ازدادت الأمور تعقيدا فى الأزمة الأوكرانية، بعد أن اتخذ برلمان شبه جزيرة القرم الواقعة فى جنوبأوكرانيا قرارا استباقيا لاستقلال شبه الجزيرة قبل استفتاء الأحد المقبل، فى الوقت الذى أكد فيه الرئيس الأوكرانى المعزول فيكتور يانوكوفيتش مجددا أنه الرئيس الشرعى للبلاد، وأنه سيعود إلى كييف قريبا، بينما فشل مجلس الأمن الدولى فى التوصل إلى أى توافق حول القضية الأوكرانية، للمرة الخامسة على التوالي. فقد أعلن نواب برلمان القرم الموالى لروسيا أمس استقلال شبه الجزيرة عن كييف، مستبقين بهذه الخطوة الاستفتاء الذى يجرى الأحد المقبل لإلحاقها رسميا بالاتحاد الروسي. واستند النواب فى قرارهم إلى سابقة كوسوفا التى كانت تابعة ليوجوسلافيا السابقة لتبرير خطوتهم من وجهة النظر الدولية. وجاء فى بيان لهذا البرلمان الذى تعتبره سلطات كييف غير شرعى أن 78 من 81 نائبا كانوا حاضرين للجلسة، وأقروا إعلان استقلال جمهورية القرم ذات الحكم الذاتى ومدينة سيباستوبول. وأشار النص إلى ميثاق الأممالمتحدة وسلسلة وثائق دولية أخرى تعترف بحق الشعوب فى تقرير مصيرها، وكذلك الرأى الاستشارى الذى أصدرته محكمة العدل الدولية فى 22 يوليو 2010، ومفاده أن إعلان الاستقلال الأحادى الجانب من جانب جزء من دولة لا ينتهك أى عرف فى القانون الدولي. وفى موسكو، أعلن فياتشيسلاف نيكونوف النائب بمجلس الدوما مجلس النواب الروسى أن الدوما سيبدأ مناقشة مشروع قانون انضمام الأراضى التى يرغب سكانها فى الانضمام إلى روسيا 21 مارس الحالى. وفى غضون ذلك، أعلنت قيادة شبه جزيرة القرم أنها تعتزم مصادرة السفن الحربية المتواجدة فى مينائها وعدم إعادتها للحكومة الأوكرانية. وفى مدينة روستوف أون دون جنوبروسيا، أعلن الرئيس الأوكرانى المعزول فيكتور يانوكوفيتش أمس أن منطقة القرم تنفصل الآن عن أوكرانيا بسبب سياسة الفاشيين الجدد فى كييف، بحسب تعبيره، ووجه اللوم إلى خصومه الذين أطاحوا به من السلطة وحملهم مسئولية ما يحدث، واعتبر أن الانتخابات الرئاسية المقررة فى 25 مايو المقبل ستكون غير شرعية. واتهم يانوكوفيتش من سماهم بالقوميين والفاشيين فى أوكرانيا بالتخطيط لحرب أهلية فى البلاد، عبر تسليح وضم عصابات منظمات قومية إلى الجيش. وفى بيان للصحفيين، قال يانوكوفيتش أيضا إن المساعدات الأمريكيةلأوكرانيا ستكون غير مشروعة لأن القانون الأمريكى لا يسمح للحكومة الأمريكية بتأييد «عصابات». وأكد يانوكوفيتش مجددا أنه الرئيس الشرعى لأوكرانيا والقائد الأعلى للقوات المسلحة، وقال إنه سيعود قريبا إلى كييف ما إن تسمح الظروف بذلك، وأكد أن أوكرانيا ستستعيد وحدتها. وعلى الجبهة الأخرى، فى كييف، قال الرئيس الأوكرانى المؤقت أولكسندر تيرتشينوف للبرلمان أمس إن أوكرانيا ستنشيء قوة حرس وطنى جديدة بين قدامى العسكريين ردا على محاولات روسيا ضم القرم. وقال تيرتشينوف إن سوء إدارة القوات المسلحة فى ظل سلفه المعزول يانوكوفيتش يعنى الاضطرار لإعادة بناء الجيش الأوكرانى من الصفر بشكل فعلي. وقال القائم بأعمال وزير الدفاع إن البلاد ليس لديها سوى ستة آلاف جندى مشاة جاهزين للقتال مقابل ما يزيد على 200 ألف جندى روسى على حدودها الشرقية. وأضاف تيرتشينوف أن مجلس الأمن القومى والدفاع قرر إنشاء حرس وطنى باستخدام قوات وزارة الداخلية الموجودة كقاعدة. وأردف قائلا إنه سيتم البدء فى تعبئة جزئية للمتطوعين الذين تتم الاستعانة بهم من أصحاب الخبرة العسكرية السابقة. ودبلوماسيا، فشل مجلس الأمن الدولى أمس للمرة الخامسة فى التوصل إلى أى توافق حول الأزمة الأوكرانية، حيث تبادلت روسيا الاتهامات مع الدول الغربية فى هذا الشأن، واكتفى المجلس فى النهاية بإصدار بيان جديد يعرب فيه عن قلقه للتطورات الحالية فى القرم. كما انقسمت الدول الغربية نفسها بشأن طريقة التعامل مع روسيا، حيث قال وزير الخارجية الألمانى فرانك فالتر شتاينماير خلال زيارة لأستونيا إن الاتحاد الأوروبى يفضل أن يتفادى الدخول فى مواجهة مع روسيا بسبب تدخلها فى أراضى القرم، لكن عليه أن يعد ردا إذا لم تتراجع موسكو عن موقفها الراهن. وفى باريس، قال وزير الخارجية الفرنسى لوران فابيوس أمس إن العقوبات على روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية قد تفرض قريبا إذا فشلت موسكو فى الرد بشكل إيجابى على اقتراح لتهدئة الأزمة. وفى بروكسل، أعلن مصدر دبلوماسى أن حلف شمال الأطلنطى «الناتو» سيبدأ اليوم الأربعاء طلعاته الجوية فوق بولندا ورومانيا بطائرات الأواكس لرصد منطقة شبه جزيرة القرم ، ولكنه لا يعتزم أن يقدم إلى أوكرانيا معلومات الرصد الرادارى التى ستجمعها هذه الطائرات. واقتصاديا، أعلن البنك الدولى أمس أنه يعتزم تقديم مساعدة لأوكرانيا بقيمة ثلاثة مليارات دولار.