فى الوقت الذى رضخت فيه كييف لأحد المطالب الروسية الرئيسية، مقررة حظر الميليشيات اليمينية المتطرفة المسئولة عن أعمال العنف فى الفترة الأخيرة، كشرت روسيا عن أنيابها فى مواجهة قادة أوكرانيا الجدد وحلفائهم الغربيين على ثلاث جبهات مختلفة دبلوماسية وميدانية واقتصادية. فعلى الصعيد الدبلوماسى، انتقدت بعثة روسيا الدائمة فى الأممالمتحدة أمس، بشدة اجتماعا نظمته ليتوانيا فى المنظمة الدولية بشأن شبه جزيرة القرم أمس الأول، بقولها: إن هذه المنطقة أصبحت الآن أرضا روسية ولم تعد قضية على جدول أعمال مجلس الأمن يمكن مناقشتها. ورأت البعثة فى بيان إلى الوفود الأخرى فى الأممالمتحدة أن قيام عضو فى مجلس الأمن بتنظيم اجتماع بشأن القرم فى الاتحاد الروسى، أمرا غير مناسب، وأن مثل هذه الاجتماعات تضعف مكانة أعضاء مجلس الأمن وتضر بصورة المجلس ككل. وميدانيا، استعرض رئيس الوزراء الروسى ديميترى ميدفيديف سيطرة بلاده على شبه جزيرة القرم بزيارته للمنطقة، وبعقد اجتماع حكومى هناك، مما أثار غضب أوكرانيا التى وصفت الزيارة بأنها انتهاك صارخ، وتجاهلا للمطالب الغربية بإعادة شبه الجزيرة إلى كييف. وأثارت زيارة ميدفيديف لمدينة سيمفروبول فى القرم استياء قادة الغرب لأنها سلطت الضوء على عجزهم عن إجبار الرئيس الروسى فلاديمير بوتين على التخلى عن القرم التى استولت عليها روسيا عقب الإطاحة بالرئيس الأوكرانى المدعوم من موسكو فيكتور يانوكوفيتش وضمتها إليها فى 21 من مارس الماضي. ولم يدع دميترى روجوزين نائب رئيس الوزراء الروسى الذى تستهدفه عقوبات غربية، ورافق ميدفيديف فى رحلته مجالا للشك بشأن رمزية الزيارة، وقال عبر حسابه على «تويتر»: القرم لنا.. هذا يكفى. أما اقتصاديا، فقد قررت روسيا رفع أسعار الغاز الذى تصدره إلى أوكرانيا بنسبة 30% مع بداية الشهر الجارى بسبب مديونيات تقدر بالمليارات مستحقة على كييف. وقال أليكسى ميلر رئيس شركة «جازبروم» الروسية للطاقة، إن أسعار صادرات الغاز لأوكرانيا ستعود الآن إلى سعرها القديم الذى يبلغ 385.5 دولار لكل ألف متر مكعب من الغاز. وعلل ميلر إلغاء الخصم الذى كانت تحصل عليه أوكرانيا من قبل بمديونياتها لروسيا التى تقدر ب1،711 مليار دولار. وتعنى هذه الخطوة ضرورة قيام أوكرانيا برفع أسعار الغاز داخلها بنسبة 50%، والعمل على استيراده من الدول الأوروبية التى دعمت ثورتها ، فى حين تقف أوكرانيا حاليا من الناحية الفعلية على شفا الإفلاس. وكانت مصادر وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت، سحب الحشود العسكرية بعيدا عن الحدود مع أوكرانيا بعد الانتهاء من المناورات العسكرية، التى جرت على مقربة من هذه الحدود بهدف توصيل رسالة تهدئة إلى كافة الأطراف. وذكرت وزارة الدفاع، أنها سحبت كتيبة مشاة ميكانيكية من المنطقة، وتضم الكتيبة ما بين 300 و1200 جندى. وفى تطور مهم، صوت البرلمان الأوكرانى أمس بالإجماع على نزع سلاح جميع المجموعات شبه العسكرية التى شاركت فى الاحتجاجات المطالبة بالتقرب من أوروبا ولا تزال مسيطرة فى وسط كييف، وذلك غداة تبادل إطلاق نار تسبب فيه أحد عناصر حركة «برافى سيكتور» القومية فى كييف. وقال أولكسندر تورتشينوف الرئيس الانتقالى بعد التصويت، إن الشعب الأوكرانى يطالب بالنظام، مضيفا أن هؤلاء الذين يحملون السلاح - باستثناء الشرطة والأجهزة الأمنية والحرس الوطنى - مخربون يعملون ضد الدولة.