وهو فى طريقه ليرأس فريق الأطباء الذين سيقومون بإجراء عملية جراحية بالغة التعقيد.. تذكر دكتور «روى كالن» الجراح الإنجليزى الشهير وأحد رواد عمليات نقل الأعضاء.. أنه قال للسيدة المريضة «دافينا» أن مشكلتها أنها ليست فقط بحاجة إلى زرع كبد.. ولكنها أيضا بحاجة إلى زرع قلب ورئتين. وكم كانت دهشته بالغة حين قالت له: «أرجوك أن تفعل ذلك.. فلدى أمل لن أفقده أبدا بأننى سأنجو.. وسأجتاز هذه المحنة القاسية».. عندئذ تمثلت أمام دكتور «كالن» الأسطورة القديمة التى تحكى عن أميرة إغريقية جميلة اسمها «باندورا».. جاءتها هدية عبارة عن صندوق غامض.. وطلب منها ألا تفتحه مهما حدث.. لكن الأميرة غلبها الفضول.. فرفعت غطاء الصندوق.. فإذا بالشرور والمآسى تنطلق من داخله فى شكل فراشات سوداء.. وقبل أن تطير الفراشة الأخيرة.. أغلقت الصندوق بسرعة.. وللحظ الجميل كانت الفراشة الباقية هى فراشة الأمل.. الترياق الذى فاز به الإنسان ليساعده على مواجهة محن الحياة. بعد تسع سنوات من إجراء هذه الجراحة النادرة .. قال دكتور «كالن» فى احدى المحاضرات: «إن السيدة «دافينا» التى تتمتع اليوم بصحة جيدة.. وافقت على دخول حجرة العمليات للخضوع لهذه العملية التى لم يتم إجراء مثلها من قبل.. لأنها تمتلك قلبا مملوءا بالأمل الذى منحها الشجاعة والقوة والتفاؤل». الأمل أيضا هو الذى دفع «أليكس هالي» لأن يصبح أحد أنجح الكتاب فى سبعينيات القرن الماضي.. فحين تم رفض قصصه ومقالاته.. لم يحزن.. ولم ييأس.. لأنه كان من نوعية الأشخاص الذين لا يفقدون الأمل ولا يستسلمون للهزيمة.. لذلك ظل يؤلف قصصا طويلة وقصيرة مؤمنا بأن هناك لحظة سينعم فيها بطعم النجاح.. وهو ما حدث.. فبعد أعوام عديدة من الجهد المتواصل كتب رواية لفتت انتباه الجميع وتركت أثرا عميقا فى العالم أجمع واختار لها عنوان «جذور».. وهكذا رأى «أليكس» جهوده تؤتى ثمارها بفضل الأمل الذى سكن وجدانه .. فالفرق بين الأشخاص الذين حققوا نجاحا فى أى ميدان من ميادين الحياة.. وبين أولئك الذين لم يحققوا مثل هذا النجاح.. هو أن الناجحين لم يسمحوا للأمل أن يتسرب من بين ايديهم بعد أن أغلقوا الأبواب فى وجه اليأس.. ففى الوقت الذى يشعر فيه المتشائمون.. حين تبدو الحياة كئيبة.. بأن الأمور ستبقى على هذا المنوال إلى الأبد.. يشعر المتفائلون بأن الإنسان المتوهج بالأمل والحماس.. نادرا ما يعود خالى الوفاض. والأوطان أيضا تحتاج إلى أجواء من الامل المقرون بالعمل الدءوب لتزدهر وتتقدم.. فكلمة الأمل حين قالها المشير عبدالفتاح السيسى فى خطابه الموجز وهو يقدم نفسه للمصريين كمرشح للرئاسة.. اشاعت فى نفوس مؤيديه شعورا بالطمأنينة والثقة، فقد أكد للمصريون أنه ليس لديه ذرة يأس أوشك.. بل كله أمل فى الله وفى إرادتهم القوية لتعبر مصر إلى الأفضل.. وحين قال إنه لا يقدم المعجزات.. بل يقدم العمل الشاق والجهد وانكار الذات.. اعاد إلى الذاكرة خطاب ونستون تشرشل خلال الحرب العالمية حين أخبر شعبه بان المعركة لن تكون سهلة.. وأن النصر سيتطلب دما وكدحا وعرقا. انها الحقيقة.. المعارك ليست سهلة ومعركتنا نحن المصريين مع العنف والفقر والجهل والفساد تحتاج إلى جهد هائل.. ولندرك أنه لا يوجد مصعد يحملنا خلال رحلة الصعود من الفشل إلى النجاح.. لذلك ليس أمامنا سوى استخدام السلم .. نعم سنتعب.. سنلهث.. لكن الأمل الذى يملأ قلوبنا فى غد أفضل.. سيمنحنا الشجاعة والقوة.. ولنتفاءل ولنتذكر السيدة «دافينا».. المشحونة بالثقة.. حين قالت: سأنجو وسأتخطى هذه المحنة القاسية.. نعم سننجو وسنتجاوز تلك الفترة العصيبة. لمزيد من مقالات عايدة رزق