يشكل القرار أو بالتعبير الرسمى الأمر الملكي الذى أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أخيرا بتجريم مشاركة السعوديين فى أعمال قتالية خارج البلاد خطوة نوعية على صعيد محاربة آفة الإرهاب على المستويين الأقليمى والدولى وذلك وفقا لما تحدث ل «الأهرام» عدد من الخبراء والسفراء العرب بالقاهرة ففى رأى الدكتور عزمى خليفة الأكاديمى والسفير السابق بوزارة الخارجية فإن هذا الأمر يمثل خطوة مهمة ومتقدمة للغاية بل نوعية خاصة فى هذا التوقيت ومن شأنها لوطبقت على النحو الصحيح وهو ما سوف يحدث من قبل السلطات المعنية أن تؤثر بصورة فعالة سلبيا على الشبكات الإرهابية فى العالم، معربا عن قناعته بأنها لاتقل بأى من الأحوال بل تزيد على فكرة تجفيف منابع تمويل الإرهاب أى تقديم الدعم المالى والدعم البشرى له، والمملكة بهذه الخطوة تجرم الدعم البشرى للإرهاب بالدرجة الأولى خاصة أنها حددت عقوبات مغلظة لمن يقدم على القتال من مواطنيها خارج الحدود. ويلفت الدكتور خليفة الى أن تداعيات هذه الخطوة لاتقف عند حدود الخارج فحسب وإنما تمتد الى الداخل السعودى وذلك لسبب بسيط يتمثل فى أن عمليات التجنيد والتضليل للشباب فيها ستخضع لنفس المبدأ رغم أن القرار صادر بمنع مشاركتهم فى قتال خارج الحدود والذى إن كان قد جرم بشدة من خلال هذا القرار فإنه من باب أولى سيشدد العقوبات بدرجة أكبر فى أى ممارسة للإرهاب بكل أشكاله فى الداخل. ويرى الدكتور خليفة أن توقيت إصدار هذا الأمر ينطوى فى حد ذاته على أهمية استثنائية لاسيما مع تصاعد الأعمال التى تقوم بها جماعات إرهابية سواء فى المنطقة أو فى غيرها من العالم ويعرب الدكتور قيس العزاوى المندوب العراقى الدائم لدى الجامعة العربية عن تقديره للخطوة السعودية لأنها تجسد بوضوح إدراكا قويا وعميقا لمخاطر الإرهاب فى المنطقة وتنطوى فى الوقت ذاته على خطوة عملية من قبل أعلى السلطات فى المملكة لتجفيف منابعه وسد الأبواب أمام مشاركة الشباب السعودى فيه، مؤكدا أن القرار سيكون له تأثير كبير على المنطقة وبشكل خاص على العراق لاسيما فى ظل صدور فتاوى من بعض الشخصيات وفى مقدمتها الدكتور يوسف القرضاوى رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين تشجع أعمال الإرهاب وأعمال العنف سواء فى مصر أو فى العراق أو سوريا وغيرها من الدول العربية والاسلامية، وتأتى هذه الخطوة من قبل القيادة السعودية لتسهم فى وضع حد لتأثيرات هذه الفتاوى عبر إجراءات عملية وعقوبات مغلظة، الأمر الذى من شأنه أن يؤدى الى تقليص العمليات الإرهابية التى تزايدات فى السنوات الأخيرة على نحو شديد الخطورة وكانت السعودية واحدة من الدول التى عانت هذه العمليات، لافتا الى أن ثمة أهمية أخرى لهذه الخطوة تتجلى فى أنها تشكل رفضا لاستغلال الدين فى السياسة أو السياسة فى الدين من حيث إن القائمين على الإرهاب يتكئون دوما على منظور اسلامى غير صحيح لتجنيد وتضليل الشباب سواء فى المملكة أو غيرها من الدول العربية وبالتالى فسيكون لها دور مهم . وبذلك الكلام للدكتور قيس العزاوى فإن هذه الخطوة تتسم بالشمول، مطالبا الدول العربية بأن تقتدى بها فى إطار محاربتها للإرهاب، مشيرا الى أن حكومة بلاده العراق سبق أن طالبت القمة العربية الثالثة والعشرين التى عقدت فى بغداد فى مارس 2012 بإدراج مكافحة الإرهاب على جدول أعمالها ونفس الأمر طالبت به القمة العربية الأفريقية التى عقدت فى اكتوبر الماضى بالكويت وذلك لبدء تعاون بين دول المنظمتين لتجفيف مصادر الإرهاب وتبادل المعلومات وصولا الى محاربة هذه الآفة التى ابتلى بها العالم العربى والاسلامى على الرغم من تحريمها. ويثمن الشيخ راشد بن عبد الرحمن آل خليفة سفير مملكة البحرين بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية الأمر الملكى الذى أصدره خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك عبد الله بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية والذى يجرم من يقاتل خارج المملكة من السعوديين، أو الانتماء للتيارات أو الجماعات وما فى حكمها سواء كانت دينية أو فكرية متطرفة أو المصنفة كمنظمات إرهابية داخلياً أو إقليمياً أو دولياً، أو تأييدها أو تبنى فكرها أو منهجها بأى صورة كانت، وتحديد عقوبة السجن من 3 إلى 20 سنة. ويؤكد الشيخ راشد أن قرار العاهل السعودى يأتى من منطلق دور المملكة الرائد دائما للحفاظ على أمن واستقرار المنطقة العربية بأكملها، وينم عن الدور الفاعل والمهم للمملكة فى هذا الإطار، مشيرا إلى أهمية تبنى الدول العربية القرار السعودى تأكيدا على حرمانية الدماء والإرهاب الذى يُمارس من القلة من المتطرفين الذين يعملون على تقويض أركان الأمة، وأن هذا القرار يؤكد فى مضمونه على قيم الإسلام الوسطى التى تنبذ التطرف، ويضع شعوب ودول الوطن العربى فى مصاف الدول المتقدمة، ويبرز الصورة المشرفة التى تسهم فى ركب الحضارة الإنسانية وخدمة السلام العالمي. وأضاف فى هذا الإطار، قائلا: لقد كانت مملكة البحرين من أوائل الدول التى أعلنت وقوفها مع مصر قلباً وقالباً، فى محاربة الإرهاب، وتأييد الشعب المصرى لخارطة الطريق، وأكدت رفضها القاطع لأى مخططات تستهدف أمن مصر الشقيقة واستقرارها.