قدمت دار الإفتاء المصرية فى أحدث أبحاثها التى صدرت عن إدارة الأبحاث الشرعية بالدار،أمس، رؤية شرعية شاملة حول الأخلاقيات التى تنبغى مراعاتها فى العملية الانتخابية، حيث أكدت أن اختيار الحكام والولاة فى كل دولة ليقوموا على رعاية أمور الناس ومصالحهم الدينية والدنيوية من أهم المهمات فى الشريعة الإسلامية. ووضعت دار الإفتاء فى بحثها عددًا من الأخلاقيات التى يجب الحرص عليها عند إجراء العملية الانتخابية منها الإنصاف، حيث أكدت الدار ضرورة التحلى بالعدل والإنصاف فى القول والفعل بين المرشحين أو بين المرشح والناخب أو بين الناخبين، وذلك لتحقيق المنافسة الشريفة بين المرشحين، وكذلك خلق مناخ يتسم بالوئام فى أثناء العملية الانتخابية، واستشهدت الدار بقوله تعالي: «وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ» (المائدة: 8). كما أكدت الدار ضرورة الحرص على البعد عن العصبية والتحزب الممقوت، حيث قالت فى بحثها إن الشرع الشريف نهى عن الهجر والتقاطع، وحذر من أسبابهما من العصبية والعنصرية، وكذلك النقاشات والمجادلات العقيمة التى تفضى إلى المشاحنات، التى يقع بسببها التباغض وإفساد المودة بين أبناء الوطن الواحد، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إياكم والظن، فإنّ الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا». وطالبت الدار بالتثبت فى نقل الأخبار حيث حذرت فى بحثها من المسارعة إلى نقل الأخبار وإذاعتها قبل التأكد منها، ويكون هذا عن طريق الرجوع إلى المصادر الموثوقة فى إصدار المعلومات، مضيفة أن اتباع هذا المسلك فى العملية الانتخابية أساس لمنع الشائعات والأباطيل التى تروج لتعكير صفوها، ولا سيما وأن الأمر يتعلق بمصلحة عامة، يقول الله تعالي: «وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أو الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إلى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِى الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُم» ْ(النساء: 83). كما أكدت الدار تجنب الخوض فى الأعراض، موضحة أن الشرع الشريف أولى الأعراض عناية خاصة؛ لذلك نجد أنه قد حذر تحذيرًا شديدًا من الخوض فيها يقول تعالي: «إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِى تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ». كما طالبت الدار بعدم المبالغة فى الدعاية الانتخابية، مشيرة فى بحثها إلى أنه يجب عدم المبالغة فى الدعاية الانتخابية والإسراف فى المال؛ لأن هذا منهى عنه شرعًا، كما حذرت من وضع النصوص الشرعية من آيات أو أحاديث كشعار للمرشح؛ لِما قد يترتب على ذلك من وضع النصوص فى غير مواضعها، واستخدام المنابر فى الدعاية؛ وذلك لِما فى هذا من إخراج للمنبر عن وظيفته الرئيسية فى هداية الناس، وإقحام الدعاية الانتخابية فى هذا مظنة للتسبب فى حدوث الشقاق بين المصلين. وشددت دار الإفتاء على عدم استخدام الوسائل غير المشروعة لجذب الناخبين، لافتة إلى أن شراء أصوات الناخبين، حرامٌ شرعًا، وسماسرته آثِمون، لأنه من قبيل الرشوة المنهى عنها شرعًا، والأصل فى الذى يرشح نفسه للانتخابات أن يكون أمينًا فى نفسه صادقًا فى وعده، ولا يجوز له أن يستخدم أمواله فى تحقيق أغراضه الانتخابية بالتأثير على إرادة الناخبين، بالإضافة إلى الخداع والكذب. وأشارت إلى ضرورة اجتهاد الناخب فى اختيار الأصلح أن يبذل الناخب وسعه فى اختيار من يراه صالحًا للقيام بهذه المهمة، دون النظر إلى حزب أو جماعة أو مكان، مع العلم أن الأمر يدور على ظن راجح لا قطع فيه، فهو يدور بين الصواب والأصوب، لا الحلال والحرام، وأوضحت أنه يجب قبول ما تئول إليه النتائج. واختتمت دار الإفتاء رؤيتها حول هذه الأخلاقيات بضرورة الحرص عليها عند اجراء العملية الانتخابية بالتأكيد على ضرورة قبول ما تئول إليه نتائج هذه الانتخابات.