لم تكن استراحة الرئيس الراحل محمد أنور السادات بمنطقة وادي الراحة في سانت كاترين مجرد مكان للإقامة أو الاستجمام والتعبد والاعتكاف في شهر رمضان قدر أنها تروي تاريخ زعيم حقيقي وبطل للحرب والسلام قاد فترة عصيبة من تاريخ الوطن واستطاع بهمته وإصراره علي النجاح ان يحرر سيناء من الاحتلال الاسرائيلي ليكتب بحروف من نور شهادة تقدير لرجال القوات المسلحة الذين كافحوا فكتب لهم النصر واستشهد بعضهم دفاعا عن تراب هذا الوطن. كان السادات محبا لتراب سيناء ومؤمنا بأنها لن تعود الا بالحرب ثم التفاوض بعد ذلك ويعلم قيمتها التي لا يعلمها الكثير لذلك ظلت سيناء هكذا بدون تنمية حقيقية بعيدا عن نظر الأنظمة السابقة رغم أنها تمثل خط الدفاع الأول عن مصر ووديانها من أبرز مناطق الأمن القومي. أحمد أبو راشد الجبالي شيخ قبيلة الجبالية بسانت كاترين البالغ من العمر44 عاما يروي شهادته للتاريخ أنه كان يشاهد طائرة الرئيس الراحل محمد أنور السادات وهي تهبط في منطقة وادي الراحة بسانت كاترين المواجهة لمنطقة الوادي المقدس بعد أن انطلقت من مطار الماظة العسكري وكان عمره في ذلك الوقت7 سنوات ولم تستطع الأيام أن تنسيه تلك الفترة. وقال كنت أري رجال القوات المسلحة وسلاحي الحرس الجمهوري وحرس الحدود تقوم بتأمين زيارة الرئيس الراحل للمنطقة حيث كانت أول زيارة له في25 نوفمبر من عام1979 بعد عودة سيناء إلي أحضان الوطن من المحتل الإسرائيلي وكان أول من استلم سانت كاترين من الجانب الآخر وحرص الرئيس الراحل علي مشاركته استلام المدينة مشايخ القبائل البدوية قاطني جنوبسيناء لترسيخ مبدأ الانتماء الوطني. حرص الرئيس الراحل علي الإقامة داخل منطقة أطلق عليها في السابق مجمع الأديان حيث أقيم له استراحة من الأخشاب تبلغ مساحتها حوالي150 مترا مربعا10 أمتار طولx15 مترا عرضا تضم غرفة نوم ومطبخ وحمام ومكتب وقاعة طعام لكنه كان يحرص علي الجلوس علي الأرض كالمقعد البدوي ليشعر بأنه في بلدته التي نشأ فيها' ميت أبو الكوم' بمحافظة المنوفية ومازالت هذه الاستراحة موجودة وللأسف الشديد فأن الاستراحة في وضع سيئ حيث أتت العوامل الجوية علي معظم أركانها كونها من الأخشاب والقي سريره النحاسي في المخزن التابع للقرية السياحية ولم تهتم بها الدولة حيث أهملتها كل الأنظمة السابقة وتم إغلاق المزار أو المكتب الصغير الموجود حاليا تماما ولا أحد يستطيع زيارته الا بعد الحصول علي تصريح من مدير قرية وادي الراحة دون إعطاء مبرر واضح لذلك. وعلمنا أن احد أحفاد السادات كان يزور المنطقة من خلال رحلة مع أصدقائه وتصادف مشاهدته لاستراحة جدة واستاء نتيجة إهمالها وعند عودته الي القاهرة قامت إحدي بناته علي الفور بالاتصال بمدير الفندق السابق يدعي أسامة عثمان وأعلنت عن دعمها لاستراحة السادات وتوفير ما يلزم من مقتنيات سواء ملابس او غير ذلك لتحويل الاستراحة إلي مزار سياحي ثقافي يروي تاريخ السادات بطل الحرب والسلام. وعقب وفاة الرئيس في السادس من أكتوبر عام1981 تم تحويل الاستراحة الي مزار سياحي ثم تحولت الي مكتبة صغيرة الحجم تضم مقتنيات الرئيس الراحل وهي عبارة عن صور التقطت له في سانت كاترين وسجادة الصلاة والتليفون الذي كان يباشر من خلاله اعماله من سانت كاترين ومكتب صغير ومقعد عريض والبايب والكتب الخاصة به التي بلغ عددها23 كتابا اشهرها البحث عن الذات الذي قام بتأليفه. وتم تغير اسم تلك المنطقة بعد ذلك من مجمع الأديان المواجه للوادي المقدس الذي ذكره المولي في القرآن الكريم في سورة طه الآية12 بقوله تعالي' اني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوي' الي وادي الراحة وبعد ذلك اقامت احدي الشركات قرية سياحية سميت بنفس الاسم' وادي الراحة' وأضاف ان الرئيس الراحل محمد انور السادات كان يأتي لزيارة سانت كاترين في العشر الأواخر من شهر رمضان للاعتكاف بها ويرتدي جلبابا ويحرص علي تلاوة القرآن الكريم كاملا خلال هذه الأيام ويتعبد ويزور الدير والأماكن المقدسة وكانت رؤيته المستقبلية لمدينة سانت كاترين هي تحويلها الي مركز عالمي للديانات السماوية الثلاث وتنافس القدسالمحتلة من حيث اعتراف العالم بالديانات السماوية التي نزلت من عند الله لافتا الي ان الرئيس الراحل كان قد انتهي من اعداد دراسة فكرة انشاء مجمع الأديان وتم الانتهاء من اعداد الرسومات الهندسية لكن اختفت الفكرة واسدل الستار عليها عقب وفاته مباشرة لتظل مجرد فكرة وحلم يري الكثير حاليا انه آن الأوان لتنفيذه. كما كان يرغب الرئيس الراحل في ان تصبح سانت كاترين ذات طابع خاص موحدة الشكل من حيث اللون والشكل وان تستخدم في كل الإنشاءات سواء الحكومية او الخاصة خامات طبيعية من جبال سانت كاترين للحفاظ علي التراث الثقافي وبالفعل نجح الرئيس الراحل في تحويلها الي مدينة تراثيه لذلك تحولت في عهد الرئيس الأسبق مبارك الي محمية طبيعية عام1988 وتم تفعيل العمل بالمحمية عام1996 وتتبع محمية سانت كاترين جهاز شئون البيئة, التابع لوزارة الدولة لشئون البيئة تقابل الرئيس الراحل محمد انور السادات داخل استراحته الخاصة بمجمع الأديان أو المعروفه حاليا بوادي الراحة مع الشيخ محمد متولي الشعراوي خلال العشر الأواخر من شهر رمضان وكان يحرص علي الالتقاء بمشايخ القبائل البدوية وعواقل البدو من أبرزهم المرحوم محمد ابو الهيم شيخ قبيلة الجبالية وأحد مجاهدي سيناء ذو التاريخ الكبير في النضال الوطني ومعاونة القوات المسلحة في الانتصار علي العدو الإسرائيلي للتحدث معهم عن تنمية سيناء بصفة عامة وأولويات العمل الوطني لكن جميع اللقاءات كانت تتم بشكل مغلق باعتباره رئيس الدولة وهناك بعض الاجراءات الأمنية التي يجب ان يلتزم بها الجميع وكان يحرص مشايخ القبائل علي عدم الحديث لدي ابنائهم بشكل صريح عن لقائهم بالرئيس الراحل وكل المشايخ التي التقت السادات انتقلت الي رحمة الله لتنطوي صفحة مهمة من صفحات التاريخ الوطني فلم يكن في جنوبسيناء وقتها مراسلو صحف او مؤرخون لتأريخ تلك اللقاءات.