19 مارس 1989 تاريخ مكتوب فى الذاكرة المصرية بأحرف من نور يوم عادت طابا الى مصر ورفع العلم عليها. لتعود كل حبة تراب الى ربوع الوطن بعد انتصار عظيم فى اكتوبر 73 . 25 عاما على ملحمة استعادة طابا التى تعتبر من ابرز الملامح المصرية فى العصر الحديث، والتى فرضت نفسها على الوجدان المصرى والعربي، فبرغم ان مساحة طابا لا تتجاوز الالف متر الا بقليل من الامتار، فان مصر أثبتت وتثبت للعالم اجمع ان من مبادئها الحفاظ على كل حبة رمل ولا تقبل التجزئة أو المساومة. لقد خاضت مصر رحلة طويلة عسكريا وسياسيا امتدت لما يقرب من 22 عاما بدأت خطواتها الاولى بعد ايام معدودة من نكسة 67، وما تلاها من احتلال سيناء، وشهدت ارض سيناء بعدها ملحمة عسكرية مصرية، وأعطت درسا للقوات الاسرائيلية، وان احتلال ارض مصرية ليس بالامر الهين، ومن بعدها جاءت حرب الاستنزاف، وفى السادس من اكتوبر عام 73 عبرت القوات المصرية قناة السويس وحطمت خط بارليف وتحققت الانتصارات الواحدة تلو الاخري. واستجابت مصر لنداء السلام من خلال مفاوضات كامب ديفيد لتستعيد الأرض التى اغتصبت باستثناء طابا التى تلكأت اسرائيل كعادتها ولم تنسحب منها بحجة ان هذه المساحة (1020) مترا لا تقع ضمن الاراضى المصرية، وجاء أول اعلان عن مشكلة طابا فى مارس 1982، وقبل شهر واحد من الانسحاب الاسرائيلى الكامل من سيناء. واعلن رئيس الجانب العسكرى المصرى فى اللجنة المصرية الاسرائيلية ان هناك خلافا جذريا حول بعض النقاط الحدودية الخاصة بالعلامة 91 وحرصا من القيادة المصرية على الانسحاب الاسرائيلى اتفق الجانبان على تأجيل الانسحاب من طابا وحل النزاع طبقا لقواعد القانون الدولى وبنود اتفاقية السلام وبالتحديد المادة السابعة التى تنص على ان تحل بشأن تطبيق أو تفسير المعاهدة عن طريق المفاوضات واذا لم يتيسر حل الخلاف يتجه للتوفيق أو التحكيم. وبعد اربع سنوات من المماطلة أجبرت اسرائيل على قبول التحكيم الدولى فى يناير 1986، ودخل الجانبان فى مفاوضات لصياغة شروط التحكيم، وكانت مصر واثقة من حقها التاريخى فاستخدمت كل الوثائق الدبلوماسية والقانونية والمخطوطات النادرة لإثبات حقها. وخاضت مصر معركة قانونية فريدة بتشكيل فريق وطنى ومتنوع من خيرة رجالها وبعد الكثير من الوقت نجحت مصر فى ان اصدرت هيئة التحكيم الدولية حكمها فى 27 سبتمبر 1988 باحقية مصر فى ممارسة سيادتها الكاملة على تراب طابا، ومن بعدها رفع العلم المصرى فى احتفالية كبرى فى 19 مارس 1989.