كثيرا ما نقابل هذا النموذج.. زوجة قرفانة ومخنوقة لأن زوجها ابن أمه، أو امرأة مطلقة لأن زوجها كان ابن أمه وهي تهمة شائعة بين النساء والحقيقة لا تفهمها ولا تقدرها غيرهن.. فالطبيعى أن يقيم الزوج وزنا لرأى أمه ويسمع كلامها ويبرها.. هل المشكلة حقا في بره بأمه أم فى أنه يفضل رأى أمه على رأى زوجته.. ربما كانت هذه هى المشكلة وقبل أن نتكلم عن «ابن أمه» دعونا نطرح هذه التساؤلات.. هل هو الزوج البار بوالدته الذى لا يريد أن يغضبها وينفذ طلباتها حتي لو كان غير راض عنها لأنه يحبها.. طب وماله.. أليس البر بالوالدين من أهم القيم الاساسية لمجتمعنا أليست صفة جيدة نحض عليها أبناءنا.. هل هناك ما هو أجمل من بر الابن بوالديه.. أم أنه الزوج الذى يستشير والدته فى كل كبيرة وصغيرة ولا يفعل شيئا بدون استئذانها.. أم انه الزوج الذى يكشف أدق أسرار حياته الزوجية لوالدته.. وهل يفعل ذلك لأن أمه شخصية متسلطة.. أم لأنه شخصية ضعيفة غير مستقلة يحتاج لمن يفكر بالنيابة عنه. وهل تتضايق الزوجة وتصف زوجها بأنه «ابن أمه» من تدخلها؟ أم لأنها لا تستطيع أن تستحوذ عليه وتنفرد به بعيدا عنها.. هذه الزوجة تربى ابنها ليكون «ابن امرأة أخرى» تقول د.نهلة ناجى أستاذة الطب النفسى بجامعة عين شمس.. أن هناك بالفعل نوعا من التعلق المرضى بالأم وعدم الرغبة فى الانفصال عنها من جانب بعض الأبناء فهناك خط يفصل بين حب الأم والبر بها وتنفيذ طلباتها رغبة فى إرضائها حتي ولو على حساب الآخرين، وبين العلاقة الصحية الصحيحة بها. وأحيانا يكون الأمر خللا فى التنشئة، فهناك أم مسيطرة واستحواذية لا تعلم أولادها الاعتماد على أنفسهم تحولت بالضرورة أيضا إلي حماة مسيطرة ولا تريد التخلى عن ابنها، لكن فى نفس الوقت بعض الزوجات يبالغن في توجيه هذه التهمة للرجل وتتعقد المشكلة عندما تكون الزوجة والحماة شخصيتين قويتين فتتهم كل منهما الأخري بأنها تسعى لانتزاع اهتمام الرجل لنفسها. ولابد أن نعترف إن الصراع بين الحماة والزوجة أمر طبيعى وشائع ومكرر في مجتمعاتنا، ويمكننا تلمس الأعذار للأمهات.. فالأم تشقى بمعنى الكلمة لتربى وتكبر هذا الطفل الصغير الشقى، هى المرأة الأولى والأخيرة فى حياته، يترك العالم كله ويلجأ لها، فلذة كبدها.. فجأة يكبر الولد ويختار لنفسه امرأة أخرى تصبح هى الأقرب.. فى مجتمعاتنا التى تعانى فيها النساء من كل أشكال القسوة وانتهاك الحقوق السياسية للإنسان ..لا يحق للأرملة أن تتزوج بعد وفاة زوجها وينظر لمن تفعل ذلك نظرة دونية فعليها أن تتفرغ لتربية أبنائها ..ترتفع نسب الطلاق وفى سن صغيرة، لا يمكن للمطلقة أن تبدأ حياة أخرى وتؤسس عائلة جديدة بسهولة، الدور التقليدى والمتوقع أنها «تعيش على ولادها» وتربيهم فهم كل حياتها وليس لها أى حياة أخرى، قد يكون ابنها وحيدها وقد يكون «ديك البرابر» علي كم بنت فيصبح بالنسبة لها «راجلها» و»ننوس عينها» لا يمكن أن تأخذه امرأة أخرى.. ببساطة هذا من جانب الأم. من جانب الزوجة هو زوجها حبيبها آخرة صبرها، والد أبنائها، أوله عندها وآخره عندها، هى الأولى بوقته وفلوسه، مواعيدها وطلباتها يجب أن تكون لها الأولوية، لا تمانع أن تكون علاقته بأمه تليفونات فى الأعياد والمناسبات... تدخلها لازم يكون فى حدود وبحساب.. الزوجات اللاتى تعانين من عقدة ابن أمه يرين أن الزوج من هذا النوع لا يتحمل المسئولية ويحتاج دائما لمن يقرر له لكن هل تمانع الزوجة لو كانت هى من تقرر وليست أمه. بالتأكيد هناك نماذج لحموات متسلطات تتدخلن في كل كبيرة وصغيرة.. وهناك زوجات لا يرغبن في ظهور حمواتهن علي شاشة الأسرة إلا كضيفات معززات مكرمات لأن بيتها وزوجها لها وحدها.. يعني الأم والزوجة.. عينة واحدة دراسة صادرة عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية أشارت إلى أن 28% من حالات الطلاق فى مصر تحدث بسبب تدخلات الأهل أو تحديدا الأم وخلافها مع الزوجة. المفارقة أن الزوجة التى تتهم زوجها بأنه «ابن أمه» تربى ابنها طبعا وتحلم بأن يظل يبرها ويسمع كلامها ولا يفعل شيئا بعيدا عنها، حتي لو قيل عنه أنه «ابن أمه» فيما بعد.. ولكن ورغم ذلك يبدو أن الزوجات اللاتى يتذمرن من «ابن أمه» غير منصفات لأن بحثا جديدا أجرته الجمعية الأمريكية للعلوم النفسية أكد أن الزوج «دلوعة ماما» والذين غالبا ما يعتبرونه أضحوكة في بعض المجتمعات هم أفضل الأزواج وأنبلهم علي الإطلاق. وأوضح الباحثون أن علاقة الرجل القوية بأمه تجعله أفضل الأزواج والأكثر ميلا للالتزام والأكثر قدرة على إسعاد زوجته والحفاظ على علاقة ناجحة وطويلة. فهناك علاقة ملحوظة بين ارتباط الرجال بأمهاتهم ودرجة الرضا والسعادة لدى شريكاتهم، ذلك أن الأمهات يعلمن أبناءهن التعامل الصحيح مع زوجاتهم ويساعدنهم على تحقيق علاقة زوجية ناجحة.. وقالوا أن الاحتكاك القوى بالأم يعنى أن الأبناء أفضل كأزواج لتمتعهم بقدرة أكبر علي تطوير علاقات حميمة ومنفتحة عاطفيا، لأن الرجل القريب من أمه يكون قريبا من شريكة حياته، ويكون عاطفيا وحساسا وحنونا... وأن الأزواج الأكثر ارتباطا بأمهاتهم كانوا بشكل عام حنونين وعاطفيين مع زوجاتهم، كما وصفت النساء الرجال الذين تربطهم علاقة حب قوية مع أمهاتهم بأنهم أفضل الأصدقاء.. ولاحظ الخبراء أن الرجال الذين يطمحون لإرضاء أمهاتهم وتفاخرهن بهم، كانوا أكثر قدرة على التواصل مع شريكاتهم.. رسالة الدراسة السابقة واضحة لكل زوجة تشكو من «ابن أمه» أحمدى ربنا على النعمة اللي أنت فيها...