أى دين يدين به هؤلاء الإرهابيون الذى يقتلون رجالا وعد الله سبحانه وتعالى بدخولهم الجنة لأنهم باتوا يدفعون ويحرسون الوطن ويسهرون على أمن وراحة الجميع؟. وهل تكفى المواجهات الأمنية وحدها فى التصدى لهذا الفكر الضال؟ وما دور مؤسسات المجتمع فى مواجهة ما يتعرض له رجال القوات المسلحة والشرطة من اعتداءات إرهابية آثمة؟. علماء الدين يؤكدون براءة الإسلام والأديان السماوية من تلك الاعتداءات الأرهابية الآثمة، ويطالبون جميع أجهزة الدولة بضرورة التصدى لهذه الهجمات الإرهابية وتعقبهم فى كل مكان للقضاء على بؤر الإرهاب مؤكدين أن البطء فى إصدار الأحكام القضائية سبب رئيسا فى تزايد هذه العمليات الإرهابية. وأكد العلماء أن ما يحدث من اعتداءات وقتل لحماة الوطن وحرق للمنشات العامة والخاصة جريمة بشعة تتبرأ منها وترفضها كل الأديان، ولا يقرها أى دين سماوى . ووصفوا هؤلاء المعتدين بخوارج العصر الذين يجب أن يطبق عليهم حد الحرابة والقصاص. وحذر العلماء من وجود مؤامرة ومخطط خارجى يعاونه أعداء الوطن من الداخل لإحداث فوضى فى المجتمع المصرى يستهدف إسقاط الدولة وإسقاط الجيش المصرى كما حدث فى العراق وليبيا ويجرى الآن على أرض سوريا. يقول الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم، عميد كلية أصول الدين بأسيوط، إن تلك الأعمال الإجرامية لا تتفق مع شريعة الإسلام بل تصادم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله علية وسلم، واعد الله عز وجل أعظم عقوبة لقتل النفس بغير حق، قال تعالى (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة فى الدماء، واعتبر النبى صلى الله علية وسلم قتل النفس بغير الحق من الأعمال المهلكة لصاحبها فقال الرسول الكريم (اجتنبوا السبع الموبقات قيل ما هم يا رسول الله ؟ قال : الشرك بالله والسحر وقتل النفس التى حرم الله إلا بالحق... إلى آخر الحديث). وطالب بسرعة المحاكمات والقصاص من القتلة، وتغيير القوانين وتشدد العقوبات حتى يرى المجتمع المصرى ما يشفى صدوره من قتله أولاده، ودون أن يحدث ذلك نكون كمن يحرث فى الماء. كما طالب الأزهر والأوقاف بمحاربة هذا العمل الإجرامى وعقد الندوات لتوعية المواطنين بخطورة هذا الأمر وبيان حرمته، والتركيز على مواجهة الفكر التكفيرى فى خطب الجمعة ووسائل الإعلام، ومنع أى مسئول أو إعلامى أو رجل دين من الكلام إذا حث الناس على قتل المواطنين. من جانبه يشير الدكتور سعيد عامر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر، إلى وجود تعاون وتكامل بين الأزهر والأوقاف حتى يقوم الدعاة إلى الله بأداء دورهم بقدر الإمكان فى التحذير من قتل النفس بغير حق ومن التحذير من الإفساد فى البلاد والعباد وحث الناس على العمل الصالح، لكن من يرتكبون هذه الجرائم لا يسمعون لدعاة الإسلام إنما يسمعون ويتبعون أهواءهم وما تمليه عليهم شياطين الإنس من قادتهم، وعملا بالقاعدة الفقهية المعروفة ودرءا للمفاسد فانه يجب أن يطبق على هؤلاء حد الحرابة حتى يكون ذلك رادعا لهم ولغيرهم وذلك لقوله تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِى الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِى الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ). وناشد جميع المؤسسات الحكومية أن تقف مع الأزهر ومع فئات الشعب على درء هذا الفساد والتعاون على حماية البلاد والعباد من إراقة الدماء والإفساد فى الأرض . ويرى الدكتور رمضان عبد العزيز أستاذ بكلية أصول الدين بالمنوفية، ان دور العلماء يتمثل فى توعية الناس ببيان حرمة قتل النفس بغير حق لان آيات القرآن الكريم فيها نهى صريح عن إزهاق النفس بغض النظر عن دينها والمولى تبارك وتعالى يقول فى كتابه: (من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك فى الأرض لمسرفون). وأكد الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء ان مصر تواجه حربا شرسة وهى ضد الإرهاب ولا نعرف من العدو لأنه عدو جبان يفعل فعلته فى الظلام وليس من الجندية فى الإسلام الخيانة، مشيرا الى أن مصر تتعرض لمؤامرة خارجية بمساعدة عدو داخلى يريد إسقاط مصر وإشاعة الفوضى من خلال الهجمات الجبانة على الجنود و المصريين ورجال الشرطة الذين هم حماة الوطن لقول الرسول الكريم عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس فى سبيل الله). وفى السياق ذاته ارجع الدكتور عبدالفتاح إدريس الأستاذ بجامعه الأزهر بان البطء فى الفصل فى المنازعات والقضايا المتعلقة باستهداف الناس وقتلهم بالرغم من الأدلة الدامغة والقوية وثبوت التهم عليهم التى لا تحتمل الشك على مرتكبيها هو السبب الرئيسى فى زيادة حدة العنف والقتل، ودلل على ذلك بأنه منذ عام مضى لم نر حكما فى قضية من القضايا الاغتيالات او قضايا الإتلاف بوجه عام ، ولم يصدر حتى ولو حكم ابتدائى فى أى قضية من القضايا. معاجلة اقتصادية واجتماعية ويرى الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتى الجمهورية، إن هناك جذورا اقتصادية واجتماعية وثقافية للتطرف الدينى الذى يتشكل فى ظل الفقر والبطالة وفى الأحياء العشوائية، وهى بيئة لا توفر ضرورات الحياة لمن يعيش فيها، ولا توفر له التعليم الكافى أو النسق الأخلاقى المناسب، مما يسهل اصطياده وتلقينه أفكاراً خطيرة تنسب إلى الدين، والدين منها براء مثل تكفير المجتمع وتبرير العنف، وقد أكدت الدراسات العلمية أن التنمية الشاملة هى المدخل الحقيقى لتصفية الفكر المتطرف، وأن توفير فرص العمل وضرورات الحياة تهيئ المجتمع للقدرة على محاصرة الفكر المتطرف. واستطرد نجم أن هذه المعالجة الاقتصادية والاجتماعية تظل قاصرة عن احتواء الظاهرة ما لم يكملها جهد ثقافى لنشر الوعى الدينى لهذه الفئات المهمشة وتغذية وجدانهم بالقيم الدينية النبيلة.