بعد تعيينى سكرتيرا لتحرير جريدة الأهرام فى نهاية الثمانينات جاءنى أحد الزملاء ليخبرنى برغبة الأستاذ الكبير عبد الوهاب مطاوع رئيس تحرير مجلة الشباب فى أن أعمل معه.. وبعد انتشار الخبر بلحظات وجدت الكثير من الزملاء عدو أو حبيب يحذرنى من العمل مع هذا الرجل فهو يأتى للمجلة بعد الساعة العاشرة مساء ولا يبدأ العمل إلا بعد الثانية صباحا وينتهى منه فى الساعات الأولى من الصباح وأخيرا فهو شخص حاد الطباع لا يبالى بمن أمامه وقد يتركك واقفا لحظات طويلة دون أن يعرض عليك الجلوس. ورغم ذلك توكلت على الله وقررت خوض التجربة ووجدت كل ما قيل صحيحا ولكن على طريقة «لا تقربوا الصلاة» فهو يأتى متأخرا لأنه يظل نهارا يعيد صياغة الموضوعات الصحفية بحيث يأتى ليلا ومعه كل التحقيقات التى تم تسليمها له وقد حول الفسيخ إلى شربات بعد صياغة الكلمات وكتابة العناوين الجذابة .. يبدأ العمل متأخرا بالمجلة لكونه مشرفا على باب بريد الأهرام فهو يظل منذ قدومه يلتقى حالات إنسانية كثيرة ويصر على أن يسمع المشكلة بنفسه ويقوم بتقديم الحل أو المساعدة من دواء أو مال بنفسه أيضا . عندما تدخل عليه مكتبه يكون مستغرقا بشكل كبير فى المشكلات الإنسانية أو قراءة الموضوعات الصحفية فلا يحس بمن أمامه إلا بعد لحظات قد تطول.هذا الرجل استطاع أن يرفع توزيع مجلة الشباب من ألفين نسخة شهريا الى مائة وستين ألف نسخة، والغريب أن كتيبة الصحفيين الذين كان يقود بهم المجلة من الشباب وكان يكلفهم بإجراء تحقيقات وحوارات صحفية مع شخصيات يصعب على الصحفى المحترف أن يقوم بها ولكنه بخبرته وموهبته الصحفية استطاع أن يصنع منهم نجوما مازالت تتلألأ فى سماء الصحافة حتى الآن . الأستاذ عبد الوهاب مطاوع رحمة الله عليه كان كالمدرب المحترف والذى استطاع أن يقود فريق الشباب إلى قمة الصحافة الشبابية.. فالمدرب سيفشل لو حاول أن يكون لاعبا فاللعب له سن صغيرة تتسم بالحيوية والنشاط وأيضا اللاعب سيفشل لو بدأ حياته مدربا فأين الخبرة . يجب أن يكون هناك خط فاصل بين الشباب وشيوخ أى مهنة ويجب أن يبحث الشاب عن خبرة وعلم الشيوخ الذين اكتسبوها فى سن الشباب قبل أن يصرخ ويشكو من استبعاده عن تولى المناصب القيادية. لمزيد من مقالات عادل صبري