يعد فيلم «لا مؤاخذة» من الأفلام التى ترصد قضية شائكة وهى قضية الدين، ولكنها بطريقة مختلفة عما تعرضت لها أفلام من قبل. التأليف والإخراج لعمرو سلامة وهو ثالث أفلامه، والبطولة لكندة علوش (الأم) وأحمد داش (الطفل هانى). تدور أحداث الفيلم حول شخصية هانى عبد الله بيتر وهو طفل تنقلب حياته رأسا على عقب بعد وفاة والده، واكتشاف والدته انه ترك ديونا كثيرة، فتضطر لنقل ابنها الى مدرسة حكومية بعد أن كان فى مدرسة خاصة ليواجه مأزق الاختلاف الطبقى الشاسع بين المدرستين، ويزداد الموقف تعقيدا عندما يضطر لعدم الكشف عن ديانته المسيحية والاستسلام لفكرة زملائه ومدرسيه الذين لم يلاحظوا اسمه كاملا وظنوا أنه مسلم. اختار المؤلف عنوان الفيلم «لامؤاخذة» بمعنى هذا هو الواقع ولكن الشعور بإلإحراج، وزملاء هانى بالمدرسة الحكومية لقبوه بهذا الاسم لانه ينطبق عليه تماما، نظرا لأنه ينتمى لطبقة اجتماعية مرفهة وسط تلاميذ فقراء لا يفهم لغتهم فعندما سألهم المدرس فى أول يوم الدراسة عن وظيفة ابائهم، فرد كل تلميذ قبل مهنة أبيه (لا مؤاخذة) وكرر الشيء نفسه هانى وقال: لا مؤاخذة أبى مدير بنك... يمتاز الفيلم بالجمع بين السخرية والهزل مثل وجود وصف الأقباط «بالعضمة الزرقاء» وجمعهم فى فصل واحد ومشهد آخر هزلى عندما تخيل أن هناك مياها سكبت على رأسه عندما قال مدرس الفصل «الحمد لله كلنا مسلمون».. استخدم المخرج اسلوب الراوى (الفنان أحمد حلمي) وكأنه يروى قصة للأطفال ولكن سرعان ما كان يتخلى عنها فى المشاهد الواقعية وركز على التمييز الطبقى من خلال منظومة التعليم المتدنية داخل المدارس الحكومية التى تؤدى بالتالى لعدم احترام الأديان الأخري. فنجد التلاميذ متشردين أما المدرسون فهم أكثر شراسة، فمثلا منهم مدرس يهدد الأطفال باستخدام السلاح الأبيض فى حالات الشغب، بالاضافة الى ضعف مستواهم فى تدريس المواد، حتى الناظر ضعيف الشخصية وليس صاحب قرار.. نتيجة اضطهاد التلاميذ لهانى تولد فى شخصيته العنف فتعلم لعبة الجودو حتى يحمى نفسه من قسوة زملائه عليه.. وهنا حاول المخرج ان يطلق إنذارا وهو ان العنف يولد العنف ويخلق شخصية غير سوية.. فنجد اننا أمام نوعين من التمييز بالفيلم النوع الأول طبقى والثانى ديني. قدم الطفل أحمد داش دوره باقتدار .أما كندة علوش فتعتبر (ضيفة شرف) لأنها لم تظهر على الشاشة إلا فى مشاهد قليلة وغير مؤثرة فى الأحداث. بذل المخرج مجهودا لكى يجمع تلاميذ فى وقت واحد، فتركيزهم فى الوقت ذاته جميعا صعب..أما الأغانى والموسيقى التى قدمها هانى عادل كانت متماشية مع تسلسل الأحداث .الديكور جاء ملائما تماما. نحن أمام نوعية جديدة، فهى لا تمثل حياة المسيحيين مثل فيلم «بحب السيما» أو النهايات السعيدة بين المسلمين والمسيحيين وتعانق الهلال والصليب مثل «حسن ومرقص» لذا ترك المخرج النهاية مفتوحة من خلال نظرات الطفلين المسلم والمسيحى لبعضهما..