شهدت ساحة المحاكمات الجنائية فى الآونة الأخيرة عقد جلسات سرية لنظر القضايا المهمة، وحجب تفاصيلها عن الرأى العام الذى يتابعها عن كثب ويلاحق تطوراتها إنفاذا لتطبيق القانون على الجميع ورؤية العدالة، وهى تقتص من رموز الفساد وقادة الإرهاب مما دعا الجمهور للتساؤل لمصلحة من حجب المعلومات وسرية الجلسات.. وأين حق المجتمع فى المعرفة. يجيب عن هذا التساؤل المستشار محمد عيد سالم نائب رئيس محكمة النقض قائلا إن الأصل فى المحاكمات الجنائية أن تكون علنية، وقد نصت الدساتير المصرية على علانية جلسات المحاكمة إلا إذا قررت المحكمة جعلها سرية مراعاة للنظام والآداب العامة، ولكن ثار جدل فى الآونة الأخيرة حول سلامة قرار المحكمة بجعل الجلسة سرية مما يجب معه إيضاح ماهية علنية جلسات المحاكمة وحدود خروج المحكمة على هذا المبدأ، ويوضح قائلا: إن المقصود بالعلانية هو تمكين الجمهور وبغير تمييز من الدخول إلى القاعة التى تجرى فيها المحاكمة والاستماع إلى ما يدور فيها من إجراءات، وسؤال المتهم عن الاتهام المنسوب إليه، وسماع قرار الاتهام، وكذلك شهود الواقعة، والخبراء ومرافعة النيابة العامة والدفاع، وتتحقق العلانية بمجرد تمكين الجمهور من الحضور حتى لو لم يحضر أحد من الجمهور، وتجعل العلانية الرأى العام رقيبا على إجراءات المحاكمة، فيدعم ثقته فى عدالتها، كما يمثل رقابة على ممثل النيابة العامة والدفاع عن المتهم والشهود ويحملهم على الاتزان فى القول والاعتدال فى الطلبات والدفوع فضلا عن أن اطلاع الناس على إجراءات المحاكمة وعلمهم بالحكم الذى يصدر ضد المتهم يدعم الاثر الرادع للقانون، ويشير المستشار محمد عيد سالم إلى أنه لا يتنافى مع العلانية حق رئيس المحكمة فى إخراج كل من يخل بنظام الجلسة ويؤكد نائب رئيس محكمة النقض للمحكمة أن تأمر بجعل المحاكمة سرية مراعاة للنظام العام أى القيم التى يجب الحفاظ عليها، ومنها أمن الوطن، وهو حق تقدره المحكمة دون رقابة عليها من محكمة النقض، فيكفى أن تقدر المحكمة أن فى أقوال شهود الجلسة ما قد يتضمن أمورا ماسة بالأمن القومي، وقد تضر بمصالح البلاد فتقرر سرية الجلسة، ولكن ما يثور بشأنه الجدل هو تصوير المحاكمات وإجراء التسجيلات فى الجلسة بواسطة وسائل الإعلام والراجح انه لا يجوز ذلك إلا بإذن من رئيس المحكمة، وتحت رقابته دون رقابة من جهة أو محكمة أخرى مع الاشارة إلى أن المشرع فرض سرية على بعض المحاكمات مثل قضايا الاطفال، كما حظر النشر فى تحقيقات بعض الدعاوى مثل التفريق والطلاق والزنا.