من قال إن حكومة الدكتور حازم الببلاوى قصيرة النظر فهو حاقد ولا يقدر الظروف الصعبة التى تحاصره، ولو قرأ حوار دولته الأسبوع الماضى مع رؤساء تحرير الصحف، لاكتشف أن الرجل ثاقب الرؤية، فقد انبرى للدفاع عن نظيره السابق هشام قنديل، واتهم المنظومة التشريعية بأنها تطلب «لبن العصفور»، لأنها أصدرت حكما بحبس رئيس مجلس الوزراء السابق لعدم تنفيذه حكم إعادة شركات القطاع العام التى تم بيعها قبل الثورة، ولو أن الببلاوى قصير النظر، ولا ينتمى لمدرسة قنديل فى «الطرمخة» على الأحكام، ما اقتفى أثره فى تمييع القضايا بالحكايات المليئة، بالعظات والحكم، فكلنا نتذكر رؤية قنديل فى تطوير الصحة بنصح السيدات بغسل صدورهن قبل الإرضاع، وكذلك فعل الدكتور حازم قبل أن يسأله أحد عن مسئولية الحكومة فى الحفاظ على المال العام واستعادة المنهوب منه أو القبض على اللصوص وإلزامهم بالتعويض تنفيذاً للأحكام القضائية، ولأنه بعيد النظر ويتوقع آلاف الأحكام المشابهة فى مخالفات الطرق والمبانى والتعدى على أملاك الدولة والأراضى الزراعية، ومحاسبة المفسدين، فقد قال: إن المطالبة المستحيلة بعودة شركات القطاع العام التى تمت خصخصتها تشبه المطالبة بإعادة فرخة إلى الحياة بعد أن تم ذبحها وطبخها وبلعها وهضمها. وبحكاية الفرخة يعترف الدكتور الببلاوى ضمنيا بأن حكومته لم تأت لتطهير البلد من الإخوان أو الذين باعوا الدولة برخص التراب ، وما حدث فى 30 يونيو ليس ثورة تكمل ما بدأ فى 25 يناير بدليل اعتماده مبدأ اللى سرق سرق لمن حصل على ترخيص دورين وبنى 17 دورا، ولا أمل لأصحاب الحقوق المنهوبة ولو كانت الدولة نفسها فى عودة حقوقهم، و «انسى يا عمرو» تطبيق القانون فى الشارع والمرافق العامة والنهب المنظم بالخصخصة لأن اللى فات مات. ورغم نفى رئيس مجلس الوزراء أن حكومته مرتعشة وضعيفة، وليست لديها رؤية، إلا أنه اعترف بأن أولوياتها تتغير، وتشبه الأب الذى كان لديه آمال عظيمة فى مستقبل ابنه، لكن الولد بكل أسف يصاب فى حادثة وينقل للمستشفى ويحتاج علاج فورى ونقل دم وأصبحت الأولوية الحفاظ على حياته كأنه سيموت غدا قبل الحديث عن مستقبله، وهذا يفسر لماذا تتأخر الحكومة فى مواجهة الأزمات، وتتلكأ حتى صارت المخالفات هى الحل، وهذا معناه أن طوق النجاة العاجل هو انتخاب حاكم قوى يملك الرؤية والحسم، يرعى المريض الصغير ويضمن له حياه كريمة ومكانا لائقا بالجامعة، ويواجه المفسدين والخارجين على القانون بمنطق «اشكمنى تحكمنى»! لمزيد من مقالات أنور عبد اللطيف