جسر التواصل

استوقفتنى رسالة (الحصاد المر) وتألمت كثيرا للظروف التى قد تجعل الإنسان يقسو على والديه، وينسى فضلهما عليه.. أتعرفون لماذا لم يختر الرسول صلى الله عليه وسلم تعبير (طاعة) واختار (بر الوالدين)؟
.. ذلك لأن كلمة البر تشمل كل المعانى المرتبطة بالوالدين من العطف، والعطاء، التضحية والحب، وخصال الخير، والرحمة والإحسان... ولماذا استخدم كلمة (عقوق) ولم يقل (عصيان الوالدين)؟.. لأن العقوق من الشق والتمزيق، ومن يرفع صوته على صوت أبيه تنقطع علاقته بربه.
وعقوق الوالدين ترتبط به مصيبتان.. الأولى قطع العلاقة مع الله، والثانية أن حياته ستصبح مريرة ، فيا من أعضبت أبويك، ويا من تترك أمك وحيدة دون السؤال عنها، ويا من تسافر وتنسى أن لك أهلا تسأل عنهم راجع نفسك قبل فوات الأوان، فمن حق كل إنسان أن يبحث عن أفضل وسيلة يحقق بها أحلامه حتى وإن تكن هذه الوسيلة هى الغربة، والابتعاد عن الاهل، ولكن ليس معنى هذا أن ينساهم، فعندما يحتاجه أبواه يجب أن يجداه، ولو باتصال تليفونى.
قال الله عز وجل فى سورة الاسراء (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه، وبالوالدين إحسانا، إما يبلغن عندك الكبر، أحدهما أو كلاهما، فلا تقل لهما أف، ولا تنهرهما، وقل لهما قولا كريما).
والأمر الذى يغفله الكثيرون أن الله يؤخر من الذنوب ما يشاء إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين، فإنه يعجل لمرتكبه الحساب، فى الحياة قبل الممات.. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال : ألا انبئكم بأكبر الكبائر قالوا : بلى يا رسول الله.. قال الشرك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس.
واوجه كلمة إلى صاحب الرسالة وأقول له : استغفر ربك كثيرا، وراجع نفسك لتصحيح اخطائك، وبامكانك أن ترسل لأمك هدايا كثيرة من صدقة جارية وعمل صالح ودعاء دائم لها بالمغفرة واسال ربك أن يحنن قلب أولادك عليك، ولعلهم يتعظون مما حدث لك، وإلا فإنهم سيواجهون المصير نفسه.. ويا شباب ويا بنات أتمنى أن ترق قلوبكم ببر آبائكم وأمهاتكم، فالفرصة مازالت سانحة أمامكم.
تلقيت هذا التعليق من الداعية الإسلامى د. عمرو خالد.. وأرجو أن يستفيد الجميع من قصة كاتب رسالة... الحصاد المر، وإذا كان السعى إلى الرزق أمر من الله لقوله تعالى (فامشوا فى مناكبها، وكلوا من رزقه)، فإن ذلك لا يتعارض مع السؤال الدائم عن الابوين والتواصل معهما فى كل الظروف والأحوال.