هل يستطيع أحد أن ينكر أن ميدان التحرير أصبح رمزا للثورة المصرية التى اندلعت شرارتها الأولى يوم 25 يناير 2011 أى قبل نحو 72 ساعة من ذكراها التى توافق يوم الأربعاء المقبل. وإذا كانت الإجابة بدون شك بنعم، إذاً لماذا لا يتحول هذا الميدان إلى برلمان للثورة المصرية وللثوار الذين فجروا هذه الثورة التى غيرت البلاد والعباد. الجميع يعلم أن الثورة كانت لها العديد من المطالب التى جاء فى مقدمتها عيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة، وقبل كل ذلك إسقاط النظام الفاسد الذى عشش فى مؤسسات الدولة على مدى أكثر من 60 عاماً تحت نظام حكم ديكتاتورى ظالم لا يسمح بالرأي والرأي الآخر. الآن ونحن على بعد أيام قلائل من الذكرى الأولى للثورة يعود الثوار إلى الميدان بنفس المطالب التى نادت بها ثورتهم الأولى من العيش والحرية والعدالة الاجتماعية وزاد عليها المطالبة بعودة الجيش إلى ثكناته وتسليم السلطة إلى المدنيين، ذلك الجيش الذى حمى الثورة واحتضنها بعد ولادتها، جاء اليوم نفسه بضرورة تخليه عن السلطة التى أوكلت إليه من جانب الرئيس المخلوع يوم 11 فبراير الماضى، وأرى أنه لا مفر أمامه من تسليم السلطة، فقد أدى دوره خلال العام المنصرم بما له من إيجابيات تمثلت فى إجراء أول انتخابات برلمانية ديمقراطية نزيهه رعاها رعاية كاملة، وما عليه من سلبيات بالتورط فى عمليات قتل لمزيد من الشهداء فى أحداث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء فضلا عن جرائم بشعة أرتكبها بعض الأفراد المنسوبين إلى هذا الجيش العظيم صاحب البطولات والتاريخ المشرف فى حروب الاستنزاف وأكتوبر، من سحل للسيدات وفقء للعيون وقتل بالرصاص الحى فى عز النهار. المجلس العسكرى مطالب بتلبية مطالب الثوار لأنهم أدرى بثورتهم وليتفرغ لحماية حدود الوطن، وصد الهجمات التتارية على المنشآت الحيوية التى تستهدف حاضر البلد ومستقبله، فعلى سبيل المثال من المسئول عن تدمير واستباحة محطة الضبعة النووية، هل هم البدو فقط أن قوات الجيش، أليست الضبعة منطقة عسكرية، كيف تم الاعتداء عليها من جانب هؤلاء الغوغاء، مؤكد أن لهم مطالب وحقوقا، لكن بالتأكيد لن يأخذوها بهذه الطريقة الهمجية، وإلا أصبح من حق النوبيين العودة إلى الاستقرار حول بحيرة ناصر والسد العالى بنفس المنطق والمطالبة بعودتهم إلى أرضهم التى تم تهجيرهم منها منذ عشرات السنين ابتغاء للمشروع القومى المتمثل فى بناء السد العالى. إننى أنضم إلى مطالب الثوار بتعجيل تسليم السلطة إلى رئيس مجلس الشعب مؤقتاً لحين وضع الدستور الجديد وانتخاب الرئيس القادم فى أقرب وقت ممكن، وهو أمل نرجو أن يتحقق قريبا ليصبح لمصر رئيساً مدنياً يرتدى زيا مدنيا لا عسكريا يستقبل الضيوف ويتبادل الزيارات مع الرؤساء والملوك ويرأس وفد مصر فى المؤتمرات والمحافل الدولية ويكون أولا وقبل كل شئ أمينا على أرواح هذا الشعب وأبناؤه. أعلم أن من بيدهم السلطة الآن وطنيون لا نشكك فى وطنيتهم ويخشون على البلاد من الفوضى إن هم تعجلوا بتسليمها، وهو قلق فى غير محله لأن هذا الشعب ناضج بما فيه الكفاية ويمتلك من المعجزات الكثيرة. دعونا نعود للميدان حيث الدماء الذكية الطاهرة التى مازالت خضراء لم تجف بعد ولن تجف مادامت الثورة لم تكتمل رافعين شعارنا الطاهر سلمية سلمية ففيه سر الحياة لنا ولمصرنا العظيمة. إن الحفاظ على سلمية الثورة هو الانتصار الكبير، وتخليداً لذكراها لو تعلمون عظيم. المزيد من مقالات محمود النوبى