خلافات الحماة لا تنتهى "بوس إيد حماتك.. تحبك مراتك" ، "دايما حماتي.. تتمني موتي" أمثال شعبيه انتشرت بين الناس وتناقلتها المجتمعات العربية نظرا للأزمة التي تشكلها الحماة في حياه الأزواج، والتي دائما ما تتهم بالتسلط والقسوة في معاملة أزواج بناتها وزوجات أبنائها على حد سواء، فالمساواة في ظلمها عدلا كما تراه.. والدخيل على العائلة لابد أن يحظى بمعاملة خاصة حتى لا يتجاوز الحدود التي وضعت له، ولإنهاء هذا الصراع الأزلي بين الحموات والزوج أو الزوجة توجهت بعد البلدان كان أخرها المغرب الى استحداث وثيقة تلحق بوثيقة الزواج، وتلزم الحموات بألا يتدخلن في حياة الأبناء .
ومشكلة الحماة مشكله تمس بيوتنا جميعا، لذلك طرحنا فكرة مدي إمكانية تطبيق هذه الوثيقة في مصر، ولأن قلوب المقبلين علي الزواج يملؤها الخوف من مشاكل الحموات فقد كانت البداية معهم .
حل سحري هند محمد " 20 سنه " تحكي قصتها مع أم خطيبها فتقول " أم خطيبي متسلطة وتتدخل في كل شئ حتى طريقه ملابسي، مع أنها هي من اختارتني كزوجه لابنها، حتى شقه الزوجية تتدخل في اختيار الأثاث لها، وعند سؤال هند عن رأيها في تطبيق وثيقة الزواج الجديدة في مصر والتي سوف تجبر الحموات بالابتعاد عن الأبناء، أبدت موافقتها ورحبت بالفكرة وقالت " سوف تريحني هذه الوثيقة من حماتي " . والأمر لا يختلف كثيرا مع أسماء 25 سنه فهي أيضا مخطوبه منذ فترة وجيزة وعلي وشك إتمام زفافها، تبدأ أسماء حديثها بتنهيده حارة قائله في يأس " حماتي هي مصيبتي فهي سيدة قويه جدا، ودائما تختلق المشاكل بيني وبين أهلي لدرجة جعلتني أفكر في إنهاء الخطبة، ولكني اعرف أن هذه مشكلة كل البنات وليست مشكلتي وحدي. وابتسمت أسماء عند معرفتها بوجود مثل هذه الوثيقة وقالت " ليتها تطبق في مصر، فهي العلاج السحري لما أنا فيه " تقاليع فارغة ولأن المشكلة تصنعها الحماوات فقد كان رأيهم مهما أيضا .. تقول أم محمد " لا أتدخل في حياة أولادي ولكني أتحدث معهم فيما لا يعجبني، وخصوصا إذا كان الأمر يتعلق بتربية أحفادي، فدائما أوجه النصائح لزوجة ابني، وهذا ليس عيبا لأني أكبر منهم سنا وأعلم منهم بأمور التربية . وعندما عرضنا عليها أمر الوثيقة لم تعارضها لأنها كما تزعم لا تتدخل في حياة أبنائها ! أما السيدة منال السيد فهي تعمل ناظرة لإحدي مدارس البنات وتقول " ليس لدي وقت للتدخل في حياة ابني الكبير، فالشغل يأخذ كل وقتي كما أنني ارعي باقي إخوته، واترك له كامل الحرية والمسئولية في بيته، وأعامل زوجته كما لو كانت ابنه لي . وتعارض السيدة منال فكرة تطبيق الوثيقة في مصر لأنها سوف تمنع الأم من التدخل نهائيا في الحياة الزوجية لأبنائها، حيث توجد حالات في رأيها تستلزم تدخل الأم لحسمها دون أن يتسبب ذلك في مشكله تهدم البيت . أما الحاجة أم عماد فقد ثارت بمجرد علمها ببنود الوثيقة واكتفت بوصفها للفكرة ب " تقاليع فارغة " ! حياتي مع حماتي
خلافات لا تنتهي بسبب الحماة ولكي تكتمل أضلاع مثلث لعنة الحموات تحدثنا مع الأزواج فهم أيضا يشربون من نفس الكأس التي تتجرع منه الزوجات، يروي لنا أحمد " 32" سنه قصته منذ بداية زواجه قبل أربع سنوات فيقول: " منذ زواجي وحماتي تتدخل في كل شئوننا الخاصة، فهي تتعمد إبعاد زوجتي عن أهلي بحجة أن أمي سوف تتدخل في حياتنا، مع أنها تحول حياتي لجحيم بتدخلها شبه اليومي في أمور حياتنا.
أما حسين " 35" سنه فحظه أفضل حيث يقول: رزقني ربي بحماة طيبه جدا، تساعدنا منذ بداية زواجنا وتعتبرني ابنا لها، حتى أني دائما أناديها بأمي لمكانتها الكبيرة في قلبي. ومع أن "حسين" سعيد في حياته الزوجية إلا أنه ينظر الى الوثيقة على أنها ستقدم حلولا لمشاكل كثيرة في البيوت المصرية، لأنه علي حد قوله " ليست كل الحموات مثل حماته " . موروث ثقافي وعن وجود الحماة المتسلطة كظاهرة في معظم المجتمعات تري الدكتورة سامية الساعاتي أستاذ علم الاجتماع جامعة عين شمس أن أسباب اختلاف دور الحماة بين الأمس واليوم اختلاف أفكار ورؤى، فتصرفات الحموات لا يحكمها اختلاف ظروف العصر بقدر ما يحكمها اختلاف نمط العصر. فالثقافة التقليدية كانت تعبر عن موروث ثقافي ضد الحموات وزوجات الابن من خلال الأمثال الشعبية، ومن هذه الأمثال "عرق ورا الودن ما يحبش مرات الابن"، أما الزوجة فتقول: "الكي بالنار ولا حماتي في الدار"، "طول عمرك يا خالة وانت على دي الحالة". وهناك أسباب تقليدية لهذا التنافر بين الحماة وزوجة ابنها، فالحماة تشعر أن زوجة الابن قد شاركتها في حب ابنها، إن لم تكن قد استأثرت به كله، وبدورها تشعر بغيرة من زوجة ابنها، ولعل الألم الذي تشعر به الأم يرجع إلى أن زوج البنت عادة ما يمثل إضافة ومكسباً لأسرة زوجته، وهو بذلك يكون مطروحاً من عائلته، ولعل الأم تلمس ذلك بوضوح في الأعياد والمناسبات، حيث تحرص الفتاة أن تذهب لأسرتها أولاً ثم تأتي حماتها في المرتبة الثانية. تجنبي الجحيم من سيكسب الزوجة أم الحماة؟ أما عن أهم الأسباب التي تجعل الحماة مسيطرة على الحياة الزوجية لأبنائها فيذكرها د. أحمد عبدالله أستاذ علم النفس قائلا: قد تكون الحماة امرأة متسلطة بطبعها، وهذا التسلط ناتج من اعتقادها بأنها أكثر خبرة في الحياة، فتتعمد إعطاء الزوجين بالنصائح وتشاركهما الرأي، وقد تكون مشاركتها المادية في تأسيس بيت الزوجية للابناء سببا ضروريا في رأيها يستلزم تدخلها في حياتهم، أو يكون التسلط نابع عن حب مرضي، أي أن تكون متعلقة بابنها تعلقاً شديداً يصل إلى حد العجز عن تركه لزوجته. وأخيرا فليس كل تدخل تسلطاً، بل تختلف طبيعة الأمر من أسرة إلى أخرى، فيجب على الزوج أن يتفهم دور أمه وحدود حرية أفكاره ومفاهيمه، كذلك يجب علي الزوجة أن تعلم بأن الأم بفطرتها سوف تحاول مساعدة أبناءها في بداية حياتهم الزوجية، من منطلق أنهم ما زالوا غير قادرين على تحمل المسؤولية، ما يجعلها تسدي لهم النصائح بحكم خبرتها، فعلى كل زوجه أن تتفهم هذا وحينها سوف تتجنب جحيم الحموات.
والآن شاركونا برأيكم هل يمكننا تنفيذ هذه الوثيقة في مصر أيضا ؟