تعيش أمريكا والغرب الموالى لها، حالة من حالات انفصام الشخصية المزمن، حيث تتنازعهم شخصيتان كل منهما على النقيض من الأخري، كأحداث فيلم دكتور جيكل ومستر هايد، فأمريكا والغرب أدانوا عزل مرسى ومازالوا باعتباره الرئيس المنتخب للبلاد، وزعموا أن من جاء به الصندوق لا يذهب إلا بالصندوق، وليس جماهير الشارع مهما كثرت، لكن حين نشأ فى أوكرانيا وضع هو صورة كربونية طبق الأصل من الوضع فى مصر أو يكاد، أيدت أمريكا والغرب ثورة الشارع وعزل الرئيس المنتخب، ونسوا حديث الشرعية والصندوق!. وحين تأهبت روسيا للدفاع عن مصالحها فى القرم، نددت أمريكا والغرب بانتهاك «القانون الدولي»!، رغم أن نفس أمريكا والغرب أقدموا على غزو العراق ضاربين بالقانون الدولى هذا عرض الحائط، حيث لم يمنعهم من الغزو رفض مجلس الأمن التصريح لهم به، بل إنهم أى أمريكا والغرب لم يعترضوا لطرفة عين على قيام إسرائيل الى اليوم بفرض حصار بحرى فى المياه الدولية، وآخر جوى فى الأجواء الدولية، على قطاع غزة منذ سنوات فى اعتداء على القانون الدولى وحقوق الإنسان لا مثيل له! ولعلنا نذكر كيف تعاملت أمريكا منذ سنوات مع قضية استقلال تيمور الشرقية عن إندونيسيا، وكيف غضت البصر ومازالت عن قمع الشيشان واجهاض استقلالهم عن روسيا، ثم كيف تدافع اليوم عن استقلال أوكرانيا! ولا يخفى كذلك على أحد كيف تقيم أمريكا الدنيا وتحرر التقارير السنوية التى تدين انتهاكات حقوق الانسان فى البلاد غير الموالية لها، بينما تحتجز فى معسكر جوانتانامو الرهيب قرابة مائة سجين منذ عام 2001 دون توجيه أى اتهامات لهم ولا محاكمتهم، فلا ترى بأسا فى ذلك! بل إن رئيس أمريكا جلس مع أعضاء إدارته فى مكتبه فى البيت الأبيض يراقب ويشرف على عملية «اغتيال» أسامة بن لادن، وليس القبض عليه، فلم يجد وازعا من أخلاق ولا مبدأ حتى ليستخفى بهذا الجرم، والذى لو أقدم عليه رئيس دولة أخرى لأرسلوه للمحاكمة الدولية. د. يحيى نور الدين طراف