الجميع اليوم في مصر بلا استثناء يحبس الأنفاس, النوم سيطارد عيوننا حتي الغد, الخوف من خرافات الذهاب الي المجهول القاسي يطاردنا, تحطيم كيان الدولة, ونهاية دولة المؤسسات يوجعنا ويضغط علينا. كل العيون في سماء القارات السبع, ستكون شاخصة باتجاه ميدان التحرير في الغد, سمعة وتاريخ وحضارة المصريين علي المحك انتظروا قليلا فالغد ليس بالبعيد, التاريخ سيصدر حكمه غدا علي ثورتنا, هل نحصل علي صك المرور والنجاح في مصاف ثورات العالم الكبري؟ أم تكتب شهادة الوفاة للدولة المصرية, ويسجل المصريون أعلي الأرقام القياسية في موسوعات الفوضي والفلتان والانتحار الجماعي لشعب, وتعود عدادات القتلي لتحصد وتسجل أعلي الارتفاعات في منسوب ضحايا الاشتباكات والمواجهات العبثية ويضاف آلاف جدد علي قوائم وخانات العجز والشلل والحالات الحرجة, فيصطفون من جديد في آخر الطابور الطويل لأصحاب عطاءات صندوق تعويضات الجنزوري الشحيح. أعرف أن فرق الفتن والتخريب الجوالة وثالوث الفلول والمخربين والبلطجية وأصحاب الأجندات الخارجية الرخيصة, يستعدون لمعركة الغد بإشعال الحرائق المتنقلة, وبث فتن التوتر, وحرق الميدان, وضرب الثورة الي الأبد فهذه فرصتهم الأخيرة غدا. ولذا فلا بديل أمام جموع القوي السياسية والائتلافات الثورية بشتي ألوان الطيف السياسي بعيدا عن الحزبية الضيقة وبطولات عنتريات المجد السياسي علي جثث المصريين ومنصات التتويج الوهمي, إلا التكاتف والوصاية الجماعية علي الميدان لحماية الثورة والحضور غدا ووضع حد فاصل بين الحرية الجديدة والفوضي, فجنبات الميدان تتسع لكل القوي والتكتلات عبر منصة واحدة بخطاب واحد وصوت متناغم متماه لشعب متصالح مع نفسه ووطنه بعيدا عن الخطاب الاستعلائي لهذا الفريق أو ذاك, أو رفع شعارات تكرس الانقسام والتشرذم. أعلم أن حدة الغضب والاتهامات الكيدية الثأرية متبادلة في خطاب كل القوي السياسية حاليا في مصر والمزاج العام لدي الليبراليين واليساريين وائتلافات الثورة غاضب من القوي الإسلامية, وكيل الاتهام طفح باختطاف الثورة, وتزايد وتيرة الاحتقان, لكن هذا وجب علي أنصار الفريق الإسلامي تقديم تطمينات وخطاب اعتدالي وحوافز ترضية وليكن كل ذلك في ميدان التحرير كفرصة للعفو وغسل القلوب عبر مصالحة وطنية شاملة بين الجميع برزنامة خالصة, من أجل مستقبل هذا الوطن وتلاقي الأيدي لحماية الميدان والثورة عبر قطع الطريق علي جيوش الفتن لنقل الصدام والمواجهات خارج الميدان للتعدي علي مؤسسات ووزارات الدولة وتكرار مشهد القتل والسحل والحرق في محمد محمود وقصر العيني والشيخ ريحان. ناهيك عن أن هناك فرصة ملحة غدا للمصالحة الكبري أيضا بين المجلس العسكري وجموع الثوار وأسر الضحايا ربما تكون في وارد الحسبان اذا فعلها المشير وقادة المجلس العسكري وأحدثوا المفاجأة بالذهاب الي الميدان واعتلاء منصة الاحتفال, بعد فتح ممر آمن لهم وسط حقل ألغام الغاضبين والمتربصين لاشعال حرائق الغضب, ليبلغ المشير المصريين رسالة واحدة عنوانها الاعتذار والمصالحة, والخطاب في الحضور انهم ذاهبون وراحلون بعد تسليم القرار والسلطة خلال5 أشهر فقط. أعرف أن المشير ورفاقه لن يفعلها, ولكن ها أنا أقول له إن هذه هي فرصتك لتجاوز مآسي ومحن الأيام التعسة لأسر شهداء ومصابي المواجهات الخاطئة في الأشهر الماضية, فربما يمنح ميدان التحرير العفو والصفح لكم, ولا تنس أن هذه هي آخر مرة تزور وتذهب فيها للتحرير وأنت في المنصب. ولتكن احتفالية الغد هي الأخيرة ويحصل بعدها ميدان التحرير علي اجازة طويلة من التظاهرات والاعتصامات لمدة عام حتي نعطي الفرصة للبرلمان الجديد ورئيس الجمهورية القادم لإعداد وتطبيق خريطة انقاذ سريعة لإقلاع هذا الوطن, بشرط أن يتفق الجميع علي وقف وتجميد اشكال الاعتصامات والمظاهرات الفئوية في جميع مناطق مصر, مقابل أن يتخلي المرضي من المأجورين وأصحاب عقليات التخريب عن مآربهم البغيضة في حرق وتحطيم هيكل هذا الوطن وخراب البصرة فيه.. فكفي تظاهرات فقد تظاهرنا حتي الغثيان. المزيد من أعمدة أشرف العشري