ممر التنمية والتعمير فى الصحراء الغربية هو مقترح تقدم به الدكتور فاروق الباز منذ سنوات بغرض إنشاء طريق بالمواصفات العالمية فى صحراء مصر الغربية يمتد من ساحل البحر المتوسط شمالا حتى بحيرة ناصر فى الجنوب وعلى مسافة تتراوح بين 10 و80 كيلو مترا غرب وادى النيل, يفتح هذا الممر آفاقا جديدة للامتداد العمرانى والزراعى والصناعى والتجارى حول مسافة تصل الى 2000 كيلو متر، ويحقق منافع على محاور كافة المحافظات المصرية الواقعة على 15 خط عرض، ومنها مشروع توشكي. وفى ندوة نظمها المجلس المصرى الأوربى ، وبدعوة من نائب رئيس المجلس محمد أبو العينين ، تحدث الدكتور فاروق الباز رئيس مركز الاستشعار عن بعد بجامعة بوسطن الأمريكية حول مشروع ممر التنمية مؤكدا أن هذا المشروع هو مستقبل مصر، حيث يفرض علينا تحقيق فائض الغذاء الذهاب للصحارى المصرية التى يمكنها أن تتيح مكانا لعيش 40 مليون نسمة. وأضاف الدكتور فاروق الباز، إن منخفض الفيوم يستقبل أكبر أشعة للشمس فى العالم، مشيرا إلى أنه من الممكن إنشاء مجمع فى تلك المنطقة لإنتاج الطاقة الشمسية لمصر وتصديرها للدول المجاورة. وعدد الباز منافع المشروع بأنه يمكن إستصلاح 1.5 مليون فدان قابلة للزراعة باستغلال المياه الجوفية، وأن هذا المشروع يمكنه أن يعوض مصر عن الأراضى الزراعية التى يتم التعدى عليها حيث نفقد سنويا نحو 30 ألف فدان. من ناحية أخري، أضاف الدكتور فاروق الباز منافعا أخرى للمشروع الذى يمكن إستخدامه لربط مصر بجنوب أفريقيا بحيث تكون مصر منفذا لأوروبا فى إفريقيا، وهذا فى حد ذاته يمكن مصر من الحصول على منافع لا تقل عن 10 مليارات دولار من التجارة العابرة بين إفريقيا ودول مثل الصين والهند والبرازيل التى تصدر لإفريقيا بنحو 220 مليار دولار فى السنة. وأوضح أن تكلفة إنشاء مشروع ممر التنمية وفقا لدراسة قام بها معهد الدراسات الاقتصادية التابع لوزارة التخطيط منذ 3 سنوات تقدر بنحو 24 مليار دولار. واقترح أن يتم تمويل المشروع من خلال مؤسسة من مصريين وعرب ويتم عمل اكتتاب وطرح عام، أو من خلال مستثمرين وشركات عربية، إضافة لتمويل من البنوك المصرية. وفى بداية اللقاء قدم محمد أبو العينين ضيفه مؤكدا أنه أحد علماء مصر الذين نفخر بهم، وأن مشروع ممر التنمية هو مشروع القرن يتحدث عن رؤية مستقبلية لمصر خلال المائة عام المقبلة، ويحقق طموحات كثيرة، كما يبث روح الأمل فى شباب مصر. مؤكدا أن تنفيذ المشروع يتطلب تشريعات وإجراءات جديدة تحمى حقوق المستثمر والملاك والشعب. وتحدث خلال اللقاء الدكتور على لطفى رئيس وزراء مصر الأسبق مؤكدا أهمية المشروع ومتسائلا عن كيفية تمويله، وحجم التمويل المقترح، كما اشاد بالمشروع الدكتور يحيى الجمل ووصفه بمشروع المستقبل، وتساءل سفير روسيا فى مصر عن كيفية التغلب على الثقافة المصرية القديمة التى تربط الشعب المصرى بمنطقة وادى النيل حيث يصعب على المصريين الخروج للمناطق الصحراوية من أرض مصر. وبدوره أشاد الدكتور صبرى الشبراوى المفكر الإقتصادى المعروف بالمشروع الذى يمكن أن يخرج مصر من مشاكلها، منتقدا الإدارة المتخلفة التى فى النهاية تقود لدولة متخلفة، وواصفا الدولة المصرية بالنرجسية. وقال إن التصور يقود إلى التطور، وميزانية الحكومة المصرية ميزانية صرف، فهى حكومة فقيرة بينما شعب مصر غنى والدليل 1.2 ترليون جنيه ودائع المصريين بالبنوك. وقال إن القطاع الخاص الحقيقى هو القطاع الشعبي. وقال إن مشروع ممر التنمية يتواصل مع خطة دولية لتنمية إفريقيا فهناك مشروع مارشال إفريقى ترغب فى تنفيذه أوروبا. وفجأة تطرق الأمر إلى رأى الدكتور فاورق الباز فى مشروع سد الألفية الإثيوبى حيث نقل الدكتور مغاورى شحاته دياب رئيس جامعة المنوفية النقاش من ممر التنمية لسد النهضة متهما الدكتور فاروق الباز بتصريحات له مفادها أن السد لن يضر مصر. وحذر من أن مشروعات المياه فى السودان هى الأكثر خطورة، موضحا أن سد النهضة سيحجب فى 6 سنوات نحو 16 مليار متر مكعب سنويا، وأن مصر تدين للسودان بنحو 250 مليار متر مكعب سيتم خصمها من حصة مصر، ونبه إلى خطورة مزاعم إثيوبيا من أن النيل الأزرق هو مجرى مائى إثيوبى بنفس مزاعم سد “أتاتورك”، ولكن الحقيقة أنه مجرى مائى دولي، وهدف أثيوبيا كسب وقت لتنفيذ السد وإدخال الدول المعارضة له فى متاهات قانونية. ورد الدكتور فاروق الباز بأن تصريحاته حول سد النهضة تنصب على تصميمه الأول كسد لتوليد الكهرباء، مؤكدا أن لمصر كامل الحقوق فى الدفاع عن أمنها القومى إذا ما كان هذا السد مهددا لها. إنتهت الندوة ولكن الأفكار التى ترددت بها لم تنته، ومطلوب من حكومة محلب أن تفكر فى المستقبل الذى أوشك أن يدق الأبواب.