انطلقت صباح أمس الانتخابات المحلية فى تركيا بمشاركة 26 حزبا يتنافسون على مقاعد بلديات المدن المختلفة، يتصدرهم، بحسب استطلاعات الرأي، حزب العدالة والتنمية الحاكم، يليه حزب الشعب الجمهوري، ثم الحركة القومية اليمينى، وحزب السلام والديمقراطية الذراع السياسية لمنظمة حزب العمال الكردستانى الانفصالية. ووسط أجواء مضطربة بسبب فضائح الفساد التى تورطت فيها الحكومة، أقبل الأتراك على لجان الاقتراع منذ الصباح الباكر للإدلاء بأصواتهم لاختيار رؤساء وأعضاء مجالس المدن والبلدات فى 81 محافظة، فيما يشبه الاستفتاء على رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية الذى يقود البلاد منذ 12 عاما. وهناك احتمالات قوية بأن تحدد الانتخابات المحلية مصير تركيا السياسي، فضلا عن تحديد مصير أردوغان، خاصة وأنه سيعقبها انتخابات رئاسية فى أغسطس المقبل. ويبلغ عدد من لهم حق التصويت 52 مليونا و695 ألفا و831 ناخبا، منهم 26 مليونا و404 نساء، و25 مليونا و991 ألف رجل، لهم حق التصويت فى 194 ألفا و310 لجان انتخابية، وجرت عملية الاقتراع فى ظل تدابير أمنية مشددة، حيث تولى نحو 13 ألف شرطى مهمة حماية المقار الانتخابية فى العاصمة أنقرة وحدها، و39 ألف شرطى المهمة نفسها فى اسطنبول، أكبر مدن البلاد. ومراعاة لفروق التوقيت، توافد الناخبون على اللجان الانتخابية بداية من الساعة السابعة صباحا حتى الرابعة عصرا أمس فى 32 محافظة شرق البلاد، بينما بدأ أقرانهم فى 49 محافظة فى غرب تركيا التصويت من الساعة الثامنة صباحا حتى الساعة الخامسة عصرا. ولقى 9 أشخاص مصرعهم وأصيب العشرات جراء الاشتباكات بين أعضاء أحزاب متنافسة بعدة محافظات. وكان المجلس الأعلى للانتخابات قد حظر فتح المحال الترفيهية وبيع الخمور حتى الساعة التاسعة مساء أمس، وحمل السلاح عدا قوات الشرطة، كما حظر المجلس على الإذاعة والتليفزيون بث أو إذاعة أى تحليلات أو تعليقات أو أخبار سياسية متعلقة بالانتخابات، أو أى إعلانات عن القادة السياسيين والحزبيين أو تصريحاتهم أو أقوالهم حتى الساعة التاسعة من مساء أمس. وذكرت صحيفة «راديكال» التركية أن قوات الأمن فى أزمير تلقت بلاغات أمس الأول أكدت وجود بطاقات انتخابية مزورة، وتمكنت بالفعل من التحفظ على الآلاف منها خلال مداهمتها عددا من الأماكن بالمدينة التى تطل على بحر إيجه، دون أن تحدد لمصلحة أى حزب تم التزوير. وأشارت الصحيفة عبر موقعها الإلكترونى أمس إلى أن قوات الأمن احتجزت شاحنة على مدخل مدينة أزمير محملة بأكياس داخلها بطاقات انتخابية مزورة، وتم اعتقال سائق الشاحنة ولا تزال التحقيقات مستمرة معه. من جانب آخر، ذكرت صحيفة «حريت» أن مجموعة ملثمة يتراوح عددها ما بين20 و25 شخصا حطمت زجاج 52 سيارة فى حى بى أوغلو وسط اسطنبول قبل ساعات من بدء الانتخابات دون معرفة الأسباب. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناخب يدعى أكرم توتر 63 عاما قوله وهو يضع بطاقته فى صندوق للاقتراع فى أحد مراكز التصويت فى حى يلديز بأنقرة الذى يعد من معاقل المعارضة: «أرجو ألا يصوت الناخبون لحكومة فاسدة.. حان الوقت لفتح فصل جديد نظيف من تاريخ تركيا». وفى تحليلات الإعلام الغربى لهذا الحدث، ذكرت وكالة «رويترز» للأنباء أن حزب «العدالة والتنمية» الذى وصل إلى السلطة فى عام 2002 يأمل فى أن يحقق فى الانتخابات البلدية نفس النسبة التى حققها فى انتخابات 2009 أو يتجاوزها، وهى 38.8%. واعتبرت الوكالة أن أى تصويت بأقل من 36% وهو أمر يعد مستبعدا سيكون صفعة قوية لرئيس الوزراء أردوغان، وسيثير صراعا على السلطة فى حزب العدالة والتنمية، فى حين أن التصويت بأكثر من 45% قد يبشر بفترة من تصفية الحسابات مع المعارضين فى السياسة وأجهزة الدولة.