من نيويورك حيث مقر المنظمة الدولية تبدو الصورة أوضح وأكثر إنصافا لمصر.' فالدور المصري الدولي والإقليمي رائد في مختلف المجالات' حسب اعتقاد ماجد عبدالفتاح مندوب مصر الدائم في الأممالمتحدة. الدور المصري في القضية النووية التي تشغل العالم خاصة الشرق الأوسط أحد هذه البراهين. فمصر' تقدم خدمة عظيمة للأمة العربية كلها والشرق الأوسط عموما بسياستها تجاه مراجعة معاهدة منع الانتشار النووي. هذه المعاهدة التي هي المرجع الرئيسي لجهود مواجهة أي خطر نووي يهدد العالم بدأ سريان مفعولها عام1970. وفي المؤتمر الدوري لمراجعة المعاهدة عام1995 تقرر وفق حل وسط تمديد المعاهدة للأبد مقابل قرار إصدار قرار بإنشاء منطقة في الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمارالشامل النووية والكيماوية والبيولوجية والسامة. وكان أحد نصوص الاتفاق عقد مؤتمر كل خمس سنوات لمراجعة المعاهدة. في شهر مايو المقبل يعقد بنيوريورك المؤتمر الدوري لهذه المراجعة والذي سيكون ساحة صدام مرتقبة بين مصر الرئيس الحالي لحركة عدم الانحياز وصوت العرب وبين الدول الكبري النووية وغير النووية. ومنذ شهور يجوب الدبلوماسي المصري المحنك العالم لحشد الإجماع للمبدأ المصري: نحن مع نجاح مؤتمر مراجعة المعاهدة النووية ولكن ليس بأي ثمن. هذا الثمن كما تراه مصر ويطرحه عبد الفتاح أينما دعي للنقاش هو' نزع السلاح النووي بإشراف وتحقق دوليين منع الانتشار النووي والتحقق من تنفيذ كل الدول الموقعة علي المعاهدة بلا استثناء بذلك وأخيرا اتاحة فرصة الاستخدام السلمي للطاقة النووية بمصداقية وفاعلية'. ويتعلق هذا بالهدف التاريخي المنشود وهو تحقيق عالمية المعاهدة بحيث تنضم إليها كل دول العالم. لكنه هدف هو في ذاته شرط ضروري كما يقول عبد الفتاح لتلبية مطلب الدول النووية الحالية لتحقيق عالمية البروتوكول الإضافي الذي ينص علي عمليات التحقيق والتفتيش ليشمل الجميع دون أي اسثتناء علي الإطلاق. ولتحقيق هذه المطالب تستعد مصر ودول عدم الانحياز للمواجهة الحاسمة بالرؤية التالية ثلاثية الأبعاد كما يصفها عبدالفتاح:' أولا: لكي يكون السعي الحالي مقبولا لفرض قيود إضافية علي الدول غير النووية الأعضاء في المعاهدة النووية والتي تفي بالتزاماتها القانونية الواردة فيها لا يمكن تقييد حق الدول القانوني في الإنسحاب من المعاهدة.. لا بد من وضع نظام دولي عادل بعيد عن الاعتبارات السياسية لإدارة بنك دولي مقترح للمواد النووية يساعد الدول الراغبة في تطوير برامج نووية لأغراض سلمية'. هذه هي المعركة الأوسع التي تهم كل دول العالم. غير أن للشرق الأوسط بالذات هما خاصا تحمله مصر إلي المؤتمر وهو تطبيق قرار إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل. وموقف مصر ودول عدم الانحياز كما يشرحه عبد الفتاح هو' ضرورة انضمام اسرائيل لمعاهدة منع الانتشار النووي كدولة غير نووية خاصة أن المصاعب السياسية هي التي تحول دون ذلك'. وفي كل المحافل والمؤتمرات والملتقيات التي تناقش القضية النووية' تضغط مصر بقوة. فنحن ننتظر منذ حوالي15 سنة لتنفيذ قرار إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط ولم يتخذ أي إجراء حتي الآن'. العقبة الرئيسية هي إسرائيل والدول المؤيدة لمطامعها في الاحتفاظ بسلاحها النووي حتي يتحقق السلام بالرؤية الإسرائيلية. فوفق الرؤية المصرية التي يحمل عبدالفتاح علي كاهله عبء شرحها للعالم بلا لبس هو' لن يحدث هذا.. أن نحقق السلام الشامل ونعترف باسرائيل ونعطيها الوضعية الطبيعية.. ثم تفكر.. هل تتخلي عن القدرات النووية المبهمة أم لا... هذا لن يحدث. شدد عبدالفتاح أمام العشرات من خبراء ودبلوماسيين وسياسيين وباحثين من عشرات الدول من بينها اسرائيل. وكانت المناسبة هي مؤتمر مغلق لمؤسسة ويلتون بارك البريطانية الأسبوع الماضي لتبادل الأفكار والعقبات والحلول للمشاكل التي قد تعترض طريق مؤتمر تجديد المعاهدة النووية المقبل. ماذا عن إيران وهي موقعة علي المعاهدة النووية ويشترط الإسرائيليون تسوية ملفها النووي قبل المضي في عملية السلام يجيب عبد الفتاح:' إذا كانت هناك دولة( اسرائيل) ليست موقعة علي المعاهدة فليس من المقبول أن تعمل في الدفع باتجاهات أخري'. ورغم الخلافات الملعنة بين مصر, وبعض الدول العربية من ناحية وإيران من ناحية أخري فإن معالجة القضية النووية أمر منفصل. ويري مندوب مصر الدائم لدي الأممالمتحدة أن إبقاء دولة واحدة بالمنطقة هي اسرائيل بقدرات نووية ولو مبهمة يقوي حجة إيران'. ودعا الدول الكبري التي تركز علي ملف إيران النووي أن:' تبطل حجة طهران بالتعامل مع ملف اسرائيل النووي'. في الوقت ذاته يتصل عبد الفتاح بإيران باعتبارها عضو الترويكا والرئيس القادم بعد مصر لحركة عدم الانحياز ويطالبها' بالوفاء بالتزاماتها الورادة في المعاهدة النووية'. كما ينصحها دائما بالمرونة. غير أن ملف إيران لن يطرح علي مؤتمر2010. ويتوقع عبدالفتاح ألا تطرحه الدول الكبري رغم تركيزها المشدد عليه طوال السنوات الأخيرة. ويضيف' كان من المقترح طرح الموضوع في مؤتمر2005 لكن الغربيين أنفسهم رفضوا لأنهم كانوا يعلمون أن هذا سيواجه بطلب من دول عدم الانحياز بربط الملف الإيراني بالاسرائيلي.'. وهنا تنصح مصر الدول الكبري:' لايجب أن نقدم لإيران الحجة بل لابد من نزع حجتها بأن نثبت أن هناك عدالة ومصداقية في تطبيق نظام منع الانتشار علي الجميع بلا استثناء'. ويؤكد أن' عالمية المعاهدة التي تضغط الدول الكبري من أجلها لن تتحقق إلا إذا نفذ قرار إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمارالشامل'. يقول عبد الفتاح:' أداء مصر السياسي والدبلوماسي بالمنظمة الدولية يظهر دورها الحقيقي'. ويضرب مثالا بتقرير جولدستون الذي فضح جرائم الحرب الاسرائيلية ضد فلسطينيي قطاع غزة.' مصر هي التي تصدت لمندوب اسرائيل عندما تهكم علي العرب'. ويكشف عبد الفتاح'. نهج مصر المحترف في الأممالمتحدة يبرر تفاؤل مندوبها بالمنظمة الدولية بأنه في حالة الاتفاق علي توسيع عضوية مجلس الأمن فإن مصر ستكون مؤهلة لشغل أحد المقعدين الدائمين اللذين تطالب بهما أفريقيا. ويضيف عبد الفتاح مؤهلات أخري ربما تخفي علي البعض منها أن مصر سادس أكبر مساهم من بين27 دولة في عمليات حفظ السلام في العالم. كما أنها عضو مساهم نشط في لجنة بناء السلام ومجلس حقوق الإنسان وتفعيل الجمعية العامة للأمم المتحدة والقضية الفلسطينية والمؤتمرات الدولية للتنمية في العالم.