مصر دولة غير عادية، مرت فى العقود الاربعة الماضية بظروف غير عادية، عانت بسببها من أزمات ومشكلات فوق اعتيادية، لذلك تحتاج الى حلول غير تقليدية، وأفكار من خارج الصندوق، وهذه الخطة المقترحة من المحتمل أن تحمل افكارا جديدة وغير اعتيادية. أولا: محور التنمية البشرية الشاملة: القيام بعملية تغيير شاملة، تعيد تشكيل الانسان المصري، ليكون إنسانا يبنى الحضارة، وليس إنسانا همه ان يعيش يومه ذاهلا عن غده، هذه الثورة تحتاج إلى أن يتم تصفية وتنقية الثقافة المصرية من كل القيم السلبية المعيقة للبناء والتقدم والاستقرار والسلام الاجتماعى وذلك من خلال: إعادة نظر جذرية فى هيكل وبنية ومناهج المنظومة التعليمية من الروضة وحتى الجامعة، وذلك من خلال الاستفادة من تجارب الدول الناجحة تعليميا مثل: فنلندا، وسنغافورة، وكوريا الجنوبية، هذه المراجعة ينبغى أن تعيد بناء نظام تعليمى يحقق اهدافا ثلاثة هي، القيم، الهوية، التنمية. وعملية المراجعة هذه سوف تنتج نظاما تعليميا مختلفا؛ يقوم على التركيز على التعليم الفنى بعد المرحلة الأساسية التى تقوم على ضم الابتدائية والاعدادية فى مرحلة واحدة، وكذلك على منظومة كليات تخصصية فنية، مثل كليات المجتمع فى امريكا وكندا، أو كليات التقنية العليا فى دولة الامارات، كذلك سيتم ربط التعليم بخطط التنمية واحتياجات المجتمع والتخلص من نظام التعليم العبثى الموجود حاليا الذى يعطى رخصا للبطالة وعدم الكفاءة وقلة الإنتاجية . نشر الثقافة المهنية من خلال إلزام جميع اصحاب المهن والحرف الفنية بكل انواعها بالحصول على رخصة من معاهد معتمدة تقوم على تدريبهم على المهارات الحديثة، التى تؤهل صاحب المهنة وتنقل فكره نقلة نوعية، وتجعله قادرا على متابعة الجديد فى مجاله، وقادرا ايضا على المنافسة فى سوق العمل الدولية، بحيث يصبح الترخيص واعادة الترخيص أمرا دوريا، وإلا فلن يحق لأى صاحب مهنة أن يمارسها. تنظيم جميع المهن والحرف فى اتحادات ونقابات، تلتزم بدور ووظيفة النقابة: وهى تنظيم المهنة، وتحديد معايير ادائها وسعرها، وضمان جودتها، وحماية المجتمع من الممارسات السلبية من المنتمين لهذه المهنة، وحماية أهل المهنة من عوائد الزمان، بحيث تكون هناك نقابة او اتحاد لكل المهن من السباك الى الطبيب. التربية الشعبية الشاملة والدائمة، وذلك من خلال توظيف جميع وسائل الاتصال الجماهيرى من تليفزيون، وسينما، وإذاعة، وصحف، وانترنت، ومسجد، وكنيسة، وإعلانات فى الشوارع، والاماكن العامة، تقوم هذه العملية على إحياء وتجديد وغرس القيم الأساسية التى يحتاجها الانسان، لكى يكون إنسانا ومواطنا يستطيع أن يعيش العصر ويحقق التنمية ويبنى مجتمع السلام والتجانس والسعادة، وهذه القيم تبدا من قيمة النظافة الشخصية والعامة الى قيمة الابداع والابتكار . إعادة النظر فى البرنامج اليومى للإنسان المصري، من خلال تغيير مواعيد العمل ووضع ضوابط على مواعيد فتح وغلق الأماكن العامة، ووسائل الاعلام خصوصا التليفزيون، وهنا يستفاد من النظم الموجودة فى الولاياتالمتحدة وفى الدول الاخري. ثانيا: التنمية الاقتصادية الناجزة: جربت مصر كل برامج الاصلاح والتطوير الاقتصادى المعروفة، ولكن الأزمات لم تزل كماهي، بل تتفاقم مع مرور الزمن وتزداد تعقيدا، وتكتسب مناعة ذاتية تجعلها تستعصى على الحل، لذلك لابد من أفكار جريئة جديدة: 1 تكوين جيش التنمية. الجيش فى مصر مدرسة للتنشئة الاجتماعية، وللتدريب على الحياة العملية؛ يكتسب اهميته من غياب المؤسسات الاخرى كالاحزاب، والنوادي، وجماعات الرفاق، وضعف دور الاسرة لانشغالها بالاعباء الاقتصادية، وفكرة جيش التنمية تقوم علي: تجنيد كل من ليس لديه وظيفة ثابتة دائمة مابين سن العشرين والثلاثين، أو من لديه وظيفة ويرغب فى الانضمام. يتم توزيعهم الى مجموعات طبقا لرغباتهم فى المهن التى يحبون ان يعملوا فيها فى المستقبل وطبقا لقدراتهم وميولهم. ويتم تقسيم كل مجموعة الى فصائل حسب المناطق التى جاءوا منها، بحيث يكون ابناء كل قرية أو منطقة فى مجموعة واحدة. كذلك يتم تدريبهم لمدة اربعين يوما على الانضباط والجدية والعمل بروح الفريق، والتخطيط والمبادرة، ويتم تثقيفهم من خلال محاضرات موحدة عبر الشاشة التليفزيونية المغلقة. وتكون كل مجموعة نواة لشركة مساهمة قابلة للتوسع من خلال انضمام اعضاء جدد يستثمرون أوقاتهم. ورأسمال هذه الشركات هو الوقت والطاقة البشرية ، اما المعدات فهى قروض او ديون تسدد عند الانتاج. وتعمل كل مجموعة او شركة فى مجال معين من مجالات التنمية كثيفة اليد العاملة، ابتداء من النظافة، الى استصلاح الاراضي، الى شق الطرق والصناعات الغذائية .....الخ. ويملك كل شاب سهما فى الشركة حسب جهده، وما قدمه من وقت؛ بحيث إنه عند انتهاء المشروع يستطيع الاستمرار فى العمل فيه كمساهم، ويتحول المشروع ايا كان الى ادارة ذاتية كشركة مساهمة . وتنقطع علاقة الجيش بالمشروع بمجرد بداية الانتاج، ويكون شريكا فى الربح حتى يحصل على النفقات الرأسمالية التى تم ضخها أثناء الانشاء. 2 منظومة التنمية المتكاملة فى كل محافظة: للخروج من حالة العشوائية التنموية التى عاشتها مصر فى العقود السابقة يقترح ان تتحول كل منطقة او محافظة الى وحدة اقتصادية متكاملة، للقضاء على الخلل الهائل فى التنمية بين مناطق ومحافظات مصر. ويحدث هذا من خلال اعتبار ان الزراعة والموارد الاولية هى منطلق عملية التنمية، ويتم بعد ذلك ايجاد الصناعات المناسبة لماهو موجود فعلا من محاصيل زراعية، وموارد أولية، وذلك على النحو التالي: يتم من خلال البحوث والتجارب الزراعية تحديد افضل المناطق فى مصر لزراعة كل محصول من المحاصيل التى تصلح للزراعة فى مصر. ويتم تشجيع الفلاح من خلال اعادة نظام الدورة الزراعية مصحوبا بنظام تسعير عادل للمحاصيل. ويتم بناء مصانع فى الظهير الصحراوى او فى اية اراض غير صالحة للزراعة تقوم على تصنيع هذه المحاصيل. كما يتم تخصيص كل منطقة لانتاج عدد محدد من المحاصيل مثل التشجيع على زراعة البصل فى سوهاج والتوسع فى انشاء مصانع تجفيف البصل وتصديره. ويتم أيضا بناء مصانع لتصنيع المواد الخام مثل الفوسفات فى نفس مناطق الانتاج. 3 بنية تحتية لقرن جديد: إن البنية التحتية فى معظمها قد مضى على انشائها اكثر من قرن من الزمان؛ لذلك يقترح ان يتم تجديد البنية التحتية، والخدمات الاساسية بمنهج ومعايير حديثة، ومن خلال رؤية طويلة المدى تخطط للمائة عام المقبلة، وذلك من خلال الاستفادة من تجربة الامارات العربية المتحدة فى التصميم والمعايير. 4 تحويل التراب الى تبر: وذلك من خلال انشاء وزارة او هيئة عامة للخردة، وذلك لتحويل ثروة قومية كبيرة من كونها مصدرا للقبح والفوضى وشغل المساحات والتعطيل، الى مصدر للانتاج والمواد الاولية، وينطبق ذلك على الهيئات الحكومية والأفراد بحيث لا يبقى أى شيء غير مستخدم عند المواطنين، أو عند مؤسسات ووزارات الدولة، فكم الحديد والنحاس الموجود فى المخازن والساحات الخلفية لمؤسسات الدولة يكفى لحل مشكلات عديدة. 5 النظافة والجمال أساس التنمية: قد يظن البعض ان النظافة والجمال هما من ثمار التنمية، ولكن الحقيقة أنهما أساس ومنطلق التنمية لذلك لابد من إطلاق مشروع قومى لتنظيف وتجميل مصر تقوم به الشركات الكبرى من خلال تخصيص نصف ميزانية الدعاية والاعلان لكل شركة او مؤسسة اقتصادية أو انتاجية للدعاية والإعلان الواقعي، وذلك من خلال المساهمة فى تجميل وتنظيف مصر بصورة حقيقية وليست شكلية، بحيث يتم تجميل المدن والقري، وتنظيف الاسطح وزراعتها بوسائل حديثة، لان النظافة والجمال من اهم اسباب زيادة الانتاج وارتفاع أنتاجية الانسان. 6 اعادة توزيع السكان : يتم اطلاق مشروع قومى لاعادة توزيع السكان بحيث يتم نقل نصف سكان الوادى القديم الى الوادى الجديد وسيناء ومطروح، من خلال خطة زراعية صناعية تغطى هذه الاماكن وتلتزم المعايير الآتية: يتم حصر الاراضى القابلة للزراعة خارج الوادي، وأعدادها للزراعة من خلال جيش التنمية السابق الأشارة إليه. ويتم إيجاد قرى فى الاراضى المستصلحة تحمل أسماء القرى القديمة الموجودة فى الوادي، والتى سوف يأتى منها من سيتم توزيع الأراضى الجديدة عليهم ، ويتم اخذ البعد الاجتماعى فى إيجاد مجتمعات جديدة؛ بحيث لا يتم نقل أسرة واحدة وانما يتم نقل عائلة كبيرة او مجموعة أسر متعارفة من نجع أو كفر. 7 تحويل منتجعات الاسترخاء إلى قلاع للانتاج : وذلك من خلال تحويل الساحل الشمالى إلى وادى للعلوم والتكنولوجيا والجامعات ومراكز البحوث والصناعات الاليكترونية، وذلك بالاعتماد على الشاليهات الحالية كمساكن وتخصيص منطقة جنوب الطريق الدولى ليتم انشاء كل المصانع والمراكز والجامعات فيها، بحيث تتحول المنطقة من الاسكندرية إلى السلوم إلى وادى السليكون المصري. 8 تعمير سيناء وقناة السويس: من خلال خطة تقوم على نموذج التنمية المتكاملة الزراعية الصناعية التجارية أو تحويل المواد الاولية الى سلع صناعية وتصديرها، ويقترح أن تكون أول مشروعات جيش التنمية. 9 التوسع فى استخدام الطاقة البديلة: وذلك من خلال استخدام الطاقة الشمسية فى إنارة الشوارع، والمصالح الحكومية التى تعمل نهارا، وطاقة الرياح فى استخراج المياه الجوفية.....الخ 01 إعادة القداسة الى النيل: من خلال تنظيفه وتحريره من الاحتكار أو الاستيلاء وإزالة كل التعديات على شاطئه وتحويله الى أكبر مزرعة أسماك فى العالم. (للحديث بقية) استاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة لمزيد من مقالات د. نصر محمد عارف