات القريبة من الشواطئ يمكن استخدام فائض الكهرباء منه فى تحلية مياه البحر واستخدامها للزراعة ، بالإضافة إلى أنه بعد سداد الفجوة الكهربائية يمكن إقامة محطات لتصدير الكهرباء إلى أوروبا, وتتكلف المحطة حوالى مليار جنيه مصرى أي20 محطة تتكلف 20 مليار جنيه ،حوالى 3 مليارات دولار ثمن محطة نووية واحدة. مشروع عملاق ويقول المهندس إمام يوسف رئيس الاتحاد العام للمصريين بالسعودية : قررنا منذ انطلاق ثورة 25 يناير التخلص من السلبية والمشاركة بفاعلية فى دعم اقتصاد مصر من خلال مشروع إنتاجى عملاق يعد من المشروعات القومية التى تحتاجها مصر بصفة خاصة، لذا فكرنا فى تأسيس شركة عملاقة تستهدف جذب أكثر من 10 مليارات جنيه من مدخرات المصريين فى الخارج لتحقيق حلم الاكتفاء الذاتى من القمح بدلا من الاعتماد على الاستيراد من الخارج ،والبعد عن ضغط الدول المصدرة للقمح مثل أمريكا وروسيا واستراليا، حيث يستهدف المشروع القومى للقمح زراعة 500 ألف فدان بالمحاصيل الغذائية، وعلى رأسها القمح والذرة والفول والعدس والمحاصيل السكرية والزيتية, وزيادة إنتاج المساحة المنزرعة حاليا وهى 3,2 مليون فدان حوالى 30% حيث إنتاجية الفدان من 14 إلى 18 إردبا، ويمكن زيادته إلى 25 إردبا، عندما نقوم بتوفير كميات التقاوى عالية الإنتاجية الكافية للزراعة من خلال مشروعنا، كما سنقوم بإنشاء صوامع الغلال الكافية فى أماكن الإنتاج لتوفير حوالى 20% فاقدا بسبب سوء التخزين, كما يستهدف المشروع فى مرحلة لاحقة الإنتاج الحيوانى والسمكى والتصنيع الغذائى ،وذلك حتى تكتمل منظومة الإنتاج الزراعى والغذائى ،وبذلك فإن زراعة تلك المساحة بجانب دورها فى سد الفجوة الغذائية فى المحاصيل الإستراتيجية وتحقيق الأمن الغذائى ،توفر فرص عمل للشباب تتعدى نصف مليون فرصة عمل للعمال والفلاحين وخريجى الجامعات فى تخصصات مختلفة، وبالفعل بدأنا التحرك الجاد بعد مرور أقل من شهر على انطلاق ثورة 25 يناير، حيث طرقنا الباب الشرعى وهو وزارة الزراعة ،ورحبت قيادات الوزارة وعلى رأسهم أيمن أبو حديد وزير الزراعة آنذاك بالمشروع وطلبوا منا تأسيس كيان قانونى يمكن التعامل معه، وبالفعل قمنا بتأسيس الشركة المصرية للاستثمار الزراعى والأمن الغذائى شركة مساهمة مصرية بقانون 159 لسنة 1981 وبرأس مال 11 مليون جنيه, كنواة يلتف حولها المصريون, وذلك من خلال أحد أكبر مكاتب الخبرة الاستشارية فى مصر ،وبالفعل قمنا بفتح الحساب الخاص بالمشروع من المؤسسين الأوائل الذين يمثلون الجاليات المصرية فى كل من السعودية وإيطاليا وأمريكا وفرنسا وكندا والكويت، وطرحنا المشروع للاكتتاب العام على المصريين بالخارج عن طريق الدولة وتحت إشرافها، وقررنا أن يكون سعر السهم 100 جنيه على ألا تزيد أعلى مساهمة فى المشروع على مليون جنيه لمنع أى ممارسات احتكارية داخل المشروع وأن يكون المشروع للمصريين المقيمين خارج مصر ثم طورنا الفكرة أكثر بحيث يكون الاكتتاب مفتوحا للمصريين خارج وداخل مصر حتى يكون المشروع ملكا لكل المصريين...غير أننا فوجئنا بعد ذلك بتراجع وزير الزراعة عن الاتفاقات التى تم التوصل إليها ،والمعلنة فى وسائل الإعلام عند بداية المشروع القومى للقمح بشرق العوينات، وكنا نأمل اللحاق بالموسم الزراعى حسب الاتفاق، ولكن بكل أسف وبدون أسباب واضحة لنا، فوجئنا بالمسئولين يتراجعون عن حماسهم للمشروع بالرغم من سعينا منذ البداية إلى تقديم كافة التطمينات والضمانات اللازمة ،ومنها أن تظل الأرض ملكا للدولة ،وليست ملكا للمساهمين، وأن تتولى الوزارة الإشراف الفنى على المشروع وإخضاع كافة حسابات الشركة لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات ،وأن يكون هناك مراقب مالى تختاره الوزارة له حق التوقيع على الشيكات مع رئيس مجلس الإدارة حتى يتم التعامل بمنتهى الشفافية، وأخيرا تمت الموافقة على تخصيص مساحة 25 ألف فدان بنظام حق الانتفاع بمشروع تنمية جنوب الوادى ( توشكى ) كمرحلة أولى ،ويجرى حاليا الإعداد لاجتماع مع المسئولين بوزارة الزراعة لتحديد بدائل للأراضى التى يمكن للمشروع القومى لزراعة القمح البدء بها. دعم مصر ويؤكد إبراهيم بدوى عضو الاتحاد العام للمصريين بالخارج فى الكويت أن المصريين بالخارج يريدون المساهمة فى دعم مصر فى كافة المجالات التنموية والسياسية والاقتصادية بالإضافة إلى المشروعات القومية الكبرى وخاصة فى مشروع محور قناة السويس واستصلاح الأراضى وزراعة القمح وبناء صوامع لحفظ الغلال وبناء مصانع الاسمنت ومحطات الطاقة الشمسية والغاز الطبيعى إلا أن المصريين فى الخارج لديهم أزمة كبيرة مع الحكومات المتعاقبة وخاصة قبل ثورة 25 يناير حيث الفساد والمحسوبية ،أضف إلى ذلك الإجراءات المملة والكثيرة والمتشعبة ووضع العراقيل والمعوقات التى تحبط المستثمرين المصريين العاملين فى الخارج الذين يريدون دعم الاقتصاد المصرى وجلب استثماراتهم فى إقامة المشروعات فى مصر دعما منهم فى تنميتها ونهضتها ،كما تحبط المستثمر العربى والأجنبى ،وفى خضم هذه العراقيل يذهب المستثمرون من المصريين فى الخارج بأفكارهم ومشروعاتهم إلى الدول الأخرى ،وخاصة الإمارات وتركيا حيث يقدم المستثمر فكرته وفى خلال أسبوع على الأكثر يبدأ تنفيذ مشروعه.