أكتب إليكم عن القضية التى أثارها بريد الأهرام حول أوضاع المستشفيات ومنظومة الصحة والعلاج فى مصر، فلقد شغلت منصبى مدير عام مستشفيات جامعة القاهرة «قصر العينى» وعميد كلية الطب جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا وعاصرت على مدى نصف قرن تقريبا سلبيات وايجابيات فى ممارستى الطبية من تدريس وعلاج وإدارة واختصر ملاحظاتى فيما يلي: أولا: فساد المنظومة الطبية فى مصر جزء من الفساد العام الذى استشرى فى السنوات الأخيرة من فوضى وعدم اهتمام ولا مبالاة. ثانيا: أخطر ما أصاب هذه المنظومة هو التعليم الطبى الذى تدهور بصورة مرعبة لتصل الى الطالب الذى حصل على البكالوريوس «من منازلهم» ولم ير فى حياته مريضا واحدا. ثالثا: أمام تدنى الرواتب فى الجامعات المصرية وجد أساتذة الطب المنوط بهم العملية التعليمية ضالتهم فى المستشفيات الخاصة التى ربما تكون قد قدمت خدمة طبية متميزة ولكنها نسفت العملية التعليمية فى الجامعات بجذب وسرقة أفضل الأساتذة والذين اعتبرهم الناس نجوم الطب وكانوا قدوة لطلبة المهنة السامية. رابعا: يقوم الطب فى مصر منذ زمن بعيد على العلاج الخاص ولم تدخل الحكومة منافسا للعلاج الخاص إلا منذ زمن قريب ولم تنجح بموروث مصرى يعشق الانتظار فى العيادات الخاصة والتفاخر بالعلاج عند فلان. خامسا: دخلت الحكومة منافسا للقطاع الخاص بالمفهوم المالى فقط وظلت البيروقراطية كما هى الى ان وصل الأمر الى حد أن يشترى المريض السرنجة التى سيستخدمها. سادسا: فقدت الدولة نهائيا الرقابة الطبية والمالية على الطب الخاص من عيادات ومستشفيات ومراكز طبية وإعلانات تليفزيونية أشبه بالأفلام الجنسية فاستشرى الفساد الى أن وصلنا الى الحضيض. سابعا: اعتمد كثيرون من المسئولين على كلمة الضمير التى يجب أن يتحلى بها كل من يعمل فى مجالى التشخيص والعلاج، ولا أحد ينكر أن أغلبية الأطباء المصريين الذين يخشون ربهم لم يجعلوا رقيبا عليهم سوى الله سبحانه وتعالى ولكن كيف نترك مهنة تتعامل مع حياة إنسان وصحته للضمير الذى قد يفتقده البعض؟!. ثامنا: لابد من النظر بعين العقل والحكمة فى البديل للمستشفيات الحكومية المجانية.. ويثور السؤال: أين يذهب الإنسان ذو الدخل المحدود والذى تمنعه عزة نفسه وكرامته من الوقوف فى العيادات الخارجية ليقوم بالكشف عليه بعد ساعات طبيب ممارس بلا خبرة أو ينتظر دوره الذى لا يراه لاستئصال مرارة. تاسعا: أين وسائل الإعلام من المنظومة الطبية، فمعظم البرامج مدفوعة الأجر، وتستضيف أطباء بلا مؤهلات ولا علم ولا خبرة، ويخاطبون الناس بجهل لا مثيل له وعندما يسمعهم أساتذة الطب يضحكون بدلا من أن يكون لهم موقف واضح لمنعهم وحماية الناس من جهلهم ونصبهم. عاشرا: فازت المستشفيات الخاصة وسحبت أموال المرضى بالتمريض والفندقة اللذين افتقدتهما مستشفيات الحكومة. لذلك: يجب أن تشترك وزارات الصحة والتعليم العالى والداخلية والإعلام ونقابة الأطباء فيما يلي: الرقابة الصارمة على كل من يتعامل مع صحة الإنسان. تنفيذ نظام التفرغ فى كلية الطب حتى وإن كان اختياريا. تنفيذ جميع قرارات وزارة الصحة بالقوة الجبرية لغلق أى منشأة مخالفة فنيا أو ماديا بمعرفة أجهزة الأمن. رقابة الإعلام على التسيب والكذب فى الإعلانات وعدم ظهور أى طبيب اعلاميا إلا بموافقة من نقابة الأطباء أو بتقديم سيرة ذاتية مؤهلة للحديث فى مجاله فقط. وضع أسعار ثابتة لأجور الأطباء والإقامة والعمليات عن طريق نقابة الأطباء ويتم الاتفاق عليها ويعاقب من يحيد عنها. إن تكاتف الأطراف جميعها هو الأمل الوحيد لإنقاذ الطب فى مصر. د. حسام أحمد موافي أستاذ طب الحالات الحرجة بقصر العينى