لا أظن أن الاقتراح الذي أعلنته روسيا بشأن استضافة محادثات غير رسمية بين نظام الرئيس بشار الأسد وقوي المعارضة بهدف حل الأزمة هناك, هو اقتراح عملي قابل للتطبيق في ظل الأوضاع الحالية..ليس فقط لأن المعارضة السورية رفضته بمجرد الإعلان عنه وأكدت علي لسان برهان غليون رئيس المجلس الوطني المعارض أنه لن تجري أية مفاوضات إلا بعد رحيل الرئيس بشار وأن المحادثات يجب أن تقتصر علي كيفية نقل السلطة.. ولكن أيضا لأن توقيت الاقتراح جاء في الوقت الذي تجري فيه مساع عربية ودولية حثيثة لإيجاد مخرج جاد للأزمة يوقف حمامات الدم التي تسيل في شتي أرجاء المدن السورية, ويضع حدا للمناورات التي ينتهجها النظام, ويمهد لخطوات عملية علي طريق الديمقراطية الحقيقية وإجراء انتخابات حرة نزيهة في البلاد!! نعم لقد تحركت روسيا في الوقت الذي تجري فيه الآن مناقشات في مجلس الأمن حول مشروع القرار العربي الأوربي لتأييد المبادرة العربية لإنهاء العنف في سوريا ودعوة الرئيس الأسد إلي تسليم السلطة لنائبه وتشكيل حكومة وحدة والإعداد للانتخابات.. كما تأتي أيضا بعد فشل الجامعة العربية في تنظيم محادثات مماثلة دعت إليها الجامعة ولم تلق استجابة حقيقية من الطرفين!! والأهم من كل ذلك أن هناك عاملين رئيسيين يجعلان من المبادرة الروسية قد وئدت قبل أن تولد وهما: الارتفاع الكبير في عدد الشهداء الذين يسقطون يوميا علي الأرض السورية.. والذين بلغ عددهم أكثر من7 الآف شهيد منذ بدء الاحتجاجات حسب بيانات الثورة السورية!! انعدام عنصر الثقة بين الطرفين المدعوين للحوار خاصة من جانب المعارضة تجاه النظام والتي تري أن الأسد قد استنفد كل فرصه المتاحة ولم يبق أمامه سوي الرحيل!! لم يبق لنا في هذا المجال إلا أن نؤكد حقيقة أن أحدا من القوي الدولية سواء كانت الأوروبية أو الأمريكية أو الروسية أو الصينية يتعامل مع هذه الأزمة لوجه الله أو من أجل الدوافع الإنسانية والمبادئ الدولية والشرعية العالمية وإنما كل يسعي من أجل مصالحه الشخصية ومآربه الذاتية بصرف النظر عن مصالح الشعب السوري الشقيق ومستقبل هذه الأمة.. وهذا ما يجب أن ننتبه له ونحذر منه إذا كان لايزال هناك سياسيون عقلاء.. وقوميون مخلصون في عالمنا العربي! المزيد من أعمدة مسعود الحناوي