قبل أن تبدأ قمة مجموعة العشرين كان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قد قلص طموحاته في أن تضع القمة هيكلا جديدا للنظام الاقتصادي والنقدي يتوافق مع تغير موازين القوة, وابتلع ضغوطه من أجل فرض ضريبة علي المعاملات المصرفية لتمويل أي عمليات إنقاذ مقبلة للبنوك, وارتضي أن تذيل بيانات القمة بوعود مبهمة لدعم فقراء العالم وحمايتهم من المضاربة علي أسعار السلع الغذائية, ولكن حتي الحد الأدني الذي قبل به وهو تنسيق السياسات لمواجهة تدهور النمو العالمي, والحصول علي تعهدات من دول المجموعة بالمساهمة في خطة إنقاذ منطقة اليورو لم يتحقق. السبب ليس في التهوين من خطورة التهديد الذي يتعرض له الاقتصاد العالمي, ولكن في عدوي ضعف قدرة القيادة السياسية علي اتخاذ القرارات الصائبة التي انتشرت مثل النار في الهشيم من أمريكا إلي منطقة اليورو إلي قلب مجموعة العشرين. أوباما حمل معه فشله في إقناع الكونجرس بخطته لإيجاد الوظائف, والمستشارة ميركل رفضت وضع أموال دافع الضرائب الألماني علي المحك ففقدت حجتها لمطالبة الآخرين بالمساهمة في تمويل خطة الإنقاذ الأوروبية, ووقفت شاردة, بينما المستثمرون في الأسواق يتحدثون عن إفلاس اليونان كحقيقة واقعة وينتقلون بالفتيل المشتعل إلي إيطاليا. واليابان شحنت ذخيرتها لتسخين حرب العملات الدائرة بين الين والدولار واليوان واليورو والتي يحاول فيها كل طرف انتزاع جزء من كعكة الصادرات المتقلصة. أما الصين فجاءت لتقايض علي ثمن مساهمتها في الإنقاذ. المشكلة الحقيقية تتمثل في أن كل دولة تضع مصلحتها الوطنية في المقام الأول, وتوافق فقط علي التعاون متعدد الأطراف الذي يخدم هذه المصالح وترفض ما يتعارض معها, وهو ما يجعل عملية صنع القرار الصائب في منتدي العشرين هدفا مراوغا برغم كل التفاؤل الذي أحاط به منذ الانهيار المالي في 2008 ليكون بديلا لمجموعة الثماني, في ظل استمرار هذه الذهنية كان لابد أن تكون نتائج القمة مرواغة, فهناك تعهد بدعم منطقة اليورو إذا أدت واجباتها كاملة أولا, وهناك وعود بزيادة موارد صندوق النقد الدولي مع تأجيل الالتزامات إلي شهر فبراير, وتعهدات شفهية بتعزيز النمو العالمي وعلاج الاختلالات في وقت تتصاعد فيه نبرة الحمائية علي كل الأصعدة. مثل هذه النتائج الهزيلة تكفي بالكاد لمنع وقوع الكوارث, أما الحلول الجذرية فتحتاج إلي انتقال القادة من مقاعد المتفرجين علي الأزمات إلي الفاعلين لمنع وقوعها. المزيد من أعمدة سجيني دولرماني