فى مسألة اختيار القيادات الجامعية أقول أولا ان الجامعة عقل الأمة وهى رمانة الميزان فى الأوقات العصيبة وعندما نتحدث عن القيادات الجامعية نجد أنها وظائف أكاديمية مهنية رفيعة المستوى لابد من التدقيق والتمحيص فى اختيارها لانها ستؤثر على أجيال قادمة سلبا أو ايجابا ولنا تجارب فى هذا الشأن لابد أن نتعلم منها وندرس مميزاتها وعيوبها، فكل من التعيين والانتخاب عيوب ونتائج يجب دراستها جيدا قبل أن نضع نظاما جديدا، ولقد أتيح لى أن أمر بالتجربتين عميدا بالانتخاب والتعيين. أما التعيين فحدث ولا حرج إذ يعتمد بالدرجة الأولى على التقارير الأمنية من الرقابة الإدارية والمخابرات وأمن الدولة، ولها معايير مختلفة مثل نظافة اليد والسمعة الطيبة، وهذه الصفات وان كانت مهمة لكنها لا تعكس بالقطع المواصفات المطلوبة فى القيادة الجامعية مثل المدرسة العلمية والرؤية المستقبلية والحنكة الإدارية والقدرة على العمل بروح الفريق وغير ذلك، وقد حدث مرارا أن ظلت بعض الجامعات خالية من المناصب كنواب رئيس الجامعة مثلا إلى ما يقرب من العام الدراسى كاملا فى انتظار التقارير الأمنية بالرغم مما تزخر به الجامعات من الأساتذة الاكفاء لمثل هذه المهام.. بالإضافة إلى أن أسلوب التعيين يخلق جوا من النفاق لصاحب القرار وما يتبعه ذلك من الشللية وخفة الدم وثقل الظل وغير ذلك مما لا يليق وجوده فى رحاب الجامعة التى تعتمد بالدرجة الأولى على العقل والفكر والدراسة. وإذا انتقلنا إلى أسلوب الانتخاب نجد أن له مخاطر تؤدى إلى الاستقطاب الحاد وتضر بالعمل الجامعى ويخلق من الأجواء غير المريحة داخل الجامعة.. بعض هذا الاستقطاب قبلى كأن يتعصب ابناء التخصص الواحد لمرشحهم إلى التعصب الايديولوجى، فهذا ناصرى، وذاك إخواني.. وفى هذا الصدد لابد أن نذكر أن الجامعات ليست نقابات أو أندية رياضية يتنافس فيها الراغبون. استنباطا من ذلك أرى اختيار القيادات الجامعية بأسلوب الانتقاء، فحينما تخلو وظيفة كعميد كلية أو نائب رئيس أو رئيس جامعة يوضع لها توصيف وظيفى ويختلف من جامعة إلى أخري.. فمثلا عميد الزراعة البيئية بالعريش لابد أن يكون مختلفا عن عميد زراعة جنوب الوادى أو الإسكندرية.. ثم يعلن عنها قبلها بعام كامل ويتقدم من يرى فى نفسه القدرة على تحمل المسئولية أستاذ من داخل الكلية أو من جامعة أخرى أو أستاذ مصرى فى أمريكا أو السويد أو الكويت، وتشكل لجنة من شيوخ التخصص ذوى السمعة الطيبة وهم بحمد الله مازالوا يعطون من علمهم وخبرتهم ويفحصون الأوراق ويدققون فى مدى انطباقها على التوصيف الوظيفى، ولا مانع من عقد مقابلات شخصية مع المتقدمين ثم يتم اختيار قائمة قصيرة من ثلاثة أفراد وتعرض على صاحب القرار الوزير أو رئيس الجامعة ليختار من يراه الأصلح ولا مانع أن يطرح هذه الأسماء على أعضاء هيئة التدريس لاستبيان آرائهم حتى يسترشد بها فى اتخاذ قراره. د.فتحى عبدالحميد مقلدى أستاذ بطب قناة السويس