ينتظر الرئيس القادم بعد التعديلات الدستورية الأخيرة .. نظاما جديدا للحكم .. لا سيما فى تحديد اختصاصاته ومهامه فى ظل فلسفة وضعها المشرع الدستورى قامت على أساس التحول إلى النظام شبه الرئاسي، بدلا من النظام الذى اقترب من البرلمانى فى دستور 2102 مع تشديد إجراءات محاسبة ومحاكمة الرئيس عبر آليات واضحة والإبقاء على توازن سلطات الدولة الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) .. ولعل الدستور الجديد يقر بمبدأ منح الرئيس صلاحيات واسعة ومتوازنة يشاركه فيها الشعب ونوابه .. وتعديل الدستور عن النظام شبه البرلمانى على اساس أن رئيس الجمهورية ينتخب من قِبل الشعب وليس البرلمان .. ولذلك أنيطت به سلطات أوسع فى تشكيل الحكومة، منها اختيار وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل .. حال اختيار الحكومة من حزب أو ائتلاف الأكثرية البرلمانية .. وقررت له سلطة اعفاء الحكومة أو إجراء تعديلات وزارية محدودة، شريطة موافقة البرلمان .. وذلك بعد أن كان تغيير الحكومة فى دستور 2102 مرتبطا فقط بتغيير البرلمان أو سحب الثقة منها أو أحد أعضائها وهو ما كان يمكن أن يترتب عليه ارتباك فى الوضع السياسى للبلاد فى ظل ديمقراطية ناشئة .. وفى مقابل الصلاحيات الجديدة للرئيس، شدَّد الدستور على محاسبته من قِبل البرلمان .. حيث استحدث جريمة انتهاك أحكام الدستور ضمن الجرائم التى تعفى الرئيس من منصبه وهى الخيانة العظمى والجرائم الجنائية .. وكذلك سمح الدستور لأول مرة بسحب الثقة من الرئيس عبر البرلمان وبعد الاستفتاء .. على أن يحل البرلمان فى حالة رفض الشعب سحب الثقة .. وقد ألزمت التعديلات الرئيس بعدم إبرام أية معاهدات للتنازل عن أى جزء من إقليم الدولة .. كما ألزمته بإجراء الاستفتاء على ما يتعلق بحقوق السيادة .. واستحدث الدستور نصا جديدا يمنع رئيس الجمهورية من أن يمنح نفسه أى أوسمة أو نياشين أو أنواط .. وهو ما قام به الرئيس السابق ويواجه بسببه اتهامات بالتربح من المنصب عبر الحصول على مكافآت الأوسمة والنياشين. وقيد الدستور الجديد من سلطة رئيس الجمهورية فى اعلان الحرب وارسال القوات المسلحة إلى خارج البلاد .. بحيث يتطلب ذلك موافقة ثلثى أعضاء مجلس النواب بدلا من أغلبية أعضائه. وسدت التعديلات الفراغ الدستورى فى حالة عدم وجود مجلس النواب .. حيث تمت اضافة بند جديد يقضى بضرورة أخذ رأى المجلس الأعلى للقوات المسلحة وموافقة كل من مجلس الوزراء ومجلس الدفاع الوطنى .. كما تم تقييد حق رئيس الجمهورية فى مسألة العفو عن العقوبة أو تخفيفها .. وذلك بضرورة أخذ موافقة مجلس الوزراء وأن يكون العفو الشامل بقانون شريطة اقراره بأغلبية أعضاء مجلس النواب . كما نص الدستور الجديد على امكانية أن يفوض رئيس الجمهورية بعض اختصاصاته لرئيس مجلس الوزراء أو نوابه أو الوزراء أو المحافظين. وبالنسبة لطلب رئيس الجمهورية حل مجلس النواب، وضع الدستور قيدا جديدا يلزم الرئيس بعدم الحل إلا عند الضرورة وبقرار مسبب وبعد استفتاء الشعب. وقد احتفظ الدستور بوضع رئيس الجمهورية بالنسبة للقوات المسلحة باعتباره القائد الأعلى لها .. كما رأس مجلس الدفاع الوطنى ومجلس الأمن القومى .. بينما حافظ الدستور على استقلالية منصب النائب العام عن الرئيس .. بحيث يتم اختياره عن طريق مجلس القضاء الأعلى .. من بين نواب رئيس محكمة النقض أو الرؤساء بمحاكم الاستئناف أو النواب العامين المساعدين .. على أن يصدر رئيس الجمهورية فقط قرار تعيين النائب العام .. وقد سار الدستور على نفس نهج استقلالية المناصب العليا عن رئيس الجمهورية، فبالنسبة للهيئات المستقلة والجهات الرقابية .. يقوم رئيس الجمهورية بتعيين رؤسائها بعد موافقة مجلس النواب بأغلبية أعضائه.