نسبة المشاركة النسائية فى الاستفتاء على الدستور وصلت إلى 55% وهو أمر لفت الأنظار بصورة غير متوقعة، فهل كان هذا الخروج بمثابة ثورة على معاناة المرأة من التهميش والظلم فى ظل حكم الإخوان وما تعرضت له من إقصاء؟ أم كان تلبية لمناشدة المشير عبد الفتاح السيسى والرئيس المؤقت عدلى منصور بضرورة خروجها للمشاركة فى الاستفتاء؟ وهل شعورها بالتقدير وخصها بتلك المناشدة حرك شهامتها وإيجابيتها التى ظهرت فى المشاركة فى الاستفتاء وينتظر أن تؤكدها مجددا فى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة؟ بطرح هذه التساؤلات على المتخصصين جاءت إجاباتهم: يقول د.مصطفى الفقى أمين عام المجلس الاستشارى للسياسة الخارجية والمؤرخ السياسى: المرأة كانت عنصرا مهما فى الثورات التى اجتاحت عددا من الدول العربية، و لاشك أنها ستكون حاضرة بقوة و متصدرة للمشهد بحثا عن حقوقها ولتحسين أوضاعها وضمان حريتها، وهو ما يعكس إصرارها على البقاء كشريكة فى صنع مستقبل البلاد، فهل يعقل أن تتخلى المرأة عن الانتخابات القادمة بعد أن ضربت مثلا رائعا للرجل، وللعالم كله، فى القدوة والوطنية؟ ويضيف: أتوقع أن تحقق المرأة النجاح والهدف المنشود، بل ستكون أيضا مفتاح النجاح وتحقيق المسار فى الانتخابات القادمة، وذلك بمشاركتها بنسبة كبيرة كما حدث فى الاستفتاء على الدستور، ونزولها فى الانتخابات سيكون مؤشرا على إصرارها على البقاء كشريكة فى صنع مستقبل البلاد، والمرأة المصرية بعد اليوم لن تكون مجرد ملء للفراغ بعدما أثبتت بالفعل أنها إذا ما أعطيت الفرصة يمكنها تحقيق النجاح. وتقول الكاتبة سكينة فؤاد مستشار رئيس الجمهورية لشئون المرأة: لقد دعوت المرأة المصرية للنزول والمشاركة بقوة فى عملية الاستفتاء على الدستور باعتبارها عمودا قويا فى كل نجاح وكل نصر حققته مصر، ولهذا كان هناك إصرار على دعوة جميع نساء مصر الجدات والأمهات والأجيال الجديدة من الفتيات لأن يجددن دورهن العظيم فى الثورة من أجل أن نحقق لبلدنا وأولادنا كل ما يتمنونه من أمان واستقرار وعيش وحرية وعدالة وكرامة إنسانية، والدستور أعطى المرأة نسبة 25% من المجالس المحلية ومنحها حقوقا عادلة، وأقر بعدم التمييز بينها وبين أى شخص فى المجتمع، وشغلها مناصب قيادية وإدارية رفيعة فى الدول، بل منحها أكثر مما تريد، فيستوجب على جميع سيدات مصر أن يلتزمن الصبر وعدم المطالبة بالمزيد، خصوصا فى الوقت الراهن، حتى تستقر هذه المرحلة ونعبر بمصر إلى الأمام. كما أكدت أن الدستور الجديد يعتبر من أفضل الدساتير التى وضعت بمصر، فدعم المرأة فى الدستور تجاوز كل الأفكار المغلوطة المنتشرة فى المجتمع المصرى . و تشير السفيرة مرفت تلاوى رئيس المجلس القومى للمرأة إلى أنها عندما طالبت بنزول المرأة للاستفتاء على الدستور كان ذلك إيمانا منها بأن المرأة قادرة على التعبير عن إرادتها الحرة وأن تبهر العالم من جديد فى أول استحقاق سياسى بعد ثورة 30 يونيو المجيدة. وأكدت أن المرأة ارتفع صوتها بصورة فاقت الرجال فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو، وهى التى تسببت فى إعلاء نسبة الاستفتاء وكانت أحد أسباب نجاحه. و أضافت من بين أسباب هذا الخروج للمرأة، والذى أذهل العالم، تلبيتها لنداء المشير عبد الفتاح السيسى الذى وجه الدعوة بضرورة قيادة النساء عائلاتهن للتصويت على الدستور للعبور بمصر إلى بر الأمان باعتبار أن لها دورا بارزا فى تحفيز العائلات للنزول للتصويت فى الاستفتاء. و تؤكد دينا فؤاد مدير عام البرامج التطوعية والكشفية بوزارة الشباب أن من أسباب إقبال المرأة على المشاركة فى الاستفتاء على الدستور أنه لأول مرة يكون هناك دستور يحافظ على كل حقوق المرأة السياسية والاجتماعية وحمايتها من العنف، فهذا الدستور فرض نفسه على كل نساء مصر للخروج لإنجاحه لأنهن الفئة الأكثر استفادة منه، فهو يضمن حقوق المرأة المصرية باختلاف فئاتها وانتماءاتها، ومن أبرز هذه المواد النص على أن الدولة تلتزم بتحقيق المساواة بين المرأة و الرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور، ولذلك يعتبر نقله نوعية لما نص عليه من مواد تعبر عن حقوق المرأة. وتقول هدى حافظ مدير نشاط المرأة العاملة بجمعية «أولى العزم لتنمية المجتمع» بعابدين إن المرأة شعرت أن الدستور الجديد سيعمل على إنصافها، فالمادة 12 من الباب الثانى تنص على أن تلتزم الدولة بحماية المرأة من كل أشكال العنف وتكفل تمكينها من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل، كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجا دون تمييز ضدها، لأول مرة فى دستور مصرى. أيضا من أهم المكتسبات المادة «80» التى تنص على حماية الطفل واعتبار مصلحته هى العليا، وتحديد سن الطفل ب15 عاما وهذا يمنع زواج القاصرات.