بروح يملؤها الكثير من التفاؤل بالمستقبل وبإمكانية أن يكون للبحث العلمى دور فى تحسين جميع قطاعات الدولة بدأ د. ماجد الشربينى رئيس أكاديمية البحث العلمى حديثه بعد شهور من التوقف عن العمل وتحقيقات النيابة التى لم تنته لإدانة صريحة ضده مما أدى لعودته لمنصبه ليستكمل العديد من المشروعات المشتركة مع جميع وزارات الدولة ومؤسسات المجتمع الدولى وإلى نص الحوار: كيف تسهم الأكاديمية فى دعم البحث العلمى والابتكار؟ ميزانية الأكاديمية بعد قيام الثورة شهدت قفزات غير مسبوقة ففى عام 2010 كانت الميزانية 15 مليون جنيه 12 مليونا مرتبات و3 ملايين جنيه للمشروعات البحثية، و بعد قيام الثورة وإيمانا من الدولة بأن البحث العلمى هو قاطرة التنمية والتقدم الاقتصادى والتكنولوجى فى مصر زادت الميزانية إلى 45 مليون جنيه ثم تضاعفت إلى 165 مليون جنيه فى عام 2012. وفى عهد حكومة الإخوان انخفضت إلى 107 ملايين جنيه علما بأنه كانت هناك ضغوط شديدة من قبل وزيرة البحث العلمى السابقة لتقليل الميزانية إلى 65مليون جنيه. ما هو عدد براءات الاختراع التى تصدر بمصر؟ خلال تطويرنا لمكاتب براءات الاختراع وجدنا أن 91% من مقدمى طلبات تسجيل البراءة وكلاء الشركات الأجنبية و9% فقط من الأفراد و العلماء بالجامعات ومراكز البحوث المصرية لذلك حرصنا على استثناء الأفراد والعلماء المصريين الجادين من تكاليف براءة الاختراع المحلية لتشجيعهم على الابتكار. وفى حقيقة الأمر فإنه بالنظر إلى عدد براءات الاختراع التى ننتجها فى مصر بكل ما نملك من مراكز بحثية وجامعات فهو للأسف رقم هزيل جدا لايتعدى 100 براءة اختراع فى العام علما بأن اليابان التى تقاربنا فى تعداد السكان تنتج 550 ألف براءة اختراع سنويا فالمنظومة فى اليابان تدفع كافة أفراد المجتمع إلى التفكير والابتكار. ما تصوراتكم لإصلاح الخلل فى دورة الابتكار؟ وضعنا تصورا لتشجيع جميع فئات المجتمع على الابتكار والتطوير من خلال مبادرة «مبتكرون» وهى عبارة عن مشروعات تستهدف قطاعات وشرائح مجتمعية محددة. فبالنسبة لقطاع الصناعات اليدوية البسيطة بالأحياء الشعبية والعشوائيات وهى كثيرة جدا وتعمل فى جميع الصناعات، لاحظنا من خلال البحوث التى أجريت بالتنسيق مع الجمعيات الأهلية أن الكثير منها يتعثر بسبب وجود مشكلات فنية بسيطة أو غياب القدرة على التطوير التقني، وعلى ذلك قمنا بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولى وكلية الهندسة بجامعة أسيوط وعدد من الجمعيات الأهلية بتمويل مشروع «توك توك الابتكار» وهو بمثابة معمل متنقل يقوده عدد من الفنيين يقومون بزيارة الورش الصغيرة غير الرسمية لتقديم المشورة وحل المشكلات التقنية التى قد تواجههم بما يسهم فى تنمية ثقافة الابتكار داخل المجتمعات الشعبية. هل شملت المبادرة مراحل التعليم الأساسية؟ نعم لأن إصلاح البحث العلمى يجب أن يبدأ بنشر الثقافة العلمية داخل المدارس حيث قمنا بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم بتطوير مناهج العلوم والرياضيات فى معظم المراحل التعليمية بناء على خبراتنا وخبرات إحدى المؤسسات الهندية والتى وفرت أفلاما ثنائية وثلاثية الأبعاد تساعد الطالب على فهم الموضوع الذى يدرسه بصرياً وبالفعل قمنا بتوفير تلك المناهج لوزارة التعليم باللغتين العربية والإنجليزية إضافة إلى تطوير المعامل وتزويدها بالأفلام العلمية فى عدد من المدارس الحكومية بالإسكندرية والقاهرة والجيزة ووجدنا طبقا للتجربة أن درجة استجابة الطلبة للموضوعات العلمية زادت بشكل كبير. قمنا فى بداية عام 2013 بالاتفاق مع مؤسسة دولية أقيمت بناء على طلب بان كى مون سكرتير عام الأممالمتحدة لمساعدة الدول النامية على تحقيق أهداف الألفية الإنمائية من خلال دعم برامج التعليم الإبداعى للعلوم والرياضيات وقد انضمت مصر لتلك المبادرة بعد كل من المكسيك وفنزويلا حيث أتيح لنا توفير نظم تكنولوجية حديثة إلى 180 ألف طالب من أجهزة حاسب وبرمجيات للتعليم ووسائل إيضاح متطورة توفرها الشركات التكنولوجية بربع التكلفة. وقد بدأنا بالفعل تفعيل هذا الاتفاق بالتعاون مع وزارة التعليم والهيئة العربية للتصنيع بشراء المعدات والإعداد الفنى كمرحلة أولى فى 20 مدرسة فى القاهرة والجيزة كما تم تدريب 470 مدرسا للتعامل مع تقنيات التعليم الحديثة، ونظرا لالتزامنا بتفعيل هذه الاتفاقية خلال شهور معدودة حصلنا على ميزة لتفعيل بروتوكول التعاون على جميع طلاب المدارس الذين يقدر عددهم ب18مليون طالب على مستوى الجمهورية. هل وضعتم مشكلة تمويل مشاريع التخرج فى الاعتبار؟ قمنا بجمع 300 موضوع ومشكلة محل اهتمام قطاع الصناعة ووضعنا أولوية لتمويل منح للماجستير والدكتوراه ومشروعات التخرج التى تتصدى وتضع حلولا لأى مشكلة مما رصدناها فى الصناعة على أن يتم تمويل منحة مشروع التخرج بمبلغ 20 ألف جنيه للطالب تصل إلى 100 ألف جنيه كحد أقصى فى حالة زيادة عدد الطلاب المشتركين فى المشروع على أن تنفق هذه الأموال على البحوث والخامات وشراء المستلزمات. كما قمنا بالتعاون مع مركز التميز بالقوات المسلحة بتوفير معدات وورش كى يقوم الطلبة بتنفيذ مشروعاتهم. وبالفعل تقدم لنا 500 طالب و170 مشروع تخرج وحرصنا أن تتولى لجنة بكل جامعة متابعة الطلاب ومدى نجاحهم فى تنفيذ المشروع والذى سيلبى بالتبعية احتياجا مهما للقطاع الصناعي. ومن المبادرات الأخرى التى قمنا بها لزيادة إنتاج العلماء للبحوث وبراءات الاختراع مولنا إنشاء 30 مكتبا للدعم الفنى والتقنى بالجامعات ومراكز البحوث لتعريف الباحثين بسبل تسجيل براءة الاختراع والحصول على منح التمويل للمشروعات البحثية إضافة إلى نقل التكنولوجيا. ما الذى تحقق من تلك المشروعات ؟ بعد إيقافى عن العمل وعلى مدى 6 أشهر فإن الكثير من تلك المشروعات والمبادرات تعثر بدرجة كبيرة ومنها ما توقف تماما ويسأل فى ذلك قيادات الوزارة عن تلك الفترة كما أنه لأول مرة منذ 40 عاما لم تشارك مصر فى اجتماعات المنظمة العالمية للملكية الفكرية وهى الجهة المسئولة عن رسم سياسات الملكية الفكرية على مستوى العالم، ولعل المشكلة التى تواجهنا حاليا هو أن حجم ما أنفق حتى يومنا هذا هو ثلث الميزانية فقط المخصصة لأكاديمية البحث العلمى والتى تقدر ب107 ملايين جنيه فخلال الشهور الستة الماضية توقفت أغلب المشروعات ولم يتم الإعلان عن مناقصة واحدة، والمشكلة فى الوقت الراهن هى أنه طبقا للدستور من المقرر ألا تقل ميزانية البحث العلمى عن 1% من الموازنة العامة للدولة وهو ما سيعنى زيادة موازنات جميع قطاعات البحث العلمى بما فيها الأكاديمية لأضعاف ما ننفقه حاليا وإذا لم نضع من اليوم الخطط والمشروعات التى ستنفذ طبقا للميزانية القادمة فإننا بذلك نهدر فرصة كبيرة للبحث العلمى فى حل مشكلات المجتمع ودعم التنمية الاقتصادية. ماذا عن مشروعات التعاون الدولى للأكاديمية؟ لدينا تعاون مثمر مع المركز الأوروبى للأبحاث النووية ساهم فى تحسين عدد ونوعية مشاركة مصر فى البحوث الدولية، كما منحنا هذا المركز 150 جهازاً خادماً بقيمة 45مليون دولار لتطوير التعاون البحثى وللأسف فإن هذه الأجهزة تم وضعها فى المخازن دون أن يعد المكان الملائم للاستفادة منها وهو ما سنحاول إصلاحه فى الأيام القادمة. والأمر الآخر هو مشروع تعاون مصرى أوروبى لإنشاء مركز بحثى تجريبى للخلايا الشمسية المركزة بمدينة الأبحاث ببرج العرب كان من المفترض أن يفتتح لتحلية 250 مترا مكعبا من المياه وإنتاج واحد ميجاوات للكهرباء وأيضا تعثر المشروع وسنسعى لإحيائه من جديد. سبق للأهرام مناقشة سرقة بعض الباحثين للدراسات الدولية وافتضاح أمرهم عبر محركات البحث الإلكترونى فما هو دور الأكاديمية للتصدى لهذه القضية؟ للأسف هناك ثقافة غائبة بالجامعات والمراكز البحثية حول أخلاقيات النشر العلمى وإلى وقتنا لايعى بعض العلماء فداحة أمور مثل النشر المزدوج بالمجلات المحلية والدولية أو السرقات العلمية، وعالميا لايوجد ما يسمى بالنشر المحلى فكل المجلات العلمية يجب أن تكون متاحة للعالم كى يتم الاستشهاد بالبحوث المصرية كما يجب أن تكون البحوث مراجعة وغير منقولة أو تمت سرقتها من بحوث أخري. ولعل مايجب القيام به هو توفير البرمجيات لرصد السرقات العلمية بالبحوث بدءا من رسائل الماجستير والدكتوراه، لأن الاستسهال فى هذا الأمر يسيء لسمعة الجامعات والمراكز البحثية والدولة لذلك يجب أن تكون هناك عقوبات رادعة للحد من تلك المهزلة العلمية وفيما يتعلق بلجنة الجوائز فلقد أخذ هذا الأمر فى الاعتبار وستتم مراجعة البحوث المتقدمة للجوائز عبر أنظمة كشف الانتحال العلمى المتوافرة بالشبكة القومية للمعلومات مثلما يحدث فى جميع دول العالم.