تظل منطقة الشرق الأوسط بحكم موقعها الاستراتيجى المميز وما يحمله باطن الأرض فيها من أكبر مخزون لاحتياطيات النفط منطقة صراع دائم بين القوى العظمى وتختلف درجة الصراع من حقبة إلى أخرى فقد يكون الصراع مكتوما تحت رايات الوفاق والتهدئة وقد يكون ظاهرا ومكشوفا مثلما كان عليه الحال طوال سنوات الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقى والغربى وفى كل الأحوال ترتفع أو تخفت حدة الصراع بشأن الشرق الأوسط حسب درجة الاستعداد السياسى والجهوزية العسكرية لأمريكا وروسيا ومدى انشغالها بأية صراعات أخري. وإذا كان مبعث الاهتمام الأمريكى بالمنطقة يرتبط بعاملين أساسيين أولهما حماية المصالح الاستراتيجية العليا لواشنطن وحلفائها فى أوروبا واليابان بضمان عدم حدوث أى تهديد لمنابع البترول وثانيهما ضمان أمن إسرائيل وحماية وجودها وتبرير جرائمها وأطماعها التوسعية إن لزم الأمر فإن الاهتمام الروسى بالمنطقة يرتبط باستحقاقات الجوار الجغرافى وتأمين الحق المشروع لروسيا فى الوصول إلى المياه الدافئة فى البحر المتوسط والخليج العربى والمحيط الهندي. وبسبب اختلاف الدوافع وتناقض المصالح تباينت الرؤى وتباعدت المواقف بين واشنطنوموسكو بشكل حاد على مدى السنوات الثلاث الأخيرة التى أعقبت حدوث اضطرابات وتغييرات جذرية فى عدد من دول المنطقة حيث تبنت واشنطن كل ما جرى وساهمت فى دعمه باعتباره استجابة لخطتها فى نشر ما تسميه «الفوضى الخلاقة»بينما لم تكن روسيا متحمسة لما يجرى فى البداية ومع تطور الأحداث فى سوريا استفاقت موسكو لحجم الخديعة التى ابتلعتها فى التعامل مع الأزمة الليبية وبدأت روسيا تدرك أن الأمر أكبر من أن يكون إصلاحات ديمقراطية واجتماعية وسياسية تتطلع إليها شعوب المنطقة، وأن هناك خطرا حقيقيا يمس صميم أمنها ومصالحها الحيوية بالمنطقة. والمسألة فى البداية والنهاية مسألة حسابات ومصالح للقوى العظمى ينبغى وضعها فى الاعتبار، ولا شك أن مصلحتنا ليست بعيدة عن القراءة الصحيحة لفوائد ومضار صراعات العمالقة.. وبوجه عام خلافاتهم رحمة لنا. خير الكلام: الحكمة فى المواءمة بين ما نتمناه وما يمكننا بلوغه! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله