اليوم.. نحتفي بمارس شهر النساء، الذي خلد العالم يوم الثامن منه كذكرى للنساء اللواتى سالت دماؤهن بعد خروجهن ضمن الآلاف من العاملات الفقيرات والمهاجرات المهمشات ضد الظروف اللا إنسانية التى كن يجبرن على العمل تحتها فى مصانع الولاياتالمتحدة فى بداية القرن العشرين، كما تحتفي مصر فيه بذكرى سقوط "حميدة" أول شهيدة في ثورة 1919 في سبيل مصر حرة مستقلة. تأتي الصفحة اليوم احتفاءً بكل امرآة تركت آثراً في آرواحنا، وزينت آيامنا بالعطاء، ومنهن "شهرزاد" التي جملت ليالينا بحكمة الحكايات، التى تجاوزت الزمان والمكان. وسواء أكانت الأسطورة "شهرزاد" حقيقة أم خيالا، واقعاً أم وهما، إلا أنها ستظل رمز الحكي للنساء للكاتبات اللاتى يصنعن بكل إصرار تاريخاً موازياً للعالم. هي باقة ود وتحية واجبة للمرأة التى استطاعت أن تُعلى من شأن العقل على الجسد، وأن تنجح بحكاياتها فى أن تكسب أياماً فى معركتها مع شهريار، وأن تمنحنا –نحن القراء- أعماراً إضافية، وأن تلهم المبدعين والمبدعات فى كافة المجالات أعمالاً خلدت أسطورتها الماكرة أمام عنف "شهريار"، الذى لم ينقذه من أمراض روحه إلا الحب. المحررة
سيدات الحكايات الإنجليزيات ..على درب الألم سائرات رانيا رفاعى لا تعرف المعانى الإنسانية الجنسيات أو اللغات ولا تعترف بالحدود ولا لون البشرة، فقط يصل الصادق منها سريعاً إلى الوجدان. وقد نجحت الأديبات الإنجليزيات على وجه التحديد فى إنتاج كتابات إبداعية لن ينساها التاريخ، وصفن فيها المشاعر الإنسانية بتفرد، وأرّخن من خلال كتاباتهن للمراحل الفارقة فى تاريخ بلادهن الذى تصدرته الحروب ومحاولات الهيمنة والسيطرة وما فرضته من الكراهية والاستعلاء. مع الأخذ في الااعتبار ضرورة الاعتراف بصعوبة الكتابة عنهن جميعاً أو رصد الأثر الذى تركنه فى الميراث الأدبى العالمي، ولعلها تحية عابرة لأرواحهن التى قاست السير فى درب الكتابة العسير. شارلوت برونتي… والقمع الأبوي ساهمت شارلوت برونتى (1816- 1855) وأخواتها إميلى وإليزابيث وماريا فى إرساء دعامات شهرة الأدب الانجليزى بحكاياتهن عن قمع وقهر أبيهن الذى لم يكن فريداً فى بلاد الغرب وقتئذ. وبرعت شارلوت فى وصف الحياة القاسية بدعوى الحرص على الالتزام الدينى والأخلاقى وحماية الآداب العامة، حيث فرض عليهن الأب عزلة وصمتاً فى بيت يطل على المقابر ليذكرهم بالموت من ناحية، و يمنع عنهن التحدث إلى أى شخص من ناحية أخرى. ويواصل الأب تعنته فيلقى ببناته فى مدرسة دينية داخلية. ومن العزلة خرجت إبداعات الأخوات الثلاث من شعر ونثر لتحكى شيئا من تدنى أوضاع المرأة وإغفال أبسط حقوقها فى الحياة . فيرجينيا وولف … مرآة النفس نجحت "فرجينيا وولف" (1882 - 1941) فى وصف معاناة النفس البشرية، واشتهرت بأسلوبها الأدبى فى ربط الماضى بالحاضر، أو ما عرف بأسلوب التداعى فى الكتابة، وقدمت أعمالاً أشهرها: "الأيام "، و"الأمواج"، و"السيدة دالوي"، التى تكشف الخراب الذى خلفته الحرب العالمية الأولى في نفوس البشر، وهو أكبر بكثير من كل الخراب المادى الذى أحصته الأقلام وقتئذ. وتدور أحداث الرواية فى إطار يوم واحد فقط تقيم فيه سيدة المنزل "كلارسيا" حفلاً بمناسبة تعافيها من المرض، وتتوالى أحداث اليوم بداية من شراء الزهور، ومروراً بإصلاح الفستان، وانتهاء بمشهد الاحتفال، حيث تستدعى "فرجينيا" ذكريات الماضي، وهى تحكى عن الحاضر، وكأنه لعنة حلت على كل من فى الرواية تعوقهم عن العيش بصورة طبيعية. وعلى رأس المتعبين المدعو سميث العائد من الحرب وزوج صديقة كلارسيا، والذى يقرر إنهاء حياته بنفسه، كما تؤمن "فرجينيا" بأنه النهاية المثلى لمشكلات هذا العصر. ولعل "سميث" كانت جزءا من وولف التى كتبت لزوجها فى رسالة انتحارها: “ عزيزي, أنا على يقين بأننى سأجن, ولا أظن بأننا قادرون على الخوض فى تلك الأوقات الرهيبة مرة أخرى, كما ولا أظن بأننى سأتعافى هذه المرة. لقد بدأت أسمع أصواتاَ وفقدت قدرتى على التركيز. لذا, سأفعل ما أراه مناسبا. لقد أشعرتنى بسعادة عظيمة ولا أظن أن أى احد قد شعر بسعادة غامرة كما شعرنا نحن الإثنين معًا إلى أن حل بى هذا المرض الفظيع. لست قادرة على المقاومة بعد الآن وأعلم أننى أفسد حياتك وبدونى ستحظى بحياة أفضل. أنا متأكدة من ذلك. أترى؟ لا أستطيع حتى أن أكتب هذه الرسالة بشكل جيد, لا أستطيع أن أقرأ. جل ما أريد قوله هو أننى أدين لك بسعادتي. لقد كنت طيبا معى وصبوراَ علي. والجميع يعلم ذلك. لو كان بإمكان أحد ما أن ينقذنى فسيكون ذلك أنت. فقدت كل شئ عدا يقينى بأنك شخص جيد. لا أستطيع المضى فى تخريب حياتك ولا أظن أن أحدا شعر بالسعادة كما شعرنا بها". جى كيه رولنج .. تحديات الشهرة تعد جى كيه رولنج (1965 - ) الكاتبة الأشهر اليوم فى العالم، ربما لأنها أول مليونيرة من الكتابة، والتى تتنافى ابتسامتها فى صورها الحديثة مع بؤس أحوال حياتها السابقة، فمن ضيق ذات اليد إلى وفاة الأم العون والسند، زوج مجنون طردها من بيتها فى الخامسة صباحاً، فى صحبة إبنة لا يتجاوز عمرها 3 سنوات دون رعاية مادية أومعنوية، ووصولاً انتهاء برفض 12 ناشر لطباعة "هارى بوتر"، إلى ما صارت إليه اليوم جى كيه رولنج، وهو ما يكشف أنها ليست مجرد امراة مرفهة أو تافهة بلا تجربة، وإنما كاتبة حفرت الطريق إلى شهرتها بالألم ليستمتع بعالمها السحرى الملايين اتفقنا أو اختلفنا على قيمته.