أصحاب المعاشات غاضبون، فالحكومة السابقة استثنتهم من قرار تطبيق الحد الأدني، ولم تلتفت الى مطالبهم العادلة ، فقيمة المعاش لا تكفى مطالب الحياة، والأسعار تواصل ارتفاعها بشكل جنوني، والأمل كبير فى حكومة إبراهيم محلب. الأخطر هو كيفية حماية أموال التأمينات والمعاشات، فهذه الأموال ليست ملكا لوزارة المالية، وإنما ملك لأصحاب المعاشات الذين أفنوا أعمارهم فى خدمة هذا البلد. تحقيقات الأهرام رصدت أبعاد الأزمة فى محاولة للتعرف على سبل حلها . فى البداية يقول فتحى حسونة موظف بالمعاش إن أموال المعاشات لا يجوز ان تخضع لسيطرة وزارة المالية، فأموال التأمينات هى ملك لأصحاب المعاشات ، ومن الواجب ان تخضع لهيئة مستقلة خاصة، ان الدستور الجديد يكفل حمايتها وتنميتها. أما الحاجة زينب محمد أرملة فتشكو من ان معاش الضمان الاجتماعى يصرف للمستحقين له من الخزانة العامة للدولة وليس له علاقة بالصناديق الخاصة للتأمينات، ولا يراعى الزيادات الجنونية فى الأسعار وارتفاع معدل التضخم. السيد رجب موظف على المعاش يدعو إلى تدخل عاجل لحماية أصحاب المعاشات بتوفير معيشة كريمة لهم، وإصدار قانون برفع جميع المعاشات التأمينية بنسبة لا تقل عن نسبة الزيادة التى تم إقرارها لهم. التصريحات السابقة من جانبه، يتهم البدرى فرغلى رئيس النقابة العامة لأصحاب المعاشات الحكومة السابقة بإهدار حقوق أصحاب المعاشات حيث انخفضت المعاشات فى عهدها الى ما بين 60 و70 جنيهًا . ويضيف : ان كل التصريحات السابقة بوصول الحد الأدنى للمعاشات الى 477 جنيها مخالفة للمادة 27 من الدستور التى تنص على ضرورة وجود حد ادنى للأجور والمعاشات، والنتيجة أن خمسة ملايين من أصحاب المعاشات يتقاضون الآن أقل من 500 جنيه، مما دفعنا الى رفع دعوى قضائية أمام القضاء الادارى للوصول الى حد ادنى للمعاشات الى 960 جنيهًا. عدم حل هذه المشكلة يهدد بمزيد من التصعيد والاحتجاجات.. هكذا يقول فرغلى ، ويواصل قائلا : فعددنا الآن يتجاوز 9 ملايين من أصحاب المعاشات، ونشكو من ضياع حقوقنا الأساسية، بل نستحق علاوات بأثر رجعى منذ عام 2006. ويناشد رئيس النقابة العامة لأصحاب المعاشات رئيس الجمهورية، التدخل لحماية الملايين من أصحاب المعاشات قائلا: كل ما حصلنا عليه من الحكومة السابقة صكوك تشبه صكوك الريان وخطابات ضمان من الخزانة العامة خزانة الدولة ويشير الدكتور محمد معيط مساعد وزير المالية الأسبق، إلى ان أى شيء لم ينص عليه القانون بالنسبة للتأمينات والمعاشات يصب فى خزانة الدولة ، مؤكدا ان القانون الحاكم للتأمينات فى مصر لم ينص على وجود حد ادنى للمعاشات لذلك تتحمل تلك التكلفة خزانة الدولة. وبناء عليه، يطالب معيط بضرورة حصر أعداد أصحاب المعاشات وتحديد الشريحة التى اقوم من خلالها بزيادة الحد الأدنى للمعاش، ثم يتم حساب التكلفة قبل اخطار الخزانة العامة بالتكلفة، وهى من تبلغنى بالموافقة أو لا .. وفى حاله عدم قدرتها على تدبير المبلغ المطلوب نلجأ لاختيار الشريحة الاقل. ويوضح معيط أن مشكلات أصحاب المعاشات عديدة ، فانا مؤمن على ولست صاحب معاش اذا تعرضت لعجز او وفاة ، فاولادى يستحقون المعاش، كذلك من تصير سنه 59 عاما فهو باق له عام ويصل لسن المعاش. وتكمن مشكلاتنا كفئات مؤمن عليهم أننا عندما نصل لسن المعاش ناخذ راتبا قليلا جدا مقارنة بالأجر الذى كنا نتقاضاه ونحن بالعمل ،فعلى سبيل المثال شخص يقبض 5000 جنيه وراتبه 6000 جنيه غير مؤمن عليه سوى ب 2000 جنيه فقط ، فلا يحصل الا على 400 جنيه معاشا فقط .. والمشكلة هنا تكمن فى شعورى بانخفاض مستوى معيشتي، ،هذا ينتج عنه مشكلة كبيرة فى تدبير متطلبات المعيشة، وهناك مشكلة أخرى تتمثل فى حصولى على 1200 جنيه معاشا ، مع ارتفاع معدل التضخم الذى يقلل قيمة النقود ، وإذا لم احصل على زيادات وعلاوات كل عام ، فسوف يقل مستوى معيشتى كل عام.. و لذلك يجب ألا تقل الزيادة التى أخذها كل عام عن معدل التضخم ان لم تزد عليه . وهنا يشير معيط إلى أن هناك مشكلات عدة معظمها فردية، حلها فى تطور منظومة العمل حيث سيساعد الفنيون والمتخصصون على حلها بالوقت. ويوضح الدكتور سامى نجيب أستاذ التأمين بالمجلس الأعلى للجامعات إذا أردت معاشات تضمن الحد الأدنى لنفقات المعيشة (مآكل مسكن تعليم علاج) فهذا ليس قرارا، ولكنه نظام أضعه أولا ثم أتساءل من اين اجلب الأموال ؟ ويضيف :«لدينا ثلاثة مصادر للأموال، من المؤمن عليهم، ومن أصحاب الأعمال ، وبيت المال (خزانة عامة )، وهى التى نطلب منها الأموال بالأمر المباشر . أجر الاشتراك ومن جانبه، يضيف الدكتور محمد عطية رئيس قطاع التخطيط وبحوث الاستثمار والمعلومات الأسبق بوزارة التأمينات، انه يوجد ربط بين الحد الأدنى للأجور الذى يحدده قانون العمل وهو ما نحاول إيجاده بجعله 1200 جنيه، والحد الأدنى المغطى تأمينيا (اجر الاشتراك) الذى يكفله قانون العمل.. وبالتالى اذا منحته الحد الادنى للاجور، فالحد الادنى للمعاش يزيد لان الحد الأدنى للأجر المغطى يكون 1200 جنيه وبالتالى الحد الأدنى للمعاش يزيد. ويقترح تدبير تلك الأموال من خلال استرداد أموال التأمينات الاجتماعية لتوظيفها بطرق تولد عائدا أفضل مما تكفله وزارة المالية، وبالتالى تساعد على زيادة التمويل، أما بالنسبة للجدل الدائر حول ضرورة رفع الحد الأدنى للمعاشات ليكون مساويا أو مقاربا للحد الأدنى للأجور الذى قررته الحكومة بما يتناسب ومستويات الأسعار فى الوقت الراهن , فيؤكد عطية ان هناك جانبا تشريعيا، وهو أن المعاش يحسب على الأجر المغطى بالاشتراك فى التأمين وبالتالى فهناك ضرورة لتعديل القانون 79 لسنة 1975 بقانون التأمين الاجتماعى ، لكى ينص على ربط الحد الأدنى لأجر الاشتراك فى التأمينات بالحد الأدنى المقرر للأجور. وهنا نشير إلى أن الحكومة قررت الحد الأدنى للعاملين فى الهيئات العامة والحكومة بمبلغ 1200 جنيه شهريا ، إلا أن تطبيقه فى القطاع الخاص لا يزال يواجه مشكلة مع أصحاب الأعمال ، حيث أن عبء الاشتراك فى التأمين عن العاملين يمثل تكلفة ، وبالتالى فإن رفع الحد الأدنى لأجر الاشتراك فى التأمينات يمثل زيادة لعبء تكلفة الاشتراك على أصحاب الأعمال. ويضيف رئيس قطاع التخطيط وبحوث الاستثمار والمعلومات الأسبق بوزارة التأمينات، أن هناك مباحثات مع أصحاب الأعمال للوصول إلى حل لهذه المشكلة، ومن ناحية أخرى فإن أى زيادة فى المزايا التى يقررها قانون التأمين الاجتماعي، يجب أن نوفر لها التمويل اللازم لكى تتمكن صناديق التأمينات من الإنفاق عليها، وهذا يرتبط بمشكلة أخرى تخص إدارة أموال التأمينات التى تحول إلى الخزانة العامة فى مقابل عائد ضعيف رغم ضخامة حجم الأموال المحولة. دراسة الزيادة وأشار عطية الى ان هناك دراسة تجريها لجنة مشكلة من أعضاء مجلس إدارة هيئة التأمينات برئاسة أحمد السيد النجار، لحصر مديونية وزارة المالية لهيئة التأمينات والاتفاق على نسبة العائد المناسب على هذه الأموال الذى يجب أن يتساوى مع معدل العائد الذى تكفله الخزانة العامة للقروض التى تحصل عليها من البنوك التجارية.. فالخزانة تكفل معدل عائد أكبر على السندات وأذون الخزانة التى تبيعها للبنوك فى مقابل اقتراضها لفائض البنوك . وطالب رئيس قطاع التخطيط وبحوث الاستثمار والمعلومات الأسبق بوزارة التأمينات، وزارة المالية بألا تكيل بمكيالين وأن ترفع معدل العائد على الأموال التى تقترضها من صناديق التأمينات ليتساوى مع معدل العائد على السندات وأذون الخزانة. وبهذا يمكن توفير التمويل اللازم لرفع الحد الأدنى للمعاشات وأيضا زيادة المعاشات لكى تضمن مستوى معيشة لحياة كريمة لأصحاب المعاشات، وأن تتيح لصناديق التأمينات فرصة استثمار جزء أكبر من فوائضها بما يمكن أن يسهم فى تمويل مشروعات صغيرة للشباب المتعطل بعد دراسة جدواها والاسهام فى عدد من المشروعات الرابحة التى تحقق معدل عائد أفضل ، بما يعود بالفائدة على أصحاب هذه الأموال وتوفير فرص عمل للشباب وزيادة الدخل القومي.