كيف نحتفل أمس بيوم الدبلوماسية دون أن نتذكر انتصار المفاوض المصرى رغم أنف احتلالين فى استرداد طابا عام 1906 ؟ حين خلصها أولا من الاحتلال التركى المريض كما شكلت وثائقه فيما بعد الأساس القانونى لتحرير طابا من الاحتلال الاسرائيلى البغيض فى 19 مارس 1989. وملخص الحكاية كما رواها نعوم بك شقير الموظف بنظارة الحربية وسكرتير اللجنة التى شكلها الخديو عباس حلمى من أوين بك مدير المخابرات وإبراهيم باشا فتحى من أرباب المعاشات للتفاوض على الحدود مع مندوبى الدولة العثمانية وجاء فى كتابه الضخم "سيناء" :أنه فى فبراير 1906 اكتشف قومندان مصر بسيناء أن عساكر تركية احتلت تلال طابا مدعية أنها جزء من العقبة ومنطقة الشام التابعة لها، وقبلها رفضت حكومة مصر فرمان السلطان عبد الحميد بتثبيت عباس حلمى باشا على ولاية مصر لأنه حددها بخريطة ليس فيها سيناء، كما أرسلوا عساكر لاحتلال رفح وأزالوا عمود الحدود وكادت تحدث مواجهة عسكرية، لولا أن اتفقت حكومات مصر وبريطانيا وتركيا على إرسال مندوبين لتعيين الخط الفاصل بين سيناء والشام، واستقل الوفد المصرى رفاصا بحريا إلى رفح فقامت رياح شديدة واستحال الوصول إلى الشاطئ بسبب الأمواج فسبح الوفد المصرى وانتظر بالملابس الداخلية وصول المندوب التركى وبدأت المشاورات فى رفح وارسلت الثياب الى وفدنا العارى لانتقال المباحثات إلى العريش، واستشهد نعوم بك بأهل قبيلة الرميلات أن يقولوا الحق حول العلامات التى أخفاها الأتراك ، فأرشدوا عن عمودين من الجرانيت الأحمر نقش عليهما خديوى مصر تاريخ زيارته، فامتعض المندوب التركى من صراحتهم، وقال المندوب الانجليزى إننا دخلنا مصر وسيناء تحت إدارتها ونرى أن تبقى كذلك مادمنا فيها ، وبعد ماراثون من الأزمات وجهت انجلترا انذارا بالالتجاء للقوة، ثم توصلت اللجان لاتفاق بإخلاء طابا، وعودة عساكر مصر إلى رفح وزرع الأعمدة الفاصلة فى مكانها، ورسم مهندسان انجليزيان بارعان خريطة فنية للحدود أرادها الصدر الأعظم «خطا منحرفا» وأرادته مصر «خطا يشبه المستقيم»، يبدأ من المرشش فى أنف الجبل الذى يطل على وادى طابا شرقا، ويمتد على رؤوس التلال حتى رفح شمالا، وقد حاولت تركيا ضم أراضى اللحيوات والترابين والعزازمة «لقائم مقام» بئر سبع فشهد مشايخ الحدود أن أهلهم لم يدفعوا ضرائب لتركيا إلا ماضربت عليهم ظلما واعتداء، فقضت اللجان بترك القديم على قديمه،.. ووقع الاتفاق أول أكتوبر 1906 الذى كان أساس اتفاق 19مارس 1989 الذى نحتفل به هذه الأيام . لمزيد من مقالات أنور عبد اللطيف