تحقيق وفاء البرادعي: التساؤل الان لماذا لم نصل بعد الي النماذج التي تحقق التوزيع العادل في الفرص والثروات؟ تقول الدكتورة ماجدة قنديل المديرة التنفيذية والبحوث بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية .. في الواقع اذا القينا نظرة علي اسلوب ادارة التمويل في النظام المصرفي خلال السنوات الماضية فمن وجهة نظر بعض رؤساء البنوك او المسئولين في هذا القطاع فانه يعد أسلوبا رشيدا في تجنب التمويل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة امام التكثيف في السندات الحكومية المضمونة الي جانب اهل الثقة من القطاع الخاص واغلبهم كانت تربطهم علاقات طيبة مع النظام السابق. وهذا اوجد نوعا من التحيز الضمني بحكم السياسات الاقتصادية التي تسعي للحماية الشخصية من أية مجازفة يمكن ان تؤثر سلبيا علي تقييم البنك بالنسبة للاستثمارات والملاءة المالية وغيرها بحسب د.ماجدة وفي المجمل العام فقد ادي ذلك ان80% ممن يمثلون القاعدة العريضة من صغار المستثمرين ورجال الاعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة لم تكن تحظي بالتمويل المناسب لتخوف البنوك من عدم قدرتهم علي السداد اما عن الحديث الدائر حاليا حول تبني الاقتصاد الاسلامي تقول ماجدة قنديل ان التحول كلية الي النموذج الاسلامي في المصارف قد يحتاج الي منهاج عمل يتيح عملية الانتقال تدريجيا وعلي مراحل فالتحول في مدة قصيرة ربما يخنق النظام المصرفي بأكمله ويتسبب باضرار كبيرة للاقتصاد القومي. لقد اتاحت المصارف الاسلامية قدر اكبر من الشمولية في توفير التمويل المطلوب لقطاع عريض من المحتاجين عن طريق دخول البنك كشريك في المشروع بحصته التمويلية ومن خلال تطبيق مفهوم الوساطة المالية القائم علي مبدأ المشاركة في الارباح والخسائر بين البنك وصاحب المشروع وفي السياق ذاته تلفت الانتباه الي ان الموضوع ليس مسميات بين التقليدي والإسلامي ولكن المفهوم العلمي والعملي للقطاع المصرفي وبما لدينا من نسبة اكبر من البنوك التقليدية الذي قد يساعدها نظام المشاركة الاسلامي علي تقديم كافة الخيارات للصيغ التمويلية والخدمات البنكية بأدوات مالية واستثمارية وانتقاء الافضل من بينها وفي ضوء المتابعة المستمرة للتغيرات بما يتيح فرص اكبر للتعامل مع الكثير من القيود والتقليل من حجم المجازفة مع اضفاء الطمأنينة مما سيؤدي الي توسيع قاعدة استخدامات هذة الادوات في البنوك التقليدية في المرحلة المقبلة لتشمل ايضا التنوع في الصيغ التمويلية المتاحة امام القطاعات صغيرة الحجم وتفيد ماجدة قنديل ان تأخر السوق المصرية عن الخليجية او الاجنبية في استخدام بعض الادوات البنكية الاسلامية كاصدار الصكوك( السندات) الإسلامية يرجع الي ان السياسة المصرفية مازالت لاتشجع العمل بتلك الاصدارات لعدم النضوج الكافي لسوق التمويل طويل الاجل في مصر بينما الاسواق العربية تتوافر فيها مصادر السيولة بحكم حجم الودائع وقدرة البنك المركزي علي توفير السيولة الكافية وقت الازمات الي جانب ما تتميز به بعض الاسواق هناك من حيث الرغبة التقليدية للإلتزام في المعاملات المالية مع الادوات التي تتسم بأحكام الشريعة الاسلامية. علاوة علي ذلك ان طبيعة النظام المصرفي الإسلامي لا تتماشي مع أولويات المواطن المصري بالرغم من ارتباطه الوثيق بالإسلام وتدينه ولكن لايريد أو لا يستطيع ان يجازف بمدخراته نظرا لمستوي المعيشة المحدود ولذلك يلجأ الي البنوك لاستكمال دخله ويأمل من خلال الوديعة في البنك ان يحصل علي دخل ثابت وبالتالي لا يفكر اذا كان هذا الاجراء يتسم بصبغة إسلامية سليمة أم لا اذ يجري التعامل من منطلق تحقيق الاستقرار الآسري والقدرة علي سد الاحتياجات الاساسية. وتعتقد ماجدة قنديل في ضوء متابعتها للموقف ان موضوع الاقتصاد الاسلامي والعمل بأدوات تتسم بالصبغة الإسلامية في الجهاز المصرفي المصري سيكون محل تنقيح وتقييم من جانب متخذي القرار ومسئولي البنوك والخبراء الاقتصاديين خلال المرحلة القادمة لتوسيع قاعدة تطبيقه في الأسواق مرجحة في الوقت عينه ان تستهدف هذة الاجراءات التأثير علي التمويل المصرفي وحجم السيولة في النشاط الاقتصادي من حيث المجالات التنموية التي يستخدم فيها التمويل وأولوياته القطاعية والجغرافية وان تقوم البنوك والمصارف العاملة في مصر بتطوير المنتجات المصرفية الحالية التي تقدمها حتي تستطيع ان تحافظ علي وجودها بكفاءة وفعالية في السوق المصرفية. وتوضح ان الساحة المصرفية في مصر تتسع لتقديم العديد من البنوك التقليدية للمنتجات المصرفية الإسلامية مع الحذر بألا نندفع الي التعامل بهذة المنتجات بدون الدراسة الوافية بخطوات معقولة ومدروسة لمعرفة الأهمية النسبية للمنتج وعنصر الأمان وهامش الربح ومدي قابلية المستثمرين المصريين والأجانب للأستثمار في تلك المنتجات مع إختبار مدي نجاحها وفاعليتها في تحقيق الأثر الإيجابي علي الاقتصاد والعدالة الاجتماعية وايضا بما يتناسب مع مطالب وإحتياجات السوق المصرية في مجالات التمويل والإقراض خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة التي نمر بها. وتقول اذا كان السبيل لتحسين اداء الجهاز المصرفي المصري سواء من خلال الاقتصاد الإسلامي او بالعمل المصرفي الإسلامي فعلينا ان ندخل هذة التجربة بطريقة سليمة مع المزيد من الشفافية والمساءلة والتقييم المستمر لأثارها الاقتصادية حتي لانتحمل أعباء أكثر من منطلق الدفاع عن نظام قد يحوي أثارا سلبية وفي ظل تجربة لم تختمر بعد