تصاعدت فى الفترة الاخيرة حدة الجرائم الارهابية لتحصد المئات من أرواح الابرياء خاصة حراس الوطن من رجال الجيش والشرطة الذين باتوا أهدافا ثمينة للخلايا الارهابية ، ولذلك لم يقف المشرع المصرى مكتوف الايدى أمام هذه الجرائم بل سعى الى مواجهتها بالقانون أى تعديل قانون العقوبات ليمكن رجال انفاذ القانون من التصدى لهذه الجرائم التى تهدف لترويع المواطنين واسقاط الدولة، برفع الحد الاقصى للعقوبة لتكون الاعدام لمن انضم الى جماعة ارهابية. كما اتجهت النية إلى تحديد أكثر لما يعد جريمة إرهابية، وتشديد العقوبة درجة تزيد عما هو مقرر لكل جريمة من جرائم الإرهاب فى قانون العقوبات.ولكن هل ذلك يكفى لمواجهة هذه الجرائم التى تقف خلفها تنظيمات وجماعات داخلية وخارجية ، وحول هذا الشأن يقول المستشار الدكتور مدحت محمد سعد الدين نائب رئيس محكمة النقض " أن تلاحق الأحداث الارهابية استدعى إضافة تعديلات فى قانون العقوبات لوضع ضوابط أكثر تحديدا لما يعد جريمة إرهابية وتشديد العقوبة على هذه الجرائم، وهو اتجاه محمود من المشرع ينبئ عن الإلتزام بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات المنصوص عليها فى الدستور والقانون، ويتفق مع ترسيخ دعائم دولة القانون حيث لا جريمة ولاعقوبة إلا بناء على قانون. الجريمة الارهابية .. من أجل ذلك فقد تضمن مشروع تعديل مواد قانون العقوبات المتعلقة بالإرهاب والذى تم إرساله من مجلس الوزراء إلى مجلس الدولة لمراجعته، تمهيدا لاستسصداره من رئيس الجمهورية، إضافة إلى معنى العمل الارهابى الوارد فى المادة 86 عقوبات " بالنص على أن كل فعل يهدف للإخلال بالنظام العام أوتعريض سلامة المجتمع للخطر، أوإيذاء الأفراد أوإلقاء الرعب بينهم أوتعريض حياتهم أوحقوقهم للخطر، ونتيجة الأحداث الأخيرة فى شأن تفجير خطوط الغاز الطبيعى فى سيناء أوكل مايهدد مصادر الطاقة فى البلاد، أو يؤدى إلى انحسار السياحة ونقص المواد الغذائية والمياه وسلامتها، أويعرض الاقتصاد الوطنى للخطر، بعد نضوب الموارد الرئيسية للدخل القومى للبلاد نتيجة هذه الأعمال الإرهابية، فقد اعتبر المشرع كل سلوك يرتكب بقصد تحقيق هذه الأغراض جريمة إرهابية وكل تمويل سواء فى صورة أموال أوأماكن أوأسلحة أوذخائر أوبيانات أومعلومات بقصد استخدامها فى ارتكاب جريمة إرهاب تمويلا إرهابيا، كما شدد العقوبة فى المادة 89 مكرر إلى الإعدام أوالسجن المؤبد على كل من أنشأ أوأسس أوأدار جماعة إرهابية أوتولى زعامة أوقيادة فيها وهى فقرة مستحدثة، ولمنع الاستيلاء بالقوة والعنف على وسائل النقل البرى أوالجوى أوالوسائل التابعة للقوات المسلحة أوالشرطة فقد عاقب المشرع مرتكب هذا الفعل بالسجن المشدد وبالسجن المؤبد إذا دمر هذه الوسيلة أوتسبب فى إلحاق أضرار بها يترتب عليها تعطيلها عن العمل أوقام بوضع أجهزة بها من شأنها إحداث هذا التدمير أوالإضرار بالناس، وتكون العقوبة الإعدام إذا نشأ عن الفعل موت شخص داخل الوسيلة أوخارجها، كما عاقب المشرع بالسجن المؤبد كل من استخدم وسيلة من وسائل الإرهاب إذا نشأ عن الفعل جروح أوعاهة مستديمة، كما عاقب المشرع بالسجن من ثلاث إلى خمس سنوات كل من قام بجمع معلومات بأى وسيلة دون مقتضى من القانون عن أحد القائمين على تنفيذ أوتطبيق هذا القانون، لاستخدامها فى تهديده أوالإعداد لإلحاق الأذى به أوبمصالحه أوالتعدى عليه بأى صورة من الإيذاء أوعلى أى من أصوله أوفروعه، وفى تطور ملحوظ قيد المشرع سلطة القاضى فى استعمال أسباب الرأفة فنص فى المادة 88 مكرر على عدم جواز تطبيق أحكام المادة 17 الخاصة بالظروف المخففة فى العقوبة عند الحكم فى جريمة من جرائم الإرهاب، أوالجرائم المرتبطة بها، عدا الجرائم التى يعاقب عليها بعقوبة الإعدام فيجوز النزول بها إلى السجن المؤبد، كما نص المشرع فى تعديلات هذا القانون على جواز أن تقضى المحكمة عند الحكم بالإدانة فى جريمة من جرائم الإرهاب بتدبير أو أكثر من التدابير الاحترازية كإبعاد الأجنبى أوحظر الإقامة فى مكان معين أوالإلزام بالإقامة فى مكان معين، أوحظر الاقتراب أوالتردد على أماكن معينة، وتقضى المحكمة فى جميع الأحوال بحل الجمعيات أوالمنظمات الإرهابية ومصادرة الأموال والأمتعة والأدوات وغيرها مما يكون قد استعمل فى ارتكاب الجريمة، أوالأماكن المخصصة لاجتماع أعضاء هذه الجمعيات، ومصادرة كل ما يكون متحصلا من الجريمة أويكون فى الظاهر داخلا ضمن أملاك المحكوم عليه. التعديلات ضرورة لاستئصال الارهاب كل هذه التعديلات من شأنها فيما لوطبقت على جرائم الإرهاب المتفشية هذه الأيام لتم استئصال شأفة الإرهاب، أو على الأقل تخفيف آثاره المدمرة على المجتمع والناس كافة، غير أننا نرى والتزاما بمبدأ الشرعية أن تضاف فقرة أخرى إلى الفقرة المستحدثة فى المادة 86 لتصبح " كل من أنشأ أوأسس أوأدار جماعة إرهابية أوتولى زعامة أوقيادة فيها متى قامت هذه الجماعة بارتكاب جريمة مما نص عليه فى المادة السابقة " ، لأن هذه التعديلات وإن اقتضتها ضرورة تفشى ظاهرة الإرهاب إلا أن النص المعدل سوف يدوم انطباقه مستقبلا على كل ما من شأنه أن تتكامل به أركان الجرائم المنصوص عليها فى قانون العقوبات، خاصا بتنامى ظاهرة الإرهاب أوتطورها.