اعرف برجك من أول حرف من اسمك، اعرف حظك، تعرف على مشكلاتك، حقق أحلامك، نستطيع التنبؤ بجميع مشكلاتك الاجتماعية والشخصية، عبارات كثيرة نسمعها ونشاهدها على القنوات الفضائية. وفى ظل الأجواء الضاغطة التى تدفع الكثيرين إلى الشعور بالقلق والتوتر يلجأ بعض ضعاف النفوس والثقافة الدينية إلى المنجمين، وقراء الطالع اعتقادا بقدرتهم على بث الطمأنينة والتنبؤ بما سيحدث فى المستقبل. وبين الخرافات والحقائق يقف الناس فى حيرة من أمرهم انتظارا لما سيحدث فى العالم وموعد تحقق بعض النبوءات التى يطلقها المنجمون عبر الفضائيات، والتى تحولت الى وسائل للتغرير بالمشاهدين لتحقيق مكاسب مالية. علماء الدين يؤكدون حرمة التنجيم وتصديق الأبراج والطالع، مبيين أن الحرمة قاطعة ومحسومة، لأنها حديث عن الغيب الذى لا يعلمه إلا الله، ولم يكشفه لأحد من البشر، محذرين المشاهدين من الوقوع ضحايا للمنجمين والكهان والعرافين. وأوضح العلماء أن الغيب لا يعلمه إلا الله تعالي، ومن هنا جاءت أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مشددة على عدم إتيان الكهنة والعرافين الذين يعبثون بعقول الناس ويعيثون فى الأرض فسادًا بادعاء القدرة على معرفة الغيب، يقول الدكتور سعيد عامر، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، إن الله خص نفسه بعلم الغيب إلا ما اطلع رسله عليه فقال سبحانه وتعالى (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ) وبين أن الغيب المطبق لا يعلمه إلا هو إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما فى الأرحام وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بأى ارض تموت ان الله عليم خبير )، ومن ثم لا يعلم نبى ولا رسول ما يكون فى غد كما قال الله تعالى على لسان الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام :( ولو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء ) فرسل الله لا يعلمون الغيب ومن يدعى علم الغيب فقد افترى على الله كذبا ولا يصدقه احد فيما يدعيه، وروى البخارى فى صحيحه: ( خلق الله هذه النجوم لثلاث : زينة للسماء ، ورجوما للشياطين، وعلامات يهتدى بها فمن تأول فيها غير ذلك اخطأ وأضاع نصيبه وكلف ما لا علم له به)، وقال تعالي: (هو الذى جعل لكم النجوم لتهتدوا بها فى ظلمات البر والبحر) أى لتعرفوا وجهة قصدكم وليس المراد أن يهتدوا بها فى علم الغيب كما يعتقد المنجمون، فإن قيل المنجم قد يصدق فصدقه كصدق الكاهن أن يصدق فى كلمة ويكذب فى مائة، وصدقه ليس عن علم بل قد يوافق قدرا فيكون فتنة فى حق من صدقه وفى صحيح الحديث قال رسولنا الكريم : ثلاث لا يدخلون الجنة: مدمن الخمر وقاطع الرحم ومصدق بالسحر ) وقد نهى الله عز وجل عن اتخاذ ذلك سبيل للارتزاق فى قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ( أربعة من أمتى من أمر الجاهلين لا يتركوهن : الفخر بالأحساب والطعن فى الأنساب والاستسقاء بالنجوم والنياحة) . وهؤلاء الذين يعتقدون ويتنبأون بالغيب يجب نهيهم نهيا قاطعا عن ذلك حتى لا يعتقد الناس أنهم يجلبون لهم نفعا أو يدفعون عنهم ضرا وحتى لا يكونوا فتنة ويجب عدم الاستماع إليهم مطلقا. التوكل على الله من جانبه يقول الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم، عميد كلية أصول الدين بأسيوط، إن ما شاع بين المصريين من الذهاب إلى العرافين والمنجمين الذين يدعون كذبا وزورا أنهم يعرفون المستقبل عن طريق الأبراج والنجوم وغير ذلك من الأعمال التى لا يقرها الإسلام بل إن من يذهب إلى هؤلاء ويصدقهم فيما يقولون ينطبق عليه الحديث الشريف عن الرسول صلى الله عليه وسلم: (من أتى كاهنا او عرافا فصدقه بما يقول فى قولهتعالى «كفر بما انزل على محمد) وفى رواية أخرى ما مفاده لم يتقبل صلاته أربعين يوما، وهذا يدل على حرمة هذا العمل لان الغيب لا يعلمه إلا الله عز وجل وحده، ويجب على المسلم ألا يبحث عن غيب المستقبل، قال تعالي: ( وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وماتدرى نفس بأى ارض تموت إن الله عليم خبير) . وأكدأن هؤلاء يضللون البسطاء بغير علم ويدعون كذبا وزورا أنهم يعرفون المستقبل وخلاصة القول إننا ننصح أهل الفضائيات المصرية أولا بعدم بث هذه الأكاذيب والخرافات والمساعدة فى بلبلة أفكار الناس، وأنصح المصريين جميعا بعدم تصديق هذه الخرافات والأكاذيب وأيضا بعدم الذهاب إلى العرافين والمنجمين، التنجيم من الكبائر وأكد الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن لجوء البعض من البسطاء أو من لديهم بعض المشكلات من القلقين على مستقبلهم إلى من يدعون الغيب أو العلم بالمستقبل هو نوع من الزعم الكاذب وقول لا يستند إلى حقيقة أو واقع، وقد كثرت هذه الادعاءات من بعض من يريدون الكسب السريع بإيهام الناس بأنهم على علم بالطالع ويستطيعون أن يخبروا الشخص بما قد يقع له فى المستقبل، وذلك استنادا إلى قدرتهم على أن يحصلوا على بعض المعلومات من الشخص نفسه عند محاورته للإيهام بأنه يقدم له الغيب فمثل هؤلاء الأشخاص إنما يمارسون فى الحقيقة نوعا من النصب وهذا من قبيل الكذب وهو ما حذر منه الرسول صلى الله عليه وسلم. وأضاف: أن الفهم الصحيح للدين يوجب على المسلم أن يمتنع عن سؤال المنجمين، لكن من ناحية أخرى ينبغى التنويه إلى أن هناك علما يسمى علم الفلك وهو العلم المتعلق ببحث الأهلة ( أوائل الشهور العربية ) مصداقا لقوله تعالي: (يسألونك عن الأهلة قل هى مواقيت للناس والحج ) وهذا العلم هو علم الفلك الذى يختلف تماما عن التنجيم لأن علم الفلك وإنما يقوم على أصول وضوابط علمية وتنظيمية وعلى أسس تستند فى الحقيقة والواقع، وهذا يختلف تماما عن هؤلاء المنجمين الذين يبغون من وراء عملهم الحصول على المال دون مجهود ولو كان هؤلاء المنجمون صادقين لأمكنهم أن يجلبوا المال والربح لأنفسهم بدلا من ممارسة هذه الأعمال التى لا تستقيم مع عصر العلم والتكنولوجيا والتى أصبح فيها كل شيء يعتمد على ضوابط ومعايير محددة وليس على الخرافات والأساطير كما هو الحال فى التنجيم.