خطب الرئيس أوباما تفردت دائما بنكهة الإلهام والرؤية الثاقبة وما تطرحه من تحولات تستهدف تغيير الواقع. لكن خطابه الأخير عن حالة الاتحاد لم يكن فيه شئ من ذلك. بل كان خطابا انتخابيا غير ملهم, انتقل فيه من موقع الوسط الذي تمركز فيه منذ هزيمة الديمقراطيين في الانتخابات السابقة إلي زغزغة الجناح الليبرالي, بوضعه هموم الطبقة المتوسطة علي قمة أولويات أجندته, دون أن يكسب أرضا جديدة. مثل أي رئيس يطلب تفويضا جديدا من شعبه دافع أوباما عن أدائه مستشهدا بمؤشرات التحسن الضئيلة في الاقتصاد أخيرا, لكنه لم يستطع أن يقنع 65% من الأمريكيين يرون أن البلاد تمضي علي مسار خاطئ, بأن لديه حلا لنحو 13 مليونا من العاطلين, أو القدرة علي حماية الانتعاش الهش من صدمات خارجية تأتي من منطقة اليورو أو من المواجهة مع إيران, أو أن باستطاعته تمرير تشريعات قوية عبر كونجرس مستقطب يمكن أن تعالج مشكلات مزمنة مثل عجز الميزانية, أو النمو الضئيل, أو جمود الأجور, أو الفشل السياسي. بسبب قدرته المتقلصة علي المناورة حاول أوباما نقل دائرة النقاش الانتخابي من الخلاف علي إنجازاته إلي مواجهة حول رؤيتين متنافستين بشأن المستقبل واضعا نصب عينيه أن ميت رومني هو المرشح الجمهوري المنافس الأرجح في انتخابات الرئاسة. الرؤية الأولي هي التي تسمح لفئة ضئيلة بالاستحواذ علي نصيب الأسد من مكاسب الدخل وتترك الفتات للبقية حفاظا علي محركات النمو وفقا لرؤية الجمهوريين والثانية التي يطرحها وتدعو لتدخل حكومي من أجل ضمان الإنصاف- وليس العدالة- وتوفير فرص متساوية للصعود الاجتماعي, وإعداد اقتصاد قادر علي المنافسة في القرن ال21 حديثه عن عدالة عودة مستويات ضرائب الدخل والأرباح الرأسمالية إلي ما كانت عليه في عهد كلينتون (نسبة 30%) لا بد أنه قد صادف هوي الكثيرين خاصة مع كشف رومني عن أنه دفع أقل من نسبة 15% ضرائب علي أرباح رأسمالية بلغت 42.5 مليون دولار خلال عامين, ولكن نقطة الضعف تتمثل في كونها حجة تصلح لحملة انتخابية وليس للإقناع بجدواها في علاج الاقتصاد من علله المزمنة. فالكل مقتنع بأن الحل الشامل لن يكون إلا بزيادة الضرائب علي جميع الفئات واصلاح هيكلي لبرامج الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي وهو ما لم يتطرق إليه. لهذا ظلت رؤيته أقرب ما تكون إلي مسكنات تدريجية تفتقد إلي شمول يمكنه أن يغير مسار انعدام الثقة في قيادة قادرة علي التعامل مع التدهور السريع في حالة الاتحاد. المزيد من أعمدة سجيني دولرماني